الوقت- في إطار محاولاته الرامية لتشكيل ما يسمى "التحالف العسكري الإسلامي" زار ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان العاصمة الباكستانية إسلام اباد للتباحث مع مسؤوليها بشأن الموضوع الآنف الذكر، إضافة إلى قضايا أخرى في مقدمتها التوتر الحاصل بين طهران والرياض على خلفية جريمة إعدام الشيخ نمر باقر النمر على يد السلطات السعودية وقيام الأخيرة بقطع علاقاتها مع إيران إثر اقتحام عدد من المواطنين الإيرانيين الغاضبين لسفارتها في طهران.
والتقى محمد بن سلمان خلال هذه الزيارة برئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف ووزير الدفاع خواجا عاصف ورئيس أركان الجيش الجنرال رحيل شريف.
وقبل عدّة أيام قام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير بزيارة إسلام آباد والتقى برئيس الوزراء ومستشاره للشؤون الخارجية سرتاج عزيز، في وقت تصاعدت فيه حدة الاحتجاجات في عموم باكستان ضد سياسة الرياض. حيث يتهم المحتجون السعودية بالسعي لبث الفرقة الطائفية بين المسلمين وإرتكاب جرائم شنيعة بحق المسلمين لاسيما ضد الشعب اليمني وإعدام الشيخ النمر.
وتسعى الرياض من خلال هذه الزيارات إلى إقناع المسؤولين الباكستانيين بتقوية "التحالف العسكري الإسلامي" بعد أن ترددت أنباء تشير إلى أن إسلام آباد لم تكن تعلم بتفاصيل هذا التحالف الذي تزعم السعودية بأنه يضم 34 دولة إسلامية ويهدف إلى مواجهة الجماعات الإرهابية في عدد من دول المنطقة بينها أفغانستان وليبيا وسوريا ومصر والعراق.
وفي أعقاب زيارة مسؤوليها إلى إسلام آباد زعمت السعودية بأن مواقف باكستان تتطابق مع مواقفها بشأن تشكيل "التحالف العسكري الإسلامي" والتوتر الحاصل بينها وبين إيران، في حين أشارت مصادر مقربة من رئيس الوزراء الباكستاني إلى أنه دعا إلى تهدئة الاجواء بين طهران والرياض وتسوية الأزمة بينهما بالطرق السلمية لتعزيز الوحدة بين المسلمين. وأعرب نواز شريف عن استعداده للعب دور الوساطة لحل الخلاف بين الجانبين.
وكانت إسلام آباد قد أعلنت في وقت سابق بأنها لم تقرر بعد حجم ومستوى مشاركتها في "التحالف العسكري الإسلامي" الذي دعت له السعودية لأنها لا تمتلك تفاصيل كافية عن أهداف وحقيقة هذا التحالف.
يأتي هذا في وقت يتهم فيه الكثير من المراقبين السعودية بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية والتكفيرية بالمال والسلاح ومن بينها "داعش" و "القاعدة" و" طالبان "وجبهة النصرة" و"بوكو حرام" وغيرها من التنظيمات المتطرفة.
وتجدر الاشارة إلى توفر أدلة ووثائق كثيرة تثبت تورط الرياض وأنقرة والدوحة في دعم وتمويل الجماعات إرهابية بالتعاون مع أمريكا وبريطانيا وحلفائهما الغربيين لتنفيذ عمليات إجرامية في العديد من دول المنطقة بينها العراق وسوريا واليمن.
ووصف العديد من الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين مزاعم المسؤولين السعوديين حول تطابق مواقف إسلام آباد مع مواقفهم بشأن "التحالف العسكري الإسلامي" والتوتر السياسي بين إيران والسعودية بأنه مبالغ فيه، مؤكدين في الوقت نفسه ان الرياض لايمكنها ان تقنع إسلام آباد بالانضمام إلى تحالفاتها لأن الأخيرة تواجه ظروفاً سياسية وعسكرية صعبة في الوقت الحاضر بسبب إنشغالها بالدفاع عن أراضيها لمنع تسلل العناصر الإرهابية الوافدة من أفغانستان والتي تهدد الأمن والاستقرار في هذا البلد.
ويؤكد المراقبون كذلك بأن زيارات المسؤوليين السعوديين الأخيرة إلى إسلام آباد فشلت في إقناع الأخيرة بقطع أو خفض مستوى علاقاتها مع طهران، كما فشلت في إقناعها بإشراك قواتها المسلحة في العدوان السعودي المتواصل على اليمن.
ويرى المتابعون للشأن السعودي بأن الرياض باتت ترى وجودها ومستقبلها في إفتعال المزيد من الأزمات، ولهذا أقدمت على إرتكاب جريمة إعدام الشيخ النمر والعشرات من المعارضين لسياساتها الداخلية والخارجية، معربين في الوقت ذاته عن اعتقادهم بأن هذه السياسة لن تفلح في إنقاذ نظام آل سعود من السقوط الحتمي ولن تؤخر في زوال ملكهم، في حين يعتقد المراقبون أن سياسة طهران الرامية إلى نزع فتيل الأزمة مع السعودية وتهدئة الأوضاع في عموم المنطقة هي التي ستنتصر في خاتمة المطاف لأنها سياسة عقلائية نابعة من حرص إيران على إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة وتعميق علاقاتها مع كافة دولها لاسيما دول الجوار في جميع المجالات لخدمة شعوبها بعيداً عن أي تدخل أجنبي.