الوقت ـ أثار تدفق المهاجرين القادمين من حدود اليونان البحرية مع تركيا إلى أوروبا خلافا حادا بين أثينا وبروكسيل؛ حيث أعطى الإتحاد مهلة ثلاثة أشهر لليونان حتي تعالج الخلل الكبير في إدارتها لدخول المهاجرين إلى حدودها البحرية وهو وضع يرى فيها الإتحاد الأوروبي تهديدا لإتفاقية "شينغين" للتنقل الحر والذي يشمل اليونان وعلى هذا قدم عدة مقترحات لحل المشكلة بالتشاور مع دول الأعضاء وتركيا التي تعتبر بوابة تدفق المهاجرين إلى داخل اليونان و منها إلى أوروبا وأراضي الدول الأعضاء في إتفاقية شينغين.
والواقع أن المؤسسات والدول الأوروبية تعيش حالة تخبط غير مسبوقة بسبب إستمرار تدفق المهاجرين وطالبي اللجوء وتتهم المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء بالقصور فيما يتعلق بتقاسم هذا العبء وتقديم الحل المناسب له. ويرى الجهاز التنفيذي الأروبي أنه قام بما هو واجب عليه وأن الكرة حاليا في ملعب الدول الأعضاء وخاصة اليونان التي يهددها الإتحاد الأروبي بالطرد عن إتفاقية شينغين أو تعليق عضويتها، لكنها أعلنت أنها ليست قادرة بوحدها السيطرة على الحدود البحرية ولايمكن ضبط الحدود ما دام تواصل التركيا نقل المهاجرين غير القانونيين إلى أراضيها.
وأثبتت التجربة طيلة العقود الماضية أن الحكومة التركية ليست قادرة على المكافحة ضد الشبكات غير القانونية لنقل المهاجرين إلى اليونان فعلى هذا دخلت أثينا في حلقة مفرغة قديستغرق الخروج منها عدة سنوات ولذلك يمكن أن يكون تهديد اليونان بتعليق العضوية في إتفاقية شينغن بمنزلة الإعلان الصريح عن طردها من هذه الإتفاقية.
ومن جهة أخرى، إقترح الإتحاد الأوروبي على اليونان عددا من الخطوات لإصلاح الثغرات الخطرة في تعاملها مع أزمة المهاجرين، ما يضيف إلى الضغوط على أثينا لحماية حدود الإتحاد وفي حال لم تلتزم اليونان التي تعد البوابة الرئيسية التي دخل منها نحو مليون لاجئ ومهاجر إلى أوروبا العام الماضي، تلك الخطوات، من الممكن أن تسمح بروكسيل إلى عدد من دول الإتحاد بفرض رقابة على حدودها داخل فضاء "شينغين" بينما كان بإمكان المهاجرين وطالبي اللجوء في الماضي التنقل الحر في نطاق منطقة "شينغين" بعد الدخول إلى اليونان؛ لأن الإتفاقية تسمح لمن دخل في أراضي إحدى الدول الأعضاء لينتقل إلى البلدان الأخرى، فعلى هذا كان بإمكان المهاجرين العبور عبر حدود الدول الأوروبية المفتوحة أمامهم وتقديم طلبات اللجوء بعد الدخول في الأراضي اليونانية.
ويستبعد نجاح اليونان في ضبط حدودها طيلة الشهور الثلاثة مما يعزز إمكانية خروجها من منطقة "شينغين" لمدة تستغرق عامين على الأقل بينما يرى المحللين أن هذه المبادرة ولو بصورة مؤقتة ستؤدي إلى زيادة عدم الثقة لدى المواطنين اليونانيين تجاه الإتحاد الأوروبي خاصة أنهم عبروا عن معارضتهم مع المؤسسات الأوروبية طيلة السنوات الأخيرة وكان إنتصار "ألكسيس سيبراس" في الإنتخابات البرلمانية إحدى الإفرازات لهذه النظرة السلبية تجاه أوروبا وبقى التنقل الحر داخل حدود منطقة "شينغين" من الحوافز القليلة التي تثير الرغبات لدى المواطنين اليونانيين للبقاء داخل حدود أوروبا المتحدة ولاشك أن فقدانها سيسبب ثورتهم ضد العضوية في الإتحاد الأوروبي والخروج من منطقة "اليورو" الذي يرى بعض المحللين حدوثها أقرب من خروج اليونان من منطقة "شينغين".
على كل الحال، أصبحت قضية المهاجرين والأزمات الناتجة عنها عاملا لقلب المعادلة لتكون إمكانية خروج اليونان من منطقة "شينغين" أقرب إلى الواقع من مغادرتها منطقة اليورو ويعتبر تهديد الإتحادية الأوروبية بخروج أثينا من شينغين تصدعا كبيرا بين اليونان والإتحاد في بدايات عام 2016 والذي يمكن أن يأتي تعزيزها وخروج اليونان من منطقة شينغين بالكامل نتائج غيرمحمودة للإتحاد الأوروبي.