الوقت - تُعد النزاعات الحدودية بين دول مجلس التعاون من أكثر النزاعات حساسية و تعقيداً، و يرجع سبب ذلك إلى تأخر ظهور الحدود السياسية بين هذه الدول. وقبل إكتشاف النفط كان مفهوم الحدود الرسمية لا يعني الكثير بالنسبة لحكومات هذه الدول، إذ كانت سلطتها في بادئ الأمر تقتصر على الموانئ التابعة لها والواحات.
وإحدى هذه النزاعات یکمن في الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين الذي مرّ بعدّة مراحل كادت تصل في بعضها إلى حد الصدام المسلح بين الدولتين. وترجع جذور هذه المشكلة إلى فترة الاستعمار البريطاني، وتحديداً إلى عام 1937 حينما هاجمت القوات القطرية منطقة الزبارة الواقعة ضمن شبه الجزيرة القطرية (في الناحية الشمالية الغربية منها)، والتي كانت تعتبرها البحرين جزءاً منها.
ووفقاً لبعض المصادر لم تكتف قطر بانتزاع الزبارة المقر الأصلي لآل خليفة الأسرة الحاكمة في البحرين، بل سعت للسيطرة على مجموعة جزر بينها حوار وفشت الديبل وجزر أخرى صغيرة تشكل في مجموعها ثلث مساحة البحرين. ومعظم هذه الجزر غنيّة بالنفط والغاز والمياه العذبة، فضلاً عن موقعها الجغرافي الإستراتيجي.
وفي عام 1939 قررت بريطانيا القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، منح "أرخبيل" جزر حوار إلى البحرين، التي حوّلتها الأخيرة إلى موقع سياحي، إلاّ إن قطر لم تعترف بالقرار البريطاني في ذلك الوقت.
ذروة الصراع القطري - البحريني
في أبريل / نيسان 1986 أنزلت قطر قواتها على جزيرة فشت الديبل (فشت هي كلمة فارسية تعني الأراضي المغمورة بالمياه) التي تقع إلى الشمال الشرقي من جزيرة البحرين الرئيسية، حيث إحتجزت 29 من الموظفين وعمال البناء الذين كانوا يعملون في إنشاء مخفر لشرطة السواحل.
وفي 8 تموز /يوليو 1991 توجهت قطر بشكل منفرد إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا، وهي أعلى سلطة قضائية في إطار منظمة الأمم المتحدة، وطلبت من المحكمة تأييد إعلان سيادتها على جزر حوار وفشت الديبل وقطعة جرادة وإعادة ترسيم الحدود البحرية الفاصلة بين قيعان الأراضي والمياه اللاصقة لها والعائدة لكل من قطر والبحرين.
وفي 8 آب/ أغسطس 1991 تقدمت البحرين بطلب وتبعته بآخر في 14 تشرين الأول / أكتوبر 1991 لدى محكمة العدل الدولية طعنت فيهما بأساس الإختصاص الذي إستندت إليه قطر، كما إعترضت على تقدم قطر بشكل منفرد إلى المحكمة الدولية.
وفي عام 1992 إشتد الخلاف بين البلدين عقب إعلان أمير قطر السابق خليفة "بن حمد آل ثاني" قراراً يقضي بتحديد حدود المياه الإقليمية لبلاده بـ 44.4 كيلومتر، ما يعني ضم حوالي 10 جزر أخرى إلى قطر ، في حين كانت البحرين تقول إنها تابعة لها.
وحددت محكمة العدل الدولية تاريخ 28 أيلول /سبتمبر 1992 موعداً لتقديم قطر وثائقها إلى المحكمة، كما حددت اليوم التالي ( 29 أيلول) موعداً لتقديم البحرين وثائقها. وفي تموز / يوليو 1994 أصدرت المحكمة حكماً بشأن قبولها النظر في قضية تحديد الحدود البحرية والمسائل الإقليمية بين البلدين.
وفي شباط / فبراير 1999 سجلّت المحكمة الدولية رسمياً تخلي الدوحة عن الوثائق التي ثبت أنها مزورة. وفي مطلع عام 2001 رفضت المحكمة الدعوى القطرية للمطالبة بجزر حوار، لكنها أقرت سيادتها على جزر زبارة وجنان وحدّ جنان.
وكاد الخلاف أن يجر البلدين إلى حرب ضروس، عندما بدأ الجانبان بتحريك قواتهما المتمثلة ببضعة قوارب عسكرية، ولولا تدخل بعض الأطراف الإقليمية لوقعت الحرب.
سحب السفراء
في الخامس من آذار / مارس 2014 قررت ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون هي السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، وذلك بعد إتهامها بالتدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول بشكل مباشر أو غير مباشر سواء عن طريق العمل الأمني أو محاولة التأثير السياسي أو دعم الإعلام المناوئ. وتحدثت أنباء عن أن السعودية كانت تسعى في حينها لإخراج قطر من مجلس التعاون.
هذه الخلافات وغيرها جعلت من قطر والبحرين وباقي دول مجلس التعاون عرضة لتدخلات القوى الأجنبية التي ترغب بفرض إرادتها ليس على هذه الدول فحسب؛ بل على عموم المنطقة. ولهذا يجدر بحكومات تلك الدول توجيه إهتمامها إلى قضايا أهم لتعزيز الأمن والإستقرار في المنطقة التي تتعرض في الوقت الحاضر لهجمة شرسة تستهدف تمزيقها ونهب ثرواتها والعبث بمقدرات شعوبها خدمة للكيان الإسرائيلي وحلفائه الغربيين وعلى رأسهم أمريكا.