الوقت- صباح يوم السبت، وبعد انطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب، أدت الصواريخ التي أطلقت من اليمن إلى إصابة أكثر من 16 شخصاً، في الوقت نفسه، أعلن الجيش الإسرائيلي أن جهود اعتراض الصاروخ باءت بالفشل، وأن الصاروخ أصاب ملعبًا، ويأتي هذا الهجوم بعد يوم من قيام طائرات حربية إسرائيلية بمهاجمة أهداف في اليمن، وفي الوقت نفسه، فإن وقوع هذا الهجوم يدل على أن المعادلات في المنطقة هذه الأيام تسير ضد إرادة "إسرائيل".
ما هي المناطق اليمنية التي تم قصفها؟
ونفذت المقاتلات الإسرائيلية هجمات على الأماكن الحيوية في اليمن، بما في ذلك الموانئ والبنية التحتية ومحطات الكهرباء، ومن بين هذه المواقع، هناك محطتان مركزيتان لتوليد الكهرباء، حزيز وذهبان، جنوب وشمال العاصمة صنعاء، وحسب المسيرة انقطعت الكهرباء عن آلاف الأسر.
في غضون ذلك، نفذت هجمات أخرى في محافظة الحديدة الساحلية وميناء الحديدة ومنشآت رأس عيسى النفطية، ما أدى إلى استشهاد وجرح 9 أشخاص، وقال مصدران في ميناء الحديدة لرويترز: إن الهجوم الإسرائيلي دمر زورقاً واحداً، لكن الميناء كان به عدة سفن أخرى راسية على الرصيف.
استخدام صواريخ بالموجات فوق الصوتية
وقال يحيى سريع المتحدث باسم الجيش اليمني، عن الهجوم الأخير على "إسرائيل"، إنهم أطلقوا صواريخ باليستية تفوق سرعتها سرعة الصوت على "هدفين عسكريين خاصين وحساسين في منطقة يافا المحتلة" قرب تل أبيب، ولم يتم الإعلان عن نوع هذه الصواريخ على وجه التحديد، ومع ذلك، فإن استخدام هذه الأنواع من الصواريخ من قبل اليمنيين يظهر أنهم لم يظهروا أوراق لعبهم بشكل كامل بعد، ومن المحتمل أن يستخدم اليمن معدات وأسلحة أحدث في هجماته المستقبلية ضد "إسرائيل".
ومن ناحية أخرى، أظهر ضرب الصواريخ اليمنية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت أهدافا في المناطق المحتلة مرة أخرى ضعف كيان الدفاع الإسرائيلي، وذلك على الرغم من أن القوات الإسرائيلية ادعت خلال العام الماضي، في نفس وقت حرب غزة، أنها تستخدم أحدث التقنيات لتعزيز كيان القبة الحديدية.
لماذا تم قصف اليمن؟
وقال مسؤولون أمنيون إسرائيليون: إن تل أبيب تستعد لشن هجمات واسعة النطاق على اليمن، ونقل راديو وتلفزيون "إسرائيل" عن مصدر إسرائيلي قوله: إننا أرسلنا رسالة إلى الأمريكيين ونتوقع أن تتزايد هجماتهم على اليمن، ويعد الهجوم الأخير على اليمن هو الهجوم الثالث لـ"إسرائيل" منذ بداية حرب غزة، والهجوم الأول في الشهر الماضي والهجوم الثاني منذ سبتمبر الماضي، والذي ارتبط باستهداف ميناء الحديدة ومنشآت محطة كهرباء الحديدة.
ويزعم المسؤولون الإسرائيليون أن اليمن هو مركز الأسلحة والصواريخ الإيرانية، وفي هذا الصدد، قال الجيش الإسرائيلي: إن هجوم الجيش اليمني يستخدم ميناء الحديدة لتلقي الأسلحة الإيرانية، وطبعاً جزء من هجمات القوات الصهيونية على مراكز قيادة قواتي في صنعاء؛ لقد كانت عاصمة هذا البلد، لكن لا يبدو أن هذه الهجمات كان لها أي تأثير في إيقاف القوات اليمنية.
ولطالما اتهم المحللون وأجهزة المخابرات الغربية إيران بتسليح القوات اليمنية، لكن طهران تنفي هذا الادعاء ولم تساعد الضربات الجوية للتحالف الأمريكي البريطاني كثيرًا في ردع القوات اليمنية، وترى إليونورا أرديماني، الخبيرة في معهد الدراسات السياسية الدولية في إيطاليا، أن الهجوم الجوي الإسرائيلي على ميناء الحديدة سيزيد من قوة اليمنيين، تمامًا كما أثرت الهجمات الأمريكية والبريطانية على المواقع العسكرية اليمنية منذ يناير 2024 حتى الآن.
وقال بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، في بيان له: إنه "بعد حماس وحزب الله وبشار الأسد في سوريا، أصبحت القوات اليمنية تقريبا الذراع الأخير المتبقي للمحور الإيراني، وسيعلم اليمنيون أن هؤلاء ومن يهاجم إسرائيل سيدفع الثمن"، مثل هذه الادعاءات سبق أن أطلقها نتنياهو ضد حزب الله في لبنان وحماس في غزة، ولكن على الرغم من أن نتنياهو صرح بأن هدفه من الحرب في غزة ومن ثم لبنان هو تدمير حماس وحزب الله، إلا أن أيا من هذه الأهداف لم يكن متوافقا مع أن وجود حرب ثقيلة يشنها الكيان الصهيوني لم يتحقق بعد، وفي الواقع لم تنجح "إسرائيل" في تدمير حماس وحزب الله حتى اليوم بعد عام من الحرب.
