الوقت- الانتصارات التي أنجزها الجيش السوري و قوي المقاومة علی الأرض، في مختلف المناطق السورية، أدت الي تغيير الكثير من المعادلات علی أرض الواقع، و من بين هذه المعادلات يمكن الاشارة الي ظهور شيء من الليونية في مواقف الدول المعادية لسوريا وعلی رأسها أمريكا وعدد من الدول الغربية الاخری، و ذلك رغم استمرار عدد آخر من هذه الدول بتشددها تجاه سوريا، و علی رأسها فرانسا و السعودية اللتان تطالبان برحيل الرئيس السوري بشار الاسد. وعلاوة علی ذلك فقد منيت أمريكا بفشل ذريع، بعد ما فشلت الجماعات الإرهابية التي تتلقی دعما تسليحيا من واشنطن، في صد تقدم الجيش السوري، بالرغم من تلقيها كميات كبيرة من العتاد و الاسلحة المتطورة مثل صواريخ تاو.
وفي خضم الاحداث المتتالية التي تشهدها الساحة السورية، و ارتفاع نسبة وتيرة تقدم الجيش السوري المتسارعة في ظل الحماية التي تقدمها له القوات الروسية، بدأت ساحات القتال تضيق علی العناصر الإرهابية، مما يؤدي ذلك الي هروب الكثير منهم، و ممن بقي منهم فانه من المرجح أنه لا يلقی سوی مصير الموت علی يد قوات سوريا و حلفائها. وفي هذه الاثناء فقد اشتد الصراع بين الجماعات الإرهابية في ظل الهزائم المريرة التي لحقت بها. وعلی سبيل المثال فقد أتهم الشيخ السعودي "عبدالله المحيسني"، باعتباره أحد قيادات جبهة النصرة الإرهابية، اتهم الجماعات الإرهابية الاخری بالتقاعس عن مناصرة النصرة، في حي الزربة و خان طومان، بعد أن اضطرت قوات جبهة النصرة الفرار من تلک المناطق، اثر تقدم الجيش السوري نحوها.
و بعد أن كان "عبدالله المحيسني"، شيخا من وعاظ السلاطين و الموالين لاسرة آل اسعود في السعودية لاعوام طويلة، و فردا مقرب من الملك السعودي الراحل، الملك "عبدالله"، فقد بات اليوم قياديا مناصرا لجبهة النصرة في قتالها ضد الشعب السوري. لكن رغم ما ارتكبتها من جرائم بشعة، ضد المدنيين، فقد باتت النصرة تضطر الي الاحتماء بالمدنيين، بعد تقدم الجيش السوري خلال الفترة الاخيرة باتجاه المناطق التي تسيطر علیها. حيث تشير التقارير الواردة من تلك المناطق، أن جبهة النصرة ترغم السوريين المحاصرين في المناطق التي تستولي علیها، بالتحرك نحو المناطق التي ينوي الجيش السوري بدء هجوم لتحريرها، و ذلك لعرقلة تحرك القوات السورية. لكن رغم ذلك، فقد شن الجيش السوري خلال الفترة الماضية، هجوما علی حي العيس و الحاضر الذان تصيطر علیهما جبهة النصرة، مما ادت هذه العمليات الي تحرير هذه المناطق من يد النصرة.
وفي هذا السياق أكدت المصادر السورية العسكرية أن جماعة ما تعرف بـ «جيش الفتح» المدعومة بشكل قوي من قبل تركيا وقطر والسعودية، باتت بفضل ضربات الجيش السوري المؤلمة، علی وشك الإنهيار الكامل في مختلف جبهات القتال في شمال سوريا. حيث لاتزال القوات السورية تواصل مساعيها لقطع طرق تواصل الجماعات الإرهابية في المناطق الشمالية و الوسطی و ريف اللاذقية وكذلك ريف سلمية، مع بعضها البعض. و یقول الخبراء العسكرييون أن قطع تواصل الجماعات الإرهابية في هذه المناطق سيؤدي الي شلل كبير في تحركات الإرهابيين.
وفي هذه الاثناء بدء الجيش السوري هجوما موسعا علی محور مرج السلطان ـ دوما في الغوطة الشرقية الواقعة في ريف دمشق، و تاتي أهمية هذا الهجوم بسبب أن هذه المنطقة تعتبر أهم حصون جماعة «جيش الإسلام» الإرهابية و التي يتولی قیادتها "زهران علوش"، و المدعومة بشكل قوي من قبل النظام الملكي السعودي.
اضافة الي هذه الضربات التي تلقتها الجماعات الإرهابية علی يد الجيش السوري، تمكنت القوات السورية من قطع طرق مواصلات ايصال الإمدادات اللوجستية بين هذه الجماعات الإرهابية، في دوما و جوبر و زملكا و حرستا و عربين. و سيؤدي قطع تواصل الإرهابييين في هذه المناطق و مناطق اخری، الي نفاد الذخيرة لديهم، و ستكون نتيجة ذلك في نهاية المطاف ارتفاع نسبة تقدم الجيش السوري.
و في سياق هذه التطورات المتلاحقة التي ينجزها الجيش السوري و حلفائه علی الأرض علی مختلف جبهات القتال، يری العديد من المتابعين، أن الرضوخ لرغبة بعض الدول التي تسعی الي تنحي الرئيس السوري عن السلطة، أن هذا الرضوخ يعتبر تسليما واضحا أمام رغبات الجماعات الإرهابية و القبول بمنطق هذه الجماعات التي تنتهج سفك دماء الابرياء.
و ليس الجماعات الإرهابية وحدها هي التي تراجعت عن مواقفها المتشددة السابقة، حيث أن الزعماء الأمريكيين ايضا علی مايبدوا أصبحوا يغييرون بعض مواقفهم تجاه سوريا، بعد ما كانوا يصرون علنا علی رحيل الرئيس بشار الاسد، و تولّي السلطة في البلاد من قبل زعماء الجماعات الإرهابية الموالية لواشنطن. و ادی حزم القيادة الروسية في قتال داعش و الجماعات الإرهابية الاخری في الاراضي السورية، الي ارغام الامريكيين علی تعديل مواقفهم التي كانت أكثر تشددا تجاه سوريا، مما ادی ذلك الي إعلان واشنطن أنه من الممكن العمل مع موسكو علی نطاق أوسع بهدف حل الأزمة السورية.
لكن علینا أن لا ننسي أنه بالرغم من اعلان هذا الإستعداد من قبل الأمريكيين لبدء مزيد من التعاون مع موسكو لحل الأزمة السورية، إن هذه المرونة جائت بعد فشل الإرهابيين من تحقيق إنجازات عسكرية في ساحة القتال، و ذلك بعد حصولهم علی صواريخ مضادة للمدرعات و علی رأسها صواريخ تاو أمريكية الصنع. حيث تمكن الطيران السوري ـ الروسي، من خلق تغطية آمنة لتحرك القوات المدرعة البرية السورية علی الأرض.