الوقت- هدد دونالد ترامب، الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الأمريكية، يوم السبت الماضي، الدول الأعضاء في مجموعة البريكس، مدعيا أن أعضاء مجموعة البريكس سيواجهون تعريفة جمركية بنسبة 100٪ على التجارة مع الولايات المتحدة، إذا حاولوا استبعاد الدولار من صفقاتهم التجارية.
وفي إشارة إلى أعضاء مجموعة البريكس، أعلن ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي: "لقد انتهت فكرة أن دول البريكس تحاول الابتعاد عن الدولار ونحن نتفرج فقط"، كما هدد الرئيس الأمريكي المثير للجدل بأنه إذا أنشأت دول البريكس عملة جديدة أو استبدلت الدولار الأمريكي بعملة أخرى، فيجب عليها أن تتوقع توديع الاقتصاد الأمريكي.
وناقش مسؤولو البريكس الابتعاد عن الدولار الأمريكي في السنوات الأخيرة، بما في ذلك في قمة البريكس 2024 الشهر الماضي، واكتسبت مسألة التخلي عن الدولار زخما، وخاصة في عام 2022، عندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.
حرب أمريكا الاقتصادية مع نصف العالم
ويأتي تحذير ترامب هذا عندما أعلن عن خططه لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المكسيك وكندا ورسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الصين، كما أعلن عن تغييرات اقتصادية واسعة النطاق في بلاده. ومع تهديد ترامب لدول البريكس إلى جانب تهديد كندا والصين والمكسيك، يبدو أن أمريكا في عهد ترامب ستتصارع مع نصف اقتصاد العالم، والسؤال في هذه الحالة هل ستتمكن واشنطن من تحقيق أهدافها في الصراع الاقتصادي مع نصف العالم؟
وحتى مجموعة البريكس نفسها (البريكس هي مزيج من الحروف الأولى للأسماء اللاتينية للبرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) مع خمسة أعضاء رئيسيين وإضافة أربعة أعضاء جدد، بما في ذلك مصر وإثيوبيا وإيران ودولة الإمارات العربية المتحدة، يبلغ تعداد الدول المشاركة في البريكس الآن ما يقرب من نصف سكان العالم وتمثل ما يقرب من ربع اقتصادها، وفي هذه الحالة، ومع إضافة كندا والمكسيك إلى عدد الدول المهددة، فإن أمريكا تواجه مواجهة اقتصادية مع أكثر من نصف سكان العالم.
لماذا الاتجاه إلى استبعاد الدولار؟
ويحذر خبراء التجارة الدولية من أن أي إجراء جمركي من جانب الولايات المتحدة "سيؤدي في نهاية المطاف إلى الإضرار بأمريكا أكثر من غيره"، وحسبهم، بعد أن قامت أمريكا بإزالة إيران وروسيا من "سويفت"، تبحث بعض الدول الآن عن "آليات" أخرى محصنة من القرارات السياسية مع تجربة تصرفات أمريكا ضد روسيا وإيران، ومن ناحية أخرى، قد يؤدي تهديد ترامب إلى تفاقم التوترات الجيوسياسية، ولكن من غير المرجح أن يردع دول البريكس عن السعي إلى استبدال الدولار الأمريكي بعملة أخرى.
والحقيقة أن التصرفات التي اتخذتها أمريكا هي التي جعلت العديد من البلدان تبحث عن بديل للدولار، تتمتع الولايات المتحدة بتاريخ من التأثير على الأنظمة المالية العالمية، مثل شبكة سويفت، لفرض عقوبات أحادية الجانب، ومن خلال منع الوصول إلى سويفت لدول مثل روسيا وإيران، فقد تلاعبت واشنطن بشكل فعال بالبنية التحتية المالية العالمية وأجبرت دولًا أخرى على التمسك بالدولار، ولذلك، تبحث دول أخرى الآن عن طرق لتجاوز الضغوط الأمريكية.
النتيجة عكسية
وقال أجاي سريفاستافا، الخبير التجاري ورئيس مركز أبحاث التجارة العالمية، إنديانا إكسبريس إن آليات استبدال الدولار في التجارة العالمية لا تزال تتبعها الدول، حتى لو وجهت الولايات المتحدة تهديدات صارمة ضدها. وقال سريفاستافا: إن فرض تعريفة بنسبة 100% على دول البريكس قد يؤدي إلى نتائج عكسية اقتصاديًا ضد الاقتصاد الأمريكي، وسيتم ببساطة نقل الواردات إلى الولايات المتحدة إلى دول ثالثة ثم استيرادها إلى الولايات المتحدة، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الوضع إلى زيادة إنفاق المستهلكين الأمريكيين دون زيادة وظائف التصنيع، ويعتقد هذا الخبير الاقتصادي أنه بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، فقدت أمريكا قدرتها التنافسية في إنتاج السلع العالمية المستخدمة على نطاق واسع، وستستمر المزيد من التعريفات الجمركية في تقليل القوة التنافسية لأمريكا في الاقتصاد العالمي.
حصة الدولار في التجارة العالمية
وفي وقت سابق حذرت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية من عواقب سياسة الحصار الأمريكي على وضع الدولار في الاقتصاد العالمي وكتبت أن حصة الدولار في احتياطيات العملة العالمية ارتفعت من 37% في عام 2001 إلى 47% في عام 2022، وحذرت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين العام الماضي من أن ابتعاد الدول عن الدولار أمر طبيعي، ولذلك، من المتوقع أن تنخفض قيمة الدولار كرأس مال احتياطي في العالم.