الوقت ـ باتت فرنسا ومنذ فترة، تحاول القيام بدور جديد في منطقة الشرق الاوسط، لا يقل أهمية عن الدور الذي تلعبه أمريكا وبريطانيا في منطقتنا غير المستقرة بفضل تدخلات مثل هذه الدول الأجنبية. وتهدف هذه السياسة الفرنسية في الأساس الی جني عشرات المليارات من الدولارات، من خلال بيع الطائرات ومختلف الاسلحة الاخری في أسواق الدول العربية، خاصة السعودية والإمارات وقطر، عبر إثارة مخاوف هذه الدول من وهم الخطر الإيراني. ولا يحتاج كثيرا من التفكير لمعرفة الاضرار التي لحقت بالمنطقة إثر سياسيات الدول الغربية في هذه البقعة من العالم. حيث أن جميع ما تبيعه الدول الغربية ومن بينها فرنسا من أسلحة فتاكة لدول المنطقة، يستخدم ضد شعوبها، دون أن تطلق رصاصة منه ضد عدو الإمة، الكيان الإسرائيلي.
الشعب الإماراتي والسعودي ليس بحاجة لشراء مزيدا من السلاح خاصة في ظل مزيدا من التدهور وتراجع أسعار النفط التي وصلت الی ادنی مستوياتها خلال الاعوام الاخيرة، بل أن شعوب مثل هذه الدول تحتاج الی مزيدا من الرخاء، والتنمية الإقتصادية والديمقراطية، وهذا ما سيكون الوصول الیه محالا في حال تبددت أموال هذه الدول علی عقد صفقات استيراد السلاح الأمريكي والفرنسي، بعشرات المليارات سنويا.
وعلی صلة بما سلف، فان جميع الأزمات التي تعاني منها المنطقة، هي أزمات مصطنعة اساسا من قبل الغرب، مثل الإرهاب، وأن تخوّف دول المنطقة من بعضها البعض يعود لأسباب وهمية لا حقيقة لها علی الاطلاق. حيث تسعی الدول الغربية الی افتعال الأزمات بين دول المنطقة وتخويف بعضها عن البعض، بهدف تعبيد الطريق لبيع أكبر كمية ممكنة من منتجات مصانع السلاح الغربي، لدوام حركة عجلة الإقتصاد الغربي.
دول المنطقة تحتاج الی حوار شامل لحل خلافاتها مع بعضها البعض، ولا تحتاج الی السلاح، وهذا ما لا يروق للدول الغربية والسيد "فابيوس" وزير خارجية فرنسا، الذي يطمح الی نهب ثروات الدول العربية.
فقد زار بالامس "لوران فابيوس" الإمارات ونشرت الصحافة الإماراتية أنه بحث مع المسؤولين الإماراتيين ومن بينهم "محمد بن زايد آل نهيان" ولي عهد أبوظبي، تطورات ومستجدات المنطقة ومن بينها "مكافحة الإرهاب"!، وكذلك التعاون بين الإمارات وفرنسا. فلابد أن نسأل عن اي تعاون تقوم به فرنسا مع الإمارات، سوی تصدير السلاح والسلع الإستهلاكية. وايضا اسمحو لنا أن نسأل عن اي إرهاب تتحدث الإمارات وفرنسا، هل هو الإرهاب الذي يقوم به الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، أو ما تقوم به داعش ضد الشعب السوري والعراقي، فانه بالطبع سيكون الجواب: كلی. لكن علی مايبدو فان التعاون الذي تتحدث عنه الإمارات وفرنسا، هو دعم المجموعات المسلحة ضد سوريا، لأن كلی الدولتين تعتبران إجراءات الجيش السوري الذي يدافع عن البلاد "إرهابية"، وبالعكس من ذلك، فان أبوظبي وباريس تعتبران تصرفات الجماعات المسلحة السورية، مشروعة وتستحق الدعم!.
وبعد الإمارات فقد زار وزير الخارجية الفرنسي، السعودية والتقی بملك "سلمان" ووزير خارجيتها "عادل الجبير" وكذلك القتی بولي ولي العهد "محمد بن سلمان" ومسؤولين آخرين. وتباحث الوزير الفرنسي مع المسؤولين السعوديين حول الأزمة السورية والحرب علی الیمن والاتفاق النووي مع إيران وكذلك القضية الفلسطينية. ويفهم من كلام "فابيوس" من خلال حواره مع قناة العربية السعودية وكذلك مع المسؤولين السعوديين حول الإتفاق النووي، أن فرنسا لاتزال تسعی الی تخويف دول المنطقة ومن بينها السعودية، من البرنامج النووي الإيراني، لتشجيع الرياض علی عقد مزيدا من صفقات السلاح مع باريس. حيث قال "فابيوس" في هذا الصدد وفق ما نقلت العربية: " أن فرنسا كانت وما زالت واضحة فيما يخص المتابعة المستمرة لخطوات إيران التي يجب أن تظهر التزامها الكامل والمستمر لتنفيذ بنود الاتفاق رغم رفع العقوبات عنها". والقضية الاخری التي تستوجب الالتفات وفق ما جاء علی موقع وكالة الأنباء السعودية، فان "فابيوس" اجری محادثات مع وزير الخارجية السعودي خلال زيارته الرياض، دعی خلالها لبدء مفاوضات اخری بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي!.
إذن فان زيارة "فابيوس" للدول العربية جائت لبث الخوف في نفوس هذه الدول من البرنامج النووي الإيراني الذی أعتبره الغرب نفسه لا يشكل خطرا علی العالم، وحث الدول العربية علی عقد صفقات شراء سلاح جديد مع باريس، بالاضافة الی تشجيع السعودية والإمارات علی مواصلة دعم المجموعات المسلحة السورية وكذلك حث العرب علی بدء مفاوضات عبثية اخری مع الكيان الإسرائيلي، لاعطاء تل أبيب فرصة اخری بهدف استكمال مشاريعها الإستيطانية في الضفة المحتلة وكذلك الالتفاف علی الانتفاضة الثالثة.