الوقت- هذا هو "السؤال الأهم" الذي سيكون في الأرجنتين بعد التتويج بلقب كأس العالم 2022.
لم يكن النجم ليونيل ميسي يحلم باختتام كأس العالم 2022 كما حدث معه. تُوِّج باللقب بعد طول انتظار، وبعد مباراة نهائية لا تُنسى أمام منتخب فرنسا. سجل هدفَين في النهائي، وركلةَ ترجيح. فاز بجائزة أفضل لاعب في البطولة. حل ثانياً في ترتيب الهدافين من خلال 7 أهداف. أصبح أكثر لاعب يخوض مباريات في تاريخ كأس العالم، من خلال 26 مباراة متخطياً النجم الألماني السابق لوثر ماتيوس. أصبح الهداف التاريخي للأرجنتين في تاريخ كأس العالم من خلال 13 هدفاً، متخطياً النجم السابق غابريال باتيستوتا والأسطورة دييغو مارادونا. أصبح أول لاعب يسجل أهدافاً في مونديال واحد في دور المجموعات ودور الـ16 وربع النهائي ونصف النهائي والنهائي. أصبح أكثر لاعب مساهمة بالأهداف في تاريخ كأس العالم (سجل 13 هدفاً وصنع 8 أهداف). أصبح أول لاعب يسجل 4 ركلات جزاء في مونديال واحد، كما أصبح أكثر لاعب يفوز بجائزة أفضل لاعب في المباريات.
هذا كثير وغير مسبوق، لكنه غير كثير على نجم بحجم ميسي. نجم تُوِّج بكل شيء في الكرة، ولم يكن ينقصه غير التتويج بكأس العالم. لكنه لم ييأس. لم تهزمه أعوامه الـ35. بدا شاباً في الملعب على غرار زملائه الشبان الجدد في المنتخب الأرجنتيني. هو، للمفارقة، القائد الخبير الذي يحفز زملاءه. وفي الوقت ذاته هو "الطفل المدلل" الذي إذا ما سقط أرضاً خلال المباراة ارتجفت القلوب، وإذا ما تعرض للإصابة والخشونة اندفع زملاؤه نحو المنافس مدافعين عنه. كلهم يلعبون للأرجنتين ولميسي. حتى نجم المنتخب المعتزل سيرجيو أغويرو، ظل طوال البطولة يدافع عنه ويرافقه أينما كان. ولم يتوانَ عن دخول أرض الملعب بعد المباراة النهائية للاحتفال معه بالتتويج باللقب.
قبل البطولة كان طلب ميسي فقط أن يمنحه الأرجنتينيون منتخباً منافساً يساعده، على أن يُترك الباقي عليه. حدث هذا، ومن جهته كان ميسي في الموعد وصنع التاريخ لبلاده، من دون التقليل مما قدّمه زملاؤه.
صحيح أن ميسي هزم أعوامه الـ35، وبدا شاباً في الملعب وفي لياقة بدنية عالية، لكن الأهم من ذلك أنه هزم كل الضغوط، إذ ليس سهلاً ما كان يُنتظر منه وما كان يحلم به. هذا الحضور القوي نجده، على سبيل المثال، في البطولة، من خلال الهدوء الذي كان يسدد به ركلات الجزاء وركلات الترجيح، ليسجل 4 ركلات جزاء، بما في ذلك ركلة في المباراة النهائية، بالإضافة إلى ركلتَي ترجيح، بما في ذلك ركلة في المباراة النهائية.
الآن، ستأتي مرحلة ما بعد المونديال. بالتأكيد، سيكمل ميسي ما تبقّى من مشواره في الملاعب، سواء مع منتخب بلاده، في حال لم يعتزل دولياً، أو مع فريقه باريس سان جيرمان، وهو مستمتع بكل ما أنجزه. سيبقى يبدع مستفيداً من معنويات إنجازه المونديالي إلى أن يقول: اكتفيت.
لكن، في هذا الوقت، ستبحث الأرجنتين عن "ميسي جديد" بعد أن بحثت سابقاً عن "مارادونا جديد" وجدته في ميسي. إنجازات ميسي رفعت سقف التحدي أمام أي نجم. والسؤال في الأرجنتين في المرحلة المقبلة: "هل ستُنجب بلاد عظماء الكرة هذا النجم؟".