الوقت- في السنوات الأخيرة، ازدادت وتيرة الاعتقالات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مستهدفةً الشباب والمقاومين. هذه الظاهرة أثارت جدلًا واسعًا داخل المجتمع الفلسطيني وخارجه، حيث اعتبرها الكثيرون انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان وتراجعًا عن المبادئ النضالية التي قامت عليها الحركات الوطنية الفلسطينية. تأتي هذه الاعتقالات في سياق معقد توترات أمنية وسياسية، حيث تدعي السلطة الفلسطينية أنها تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الداخلي ومواجهة الأعمال التي تعتبرها "عنفًا" أو "جرائم". ومع ذلك، فإن الأدلة المتزايدة على الانتهاكات الحقوقية، مثل التعذيب والمعاملة القاسية، تثير تساؤلات جدية حول شرعية هذه الإجراءات وأهدافها الحقيقية.
تُظهر التقارير الدولية والمحليّة أن العديد من المعتقلين يواجهون ظروفًا معيشية صعبة وانتهاكات جسيمة لحقوقهم الأساسية، مما يزيد من معاناة أسرهم والمجتمع الفلسطيني ككل. هذه الممارسات لا تقتصر على المقاومين فحسب، بل تمتد لتشمل نشطاء حقوقيين وسياسيين معارضين، مما يعمق الانقسامات الداخلية ويزيد من التوترات الاجتماعية. في ظل هذا الواقع، لا يمكن القول الا ان السلطة الفلسطينية تخدم كيان الاحتلال الصهيوني.
سلطة عميلة للاحتلال في قلب فلسطين
في ظل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر، تثار تساؤلات جدية حول دور السلطة الفلسطينية في خدمى كيان الاحتلال الصهيوني، أثارت العديد من الإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية جدلًا واسعًا، حيث اعتبرها الكثيرون تعاونًا مع الاحتلال الإسرائيلي على حساب المقاومة.
تظهر التقارير والشهادات أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تقوم بعمليات اعتقال واسعة النطاق ضد الشباب والمقاومين، بناءً على أوامر صادرة عن السلطات الإسرائيلية. هذه الاعتقالات تهدف إلى تحجيم الأنشطة النضالية ومواجهة ما تعتبره السلطة "أعمال عنف" .
من الناحية السياسية، يُنظر إلى هذا التعاون الأمني على أنه جزء من اتفاقات أوسلو التي وُقعت في التسعينيات، والتي كانت تهدف إلى إقامة حكم ذاتي فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومع ذلك، فإن هذا التعاون الأمني قد أدى إلى تعميق الانقسامات الداخلية بين الفصائل الفلسطينية، خاصة بين حركتي فتح وحماس. ترى حماس وغيرها من الفصائل المقاومة أن هذا التعاون يتناقض مع الأهداف النضالية ويضعف من قدرة الشعب الفلسطيني على مقاومة الاحتلال.من الناحية الإنسانية، تؤدي هذه الاعتقالات إلى توترات اجتماعية ونفسية كبيرة، حيث تواجه الأسر المعتقلين صعوبات جمة. كما أن هذه الممارسات تزيد من الشعور بالخيبة والأمل بين الشباب الفلسطيني.
في المقابل، تدعي السلطة الفلسطينية أنها تهدف إلى الحفاظ على الاستقرار الأمني في الضفة الغربية. ومع ذلك، فإن هذه الإجراءات تثير تساؤلات حول مدى شرعية هذه الممارسات وأهدافها الحقيقية، خاصة في ظل الانتهاكات الحقوقية التي ترتكب بحق المعتقلين.
