الوقت- تعد العلاقات العربية الروسية من أهم منطلقات السياسة الخارجية الروسية، وظهر الدور الروسي واضحا في كافة المواقف والقضايا الدولية والإقليمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، فقد عادت روسيا لتتصرف بنيويا كدولة عظمى، هذا ما ظهر من خلال زیارة الموفد الرئاسي الروسي، نائب وزير الخارجية الروسية لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف، للاطراف اللبنانیة المؤثرة سیاسیا في لبنان و المنطقة، ولا شک ان حزبا مثل حزب الله، نتيجة موقعه في لبنان، ونتيجة موقعه في تحالفات المنطقة و التي تتقاطع مع روسيا أكثر فأكثر نال حصة الاسد من اللقاءات. فقد انتقل بوغدانوف الی الضاحیة و التقی مع رئیس کتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، ثم عاد للقاء الامین العام لحزب الله سماحة السید حسن نصرالله. فما هو الهدف الروسي من هذا اللقاء؟ و ما هي تداعیاته؟
جرى خلال اللقاء بين الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله و المبعوث الخاص للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" ميخائيل بوغدانوف، التباحث في مختلف القضايا السياسية وتطورات المنطقة، لا سيما في لبنان و سوريا. و حضر اللقاء أيضا السفير الروسي في بيروت "ألكسندر زاسيبكين" ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله "عمار الموسوي".
و قد اعتبر بوغدانوف في زیارته ان لحزب الله موقف مهم في الشأن اللبناني وهناك صداقة قديمة وشراكة بين روسيا وحزب الله و رأی في اللقاء مع القادة في الحزب فرصة لتبادل الاراء و النقاش على أساس الثقة، و اضاف بوغدانوف ان الوضع خطير ومقلق و بدون الحوار بین جميع الاطراف المعنية لا يمكن ان نجد الحلول المناسبة و المضمونة للمشاکل و اکد علی ان السلطات الروسیة تسیر مع الشعوب العربیة على درب النضال من أجل حقوق الشعب العربي في المنطقة .
و بدوره اعتبر حزب الله ان اللقاء فرصة للاستماع لما يعترض جهودهم من عقوبات وصعوبات من أجل تسوية الازمات و ايجاد حلول لها بالطريقة السلمية فالصعوبات الكبيرة في المنطقة تواجه مسار الحلول و ان الطرف الاخر في المنطقة لا ینوي ايجاد حلول سياسية فالمراهنات کبیرة لتعديل موازين القوى.
وتحدثت مصادر روسية في موسكو ان المبعوث الروسي الرئاسي شرح للامین العام لحزب الله السید حسن نصرالله المبادرة الاخيرة للحل السياسي الذي بحثها في موسكو قبل أيام وزير الخارجية السوري وليد المعلم و اضافت المصادر الروسیة ان حزب الله يشكل ثقلا كبيرا على الارض السورية و لا بد من احاطته علما بالتدابير و الأسباب. و قالت المصادر ذاتها ان موسكو حريصة على ان تجعل الحل في سوريا داخليا و بين اطراف سورية فقط قطعا للطريق أمام التدخلات الخارجية. و أكدت المصادر ان روسيا تسعى الى عقد مؤتمر موسع في موسكو يضم معارضين سوريين وممثلين عن الحكومة السورية.
و یعبر هذا اللقاء عن موقف روسي علني مناهض تماما لموقف واشنطن التي تتعامل مع حزب الله على أنه إرهابي . وکما في الشکل کذلک في المضمون، فبوغدانوف تماما کحزب الله و القیادتین الروسیة و الإیرانیة، یعتبر "ان المعرکة في سوریة مصیریة" و لعله أوحى من ذلک أن الأمیرکیین و الغرب غیر جادین بالحل السیاسي في سوریة. فلا منطقة عازلة في سوريا، و الحوار بين السوريين وحده يصون وحدة سوريا و روسيا ملتزمة بدعمها لسوريا و بمواقفها المبدئية من الأزمات في المنطقة، مواقف اطلقها بوغدانوف في لقاءاته تعبر صراحة عن الموقف الروسي من الازمة السوریة.
لقاء بوغدانوف مع السید حسن نصر الله ، هو رسالة کبیرة في هذه اللحظة المفصلیة. وهذا ما یدفع للاعتقاد بأن موسکو تؤید فعلا و بقوة الآن أن یبقى النظام السوري قویا، حتى و لو تطلب ذلک إظهار هذه القوة عسکریا على الأرض. هذه رسالة مهمة جدا أیضا لکل الذین دعموا أطرافا أخرى من المعارضة السوریة. و یبدو أن بوغدانوف وبکل ما تقدم اکد من بیروت ان المرحلة الجدیدة مرحلة تحد کبیر.
اللقاء جاء تأكيدا علی علاقات الصداقة بین الطرفین، و ضرب لکل محاولات واشنطن للسیطرة الاحادیة علی القرار في الشرق الاوسط ، و تاکیدا علی دور حزب الله في انهاء الازمة القائمة فی سوریا. هذا ملخص اللقاء بین المبعوث الروسي ميخائيل بوغدانوف و الامین العام لحزب الله سماحة السید حسن نصرالله فماذا سیکون الرد الامیریکي ازاء هذا "التحدي العلني"؟ و هل یصح الحدیث الیوم عن حرب باردة جدیدة ؟