الوقت- إنتشرت في الآونة الأخيرة دراسات كثيرة حول تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" الإرهابيين، وأثيرت في الوقت نفسه تساؤلات حول أيّهما أخطر من الآخر.
ومن بين هذه الدراسات ما قام به مؤخراً "معهد دراسات الحرب" الأمريكي ومعهد "أمريكان إنتربرايز"، حيث خلصا إلى نتيجة مفادها أن "جبهة النصرة" أخطر بكثير من تنظيم "داعش" خصوصاً على المدى البعيد.
وذكرت قناة "سي إن إن" الأمريكية نقلاً عن هاتين الدراستين أن واشنطن تركز إهتمامها في الوقت الحاضر على تنظيم "داعش"، بينما تنشط جماعة إرهابية أكثر خطورة هي "جبهة النصرة" التي قد تهدد الأمن القومي الأمريكي في المستقبل.
وذكرت إحدى الدراستين أنّ سرعة التحرك في مواجهة "داعش" و"جبهة النصرة" ليست بدرجة واحدة، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن أمريكا وقعت في مطبات وفخاخ كثيرة في منطقة الشرق الأوسط، وقد نصبت غالبية هذه الفخاخ من قبل تنظيم "القاعدة" لاسيّما من قبل فرعها في سوريا، أي "جبهة النصرة".
وأشارت الدراسة كذلك إلى أن تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" يسعيان منذ مدة إلى تحقيق نفس الأهداف وفي مقدمتها إقامة ما يسمى "دولة الخلافة الإسلامية" في مناطق متعددة من العالم، إلاّ أنّهما يستخدمان وسائل مختلفة لتحقيق هذه الأهداف.
وأفادت الدراسة أن إسم "داعش" ورغم أنه مناسب أكثر من إسم "جبهة النصرة" لعناوين الصحف والمجلات بما يتبعه من نهج وحشي صادم للعالم، لكن حدوده لا تتعدى في الوقت الحاضر العراق وسوريا، في حين تواصل "جبهة النصرة" لعبتها بهدوء وتوجه أنظار العالم نحو أهداف أخرى لاستغلال الوقت وتهيئة الأرضية للعودة إلى الساحة العالمية بعد القضاء على "داعش".
وأضافت: في حين يمتد تأثير "داعش" على المناطق التي يسيطر عليها فقط في العراق وسوريا، فإنّ "جبهة النصرة" تضع سيناريوهات أخرى قد تستخدمها في مناطق متعددة من العالم، وقد تهدد الأمن القومي الأمريكي في المستقبل.
من جانبها أكدت "جينفر كافاريلا" الباحثة المتخصصة بالشؤون السورية في معهد "واشنطن دي سي لدراسات الحروب" أنّ تركيز الإدارة الأمريكية على تنظيم "داعش" فتح الباب أمام تنظيم "القاعدة" للعودة من جديد إلى الساحة العالمية عبر فرعها في سوريا "جبهة النصرة"، فيما أشار التقرير الذي أعده فردو كيم كاغان (مطور برنامج ما يسمى إستراتيجية الموجة المندلعة في العراق حول عقد من الزمان بشأن فرع تنظيم القاعدة في سوريا)، إلى أن تنظيم "داعش" ليس له أيديولوجية فكرية محددة مقارنة مع تنظيم "القاعدة" إلاّ أنّ كليهما يمثل تهديداً وجودياً على العالم بأسره خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، وذلك من خلال سعيهما الدائم لتعبئة عناصر إرهابية ضد شعوب هاتين المنطقتين.
ونوّه التقرير كذلك إلى أنّ "جبهة النصرة" على عكس داعش، تغلغلت بهدوء في صفوف المعارضة السورية، وهي الآن على أهبة الإستعداد لأخذ زمام المبادرة عند سقوط "داعش" بعد أن قررت ضم خلايا إرهابية جديدة إلى صفوفها، وتمكنت في الوقت نفسه من تجنب إستهدافها إلى حد ما من قبل "التحالف الدولي" الذي تقوده أمريكا لمحاربة الإرهاب في المنطقة.
وأشار التقرير أيضاً إلى أن تنظيم القاعدة إنتهج ما أسماه "اللعب من تحت الطاولة" وتحين الفرص لإعادة هيكلته وبناء قدراته من جديد، وخطط كذلك لكسب الوقت بعيداً عن الأضواء لتجهيز نفسه للعودة مرة أخرى للمسرح العالمي بعد هزيمة تنظيم "داعش"، مضيفاً أن "جبهة النصرة" سعت منذ مدة طويلة لخلق شبكة من العلاقات الواسعة مع مجموعات عديدة من التنظيمات الإرهابية بهدف توظيفها فيما بعد، لغرض فرض هيمنتها على الساحة كي لا تدع مجالاً للتنظيمات الإرهابية الأخرى لمنافستها في هذا المجال.
وذكر التقرير كذلك أنّ "جبهة النصرة" تستخدم نفوذها لإنشاء محاكم عامة وتقديم خدمات إجتماعية لترويج أفكارها في أوساط الدول التي تتواجد فيها، وقد ساعدها على ذلك تغلغلها وتداخل صفوفها مع مجتمعات تلك الدول.