حماس .... تتهم السلطة بالتعاون مع الاحتلال
دانت حركة المقاومة الإسلامية حماس إقدام السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية على قتل الشاب ربحي الشلبي برصاص الأجهزة الأمنية التابعة لها. واعتبرت الحركة هذه الواقعة تجاوزًا لكل الخطوط الحمراء وطالبت بحراك فصائلي وشعبي واسع لمواجهة ذلك.وذكرت الحركة في بيانها أن مشاهد ما وصفته بـ"إعدام الشهيد الشلبي" في جنين تستدعي حراكًا فصائليًا وشعبيًا واسعًا وتُكشف عن المستوى الخطير الذي وصلت إليه أجهزة السلطة. ووصفت الحركة قتل الشلبي بأنه "جريمة بشعة"، مشيرة إلى أن "المشاهد التي وثقتها الكاميرات لعملية الإعدام تكشف المستوى الهابط الذي وصلت إليه هذه الأجهزة من انعدام الضمير والأخلاق في التعامل مع أبناء شعبنا وأبطال المقاومة".وأضاف البيان أن هذه الجريمة التي تتجاوز كل الخطوط الحمراء تستدعي حراكًا فصائليًا وشعبيًا واسعًا لوقف ما وصفته بـ"تجاوزات أجهزة السلطة الخطيرة تجاه المجتمع الفلسطيني"، والتي تتزامن مع حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة.ودعت حماس جميع الفصائل والقوى الوطنية وكل مكونات الشعب الفلسطيني ومؤسساته السياسية والقانونية والحقوقية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه ما تتعرض له جنين وعموم الضفة الغربية على يد أجهزة السلطة.
وذكر البيان أن الشاب ربحي محمد ربحي الشلبي (19 عامًا) قُتل بنيران مركبة عسكرية تابعة للأجهزة الأمنية في مخيم جنين، بينما أصيب ابن عمه حسن الشلبي بجروح نُقل على إثرها إلى مستشفى جنين لتلقي العلاج. وفي مقطع فيديو آخر، روى الشاب المصاب حسن الشلبي تفاصيل ما جرى معهم، مؤكداً أن عناصر من الأجهزة الأمنية أطلقوا النار عليهم من مسافة صفر من داخل الآلية العسكرية.وتندلع عادة اشتباكات بين مقاومين وعناصر الأمن الفلسطيني في مدن شمال الضفة الغربية، خاصة في جنين وطولكرم، تزامناً مع الاجتياحات المتواصلة لقوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين والإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.وتطالب حركة حماس بفتح تحقيق فوري وشفاف في هذه الحادثة، وإلى جانب ذلك، تدعو إلى وقف جميع الاعتقالات السياسية والتعاون الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، مشددة على أن هذه الإجراءات تزيد من تعقيد الوضع في الضفة الغربية وتؤدي إلى توترات اجتماعية ونفسية خطيرة.ووفقًا لبيانات حقوقية، تعتقل أجهزة السلطة في الضفة المحتلة أكثر من 150 مواطنًا فلسطينيًا، بينهم مقاومون ومطاردون من قِبل الاحتلال وطلبة جامعات وأسرى محررون ودعاة وكتاب وصحفيون، وترفض الأجهزة الإفراج عنهم رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم أكثر من مرة.
في الختام لا يمكن وصف ما تقوم به السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية تجاه أبناء شعبها إلا بالخيانة الصارخة للأمانة الوطنية والتآمر على الثورة الفلسطينية. فبدلاً من أن تكون هذه الأجهزة حامية لشعبها وحارسة على ثوابته الوطنية، تحولت إلى أداة بيد الاحتلال لتعقب المقاومين وسحق أي صوت معارض. إن اعتقالات الشباب والمقاومين، والتعذيب الذي يتعرضون له، والتنسيق الأمني الوثيق مع الاحتلال، كلها دلائل قاطعة على أن السلطة الفلسطينية قد فقدت بوصلتها وأصبحت جزءًا من المشكلة وليس الحل. هذه الأفعال لا تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني ولا تقربه من تحقيق حريته واستقلاله، بل تساهم في تعميق الانقسامات وتقويض أي أمل في مستقبل أفضل.
إن استمرار هذا الوضع يتطلب تحركًا عاجلاً وحازمًا من قبل الشعب الفلسطيني كافة. يجب على جميع الفصائل والقوى الوطنية والشعبية التوحد في مواجهة هذه الممارسات الظالمة، والعمل على إسقاط هذه السلطة الفاسدة التي باعت القضية الوطنية. كما يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته والضغط على السلطة الفلسطينية لوقف انتهاكاتها بحق شعبها، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.إن استمرار الصمت والتخاذل أمام هذه الجرائم يعني الشراكة فيها.