وفي وقت سابق، قال أهارون زيفي، رئيس مركز أمان الأسبق: إن الحرب في غزة مستمرة رغم أن "إسرائيل" لم تحدد لها أي هدف نهائي، وبالتالي لا يمكن للجيش مواصلة القتال دون معرفة الهدف النهائي للحرب. كما أفاد "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" ومقره "واشنطن العاصمة" في تحليل للعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال: "إذا كنت تريد السلام، دمر حماس، إذا كنت تريد الأمن، دمر حماس، إذا كنتم تريدون مستقبلاً لإسرائيل والفلسطينيين والشرق الأوسط، دمروا حماس"، كما وافق الرئيس الأمريكي بايدن على ضرورة القضاء على حماس بشكل كامل، لكن حماس لم يتم تدميرها بعد، ومن غير المرجح أن يتمكن نتنياهو من تدمير القوات اليمنية، كما فشل في هزيمة حماس.
هجوم يوم الخميس
شنت "إسرائيل" هجوماً واسعاً على اليمن، اليوم الخميس، قصفت خلاله مطار صنعاء الدولي وميناء الحُديدة، فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي رفع مستوى التأهب في صفوفه تحسبا لرد محتمل من جماعة أنصار الله، وأعلنت جماعة أنصار الله يوم أمس أن الغارات الإسرائيلية على مطار صنعاء ومنشآت في الحديدة أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة 40 آخرين.
وأوضحت وسائل إعلام تابعة للجماعة أن "العدوان استهدف بسلسلة من الغارات مطار صنعاء ومحطة كهرباء حزيز بمديرية سنحان"، كما استهدف محطة رأس كثيب الكهربائية وميناء رأس عيسى في الحديدة غرب اليمن.
من جانبه، قال الناطق باسم جماعة أنصار الله، محمد عبد السلام إن استهداف مطار صنعاء الدولي وغيره من البنى التحتية المدنية "إجرام صهيوني بحق الشعب اليمني"، وتابع قائلا: "إذا فكر العدو أن إجرامه يوقف اليمن عن مساندة غزة فهو واهم، ولن يتخلى اليمن عن ثوابته"، وتزامنت الغارات الإسرائيلية مع خطاب متلفز لزعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي قال فيه: إن "عملياتنا الصاروخية كسرت التفوق الدفاعي لكيان العدو الإسرائيلي وتصنع مخاوف كبيرة لديه."
وعيد إسرائيلي
من ناحية أخرى، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -في تصريحات بثها التلفزيون من داخل غرفة عمليات- أن "إسرائيل" هاجمت "أهدافا للحوثيين في صنعاء والحديدة".
بدوره، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس "شاهدنا عملية دقيقة لسلاح الجو وضرب أهداف إستراتيجية للحوثيين"، وأضاف: إن "من يهاجم إسرائيل سنهاجمه وسنلاحق كل قادة جماعة أنصار الله ونهاجمهم كما فعلنا في أماكن أخرى".
وفي تصريحات أخرى للقناة الـ14 الإسرائيلية، قال نتنياهو: "لم ننته من اليمن بعد، بل بدأنا معهم للتو وسنضربهم بكل قوة"، وأضاف إن "هناك الكثير مما سنفعله مع قوات أنصار الله اليمنية"، وتابع قائلا: "في الـ9 من أكتوبر (تشرين الأول) قلت إننا سنغير وجه الشرق الأوسط، وها نحن اليوم نفعل ذلك"، وذكرت القناة الـ13 الإسرائيلية أن نتنياهو دعا إلى اجتماع "لتقدير الموقف" في مقر وزارة الدفاع بتل أبيب.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي: إنه هاجم "أهدافا تابعة لقوات أنصار الله اليمنية في القطاع الساحلي وفي عمق اليمن"، مشيرا إلى أن الهجوم جاء "تنفيذا للخطط التي أقرها رئيس الأركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء"، ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر قولها: إن الهجوم على اليمن "لم تتم الموافقة عليه من مجلس الوزراء، بل من نتنياهو وكاتس."
تنديد بالهجوم
وقالت إيران إنها تدين بشدة "العدوان الصهيوني على مرافق البنية التحتية اليمنية"، وفقا لما جاء في بيان لوزارة الخارجية، وأضافت إن الهجوم على اليمن "انتهاك للمعايير الدولية، وخُطط له ونفذ بدعم أمريكي وبريطاني"، وكذلك، قال حزب الله اللبناني: إن "العدوان على اليمن جاء نتيجة فشل العدو في مواجهة الضربات العسكرية اليمنية"، واصفا الهجوم بأنه "انتهاك فاضح للقوانين الدولية والإنسانية وإمعان في توحش العدو على شعوب منطقتنا".
من جانبها، قالت حركة المقاومة الإسلامية ( حماس): إن "العدوان الصهيوني على اليمن إرهاب واعتداء سافر على السيادة اليمنية"، داعية الدول العربية والإسلامية إلى "ردع الاحتلال، والتضامن في مواجهة انتهاكاته بحق شعوب المنطقة"، وأضافت الحركة إنها تثمن المواقف اليمنية التي عبر عنها أنصار الله وتأكيدهم أن العدوان على اليمن لن يثنيهم عن إسناد الشعب الفلسطيني.