الوقت- يعتبر موضوع السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني امرا صعبا للغاية، ففي وقت يبدي رئيس حزب العمال الكردستاني المسجون عبدالله اوجلان عدم رضاه من سير عملية السلام يوجه رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو انتقادات الى طرفي مفاوضات السلام قائلا ان هناك امورا كثيرة يجب ان لايتم نشرها في وسائل الاعلام، فما هي نقاط الخلاف بين الجانبين وهل يوجد افق للحل بين الطرفين؟
في وقت يعتبر الاكراد ان منتصف نيسان القادم هو المهلة المتبقية امام الحكومة التركية لتنفيذ بنود اتفاق السلام حذر الرئيس المشترك لمؤتمر المجتمع الديمقراطي الكردستاني "خطيب دجلة" الحكومة التركية، من نفاد صبر رئيس حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، ونقل خطيب دجلة على لسان اوجلان قوله "ان منتصف نيسان القادم، آخر مهلة أمام الحكومة التركية لتنفيذ بنود عملية السلام" .
وأوضح دجلة أن أوجلان لا يقصد تهديد أحد من خلال المهلة التي حددها، وإنما هي آخر فرصة لتحقيق عملية السلام، محذرا من أن "تركيا ستصبح جزءا من الصراع الدائر في الشرق الأوسط، ما لم تتوصل عملية السلام إلى الهدف المنشود منه".
ويقول خطيب دجلة ان مفاوضات السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية قد وصلت الى نقطة حساسة جدا، ويضيف دجلة "ان اوجلان كان قد أكد ضرورة عدم اعلان هذا الكلام في وسائل الاعلام لكننا قد ارغمنا على نشره نظرا للاوضاع السائدة الان".
ويضيف خطیب دجلة الذي زار اوجلان في سجنه بجزيرة إيمرالي في بحر مرمرة في غرب تركيا عقب لقاء برفقة وفد مؤلف من رئيس كتلة مؤتمر المجتمع الديمقراطي الكردستاني في البرلمان التركي بولدان بالوكان والنائب عن مدينة إسطنبول سري ثريا أوندير، ان على الحكومة التركية ان تدرك قيمة مفاوضات السلام في وقت لانعلم نحن بعد ما هو رأي الحكومة تجاه عملية السلام والمعطف التاريخي الذي نحن فيه.
في هذه الاثناء رفضت الحكومة التركية مقترحاً بوساطة طرف ثالث للمساعدة في التوصل إلى حل للصراع القائم منذ فترة طويلة مع الأقلية الكردية، وقال نائب رئيس الوزراء يالشين اق دوغان، ان هذه مسألة محلية، ولا نجد أنه من الصائب أن ندخل فيها دولة أو آلية أو نظام أو منظمة أخرى".
وهكذا تبدو عملية السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني بعيدة المنال بسبب التحديات التي تواجهها والتأخير في الحل الذي يزيد من التعقيد والتشابك بحكم العوامل الطارئة والتغيرات اليومية التي تحصل على وقع التطورات الجارية في الشرق الأوسط، فقد كادت المظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت احتجاجا على ما يجري في عين العرب أن تضع نهاية لهذه العملية لولا دعوة عبد الله أوجلان الاكراد إلى التهدئة، وحينها زار رئيس الاستخبارات التركية حقي فيدان أوجلان في معتقله من جديد وبحث معه صيغة تنقذ العملية السلمية لقناعة الطرفين بأن أي خيار آخر لن تكون نتيجته سوى جولة جديدة من العنف والدمار.
ويعتقد المحللون ان المماطلة التركية في عملية السلام تزيد من قناعة الاكراد بأن أنقرة غير جادة وتعمل على تأخير الحل إلى حين الانتخابات البرلمانية المقررة في صيف العام المقبل لمنع حزب العمال الكردستاني من الاستفادة من العملية السلمية كإنجاز، بما يعني أوسع مشاركة له في الحياة السياسية، في حين يقابل القناعة الكردية هذه اعتقاد تركي بأن الحزب الكردستاني غير جاد في العملية السياسية ويريد استغلال تحالفاته الإقليمية والتطورات الدراماتيكية الحاصلة في المنطقة لرفع سقف مطالبه وصولا إلى طرح شكل من أشكال الانفصال مجددا، بما يعني كل ذلك غياب الثقة بين الجانبين.
ولعل هذا ما دفع بالجانب التركي إلى التهديد بإلغاء عملية السلام، وقد دفع هذا الأمر بمجموعة الأزمات الدولية إلى التأكيد في تقرير لها (صدر التقرير في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني) إلى القول "إن عملية السلام التركية الكردية تمر بمنعطف حقيقي، فإما أن تنهار وبذلك تنتهي سنوات العمل وإما يلتزم الطرفان سريعا بالعمل للتقارب" مطالبا الطرفين بوقف التصعيد.
وبالنظر الى الاوضاع السائدة الآن في تركيا والمسائل الاقليمية والدولية المتشابكة التي تواجه الحكومة التركية بالاضافة الى التعنت التركي الواضح تجاه الاكراد ورد اوجلان على أنقرة بالتهديد والوعيد يمكن القول ان السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية هي من المستحيلات في الاوضاع الراهنة.