الوقت - بينما لم يمض سوى يومين على العرض العسكري الكبير لأنصار الله على الساحل الغربي لليمن، والذي تم خلاله الكشف عن آخر الإنجازات العسكرية في مجال الحرب البحرية، يبدو أن عمل أنصار الله هذا أظهر آثاره بشكل مبكر وكبير للغاية، ودفع السلطات السعودية لإلقاء موجة خطابية لاتهام إيران في الهجمات اليمنية مرة أُخرى.
وفي هذا الصدد، ألقى ممثل المملكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة، عبد العزيز الواصل، كلمة حول ما يجري في اليمن في الاجتماع بشأن التهديدات للسلم والأمن الدوليين. أكد هذا المسؤول السعودي، دعم إيران لأنصار الله اليمنيين مرة أخرى، مبينا أن هذه المجموعة اليمنية غير قادرة على بناء أسلحة حديثة وطائرات دون طيار دون دعم طهران.
وقال ممثل المملكة العربية السعودية إن أنصار الله استخدمت في السنوات الأخيرة أكثر من 900 طائرة مسيرة و450 صاروخًا ضد العدو على جميع المستويات البحرية والبرية والجوية. وزعم الواصل أن تقارير الأمم المتحدة ومجلس الأمن تؤكد دعم إيران لهذه العمليات العسكرية، وأن هذا العمل يعد انتهاكًا للقوانين الدولية.
مثل هذه المزاعم من قبل السعوديين في السنة الثامنة من حرب اليمن هي أكبر فضيحة من الهزيمة العسكرية في الحرب التي بدؤوها بأيديهم. في بداية الحرب، اعتقدت سلطات الرياض أنها تستطيع احتلال اليمن في فترة وجيزة وإجبار الحكومة بقيادة أنصار الله على قبول الهزيمة، لكنهم لم يصدقوا أن هذه الأزمة ستستمر ثماني سنوات وربما أكثر، ولم يكن لديهم بعد النظر في حدوث ذلك، ويمكن لليمنيين التحرك نحو صنع الأسلحة وتوفير الاحتياجات الدفاعية في الداخل. وتلك الأسلحة أصبحت لعنة على حياة المعتدين هذه الأيام وأذهب النوم عن عيون سكان القصور في الرياض وأبو ظبي.
السعودية لا تريد أن تؤمن بقدرات أنصار الله
يزعم السعوديون أن إيران قدمت كل الأسلحة لليمنيين لاستهداف السعودية والإمارات، في حين أن هذه الدولة العربية الفقيرة كانت تحت أشد حصار بحري وبري وجوي منذ الأيام الأولى للحرب، وحتى طريقة إرسال المساعدات الإنسانية لإنقاذ الجياع في اليمن ممنوعة أيضًا. بمعنى آخر، لا توجد وسيلة لإرسال المساعدة لأنصار الله، ناهيك عن الأسلحة الإيرانية الحديثة.
في هذا الحصار، إضافة إلى الإمارات والسعودية، حتى الولايات المتحدة وإنجلترا جاءت لمساعدة المعتدين ورصدت أدنى حركة حول اليمن برا وجوا وبحرا. لذلك، مع كل هذه الإجراءات العسكرية ضد الدولة اليمنية المظلومة، فإن إسقاط السعوديين ضد إيران لا يقنع حتى الرأي العام للمملكة العربية السعودية، وهذه الادعاءات فقط لغرض التلميح للمجتمع الدولي أنه إذا كانت طهران ترفع يدها عن اليمن، كل شيء سيحل لأن السبب الرئيسي للأزمة هو إيران وليس السعودية وحلفاؤها.
لا يريد السعوديون تصديق أن اليمنيين استطاعوا تحقيق إنجازات عسكرية كبيرة في أسوأ الظروف وبأقل التسهيلات، لأن هذه هزيمة كبرى للتحالف السعودي الذي تم تجهيزه بكل أنواع الأسلحة الغربية الحديثة، لكنه لم يستطع النجاح أمام إرادة ومثابرة اليمنيين.
سيناريو مترابط
خطاب السعوديين حول إرسال أسلحة إيرانية إلى اليمن، بينما سبق لمسؤولين أمريكيين سابقين أن وجهوا هذه الاتهامات لطهران وبعرض أجزاء من صواريخ يمنية زعموا أنها من صنع إيران لتكثيف الضغط العالمي على طهران، لكن حتى خبراء الأمم المتحدة لم يصدقوا هذا السيناريو المزيف وأعلنوا أنهم لا يستطيعون تأكيد دقة هذه المعلومات. يمكن دراسة السيناريو الرديء للسعوديين من زاوية أخرى. فعلى الرغم من أن المشيخات العربية حققت ثروات ضخمة من خلال بيع النفط، إلا أنها لم تكن قادرة على إنتاج حتى قطعة صغيرة من أسلحة الجيل القديم داخل بلادهم، وهم غاضبون من أن أنصار الله تمكنوا من تحقيق نجاحات عسكرية هائلة، وبالتالي.. برروا عجزهم بادعاء أن اليمنيين غير قادرين على صنع هذه الأسلحة.
من ناحية أخرى، تتناقض العلاقات العسكرية الأمريكية مع المشايخ العرب، والتي تتم في الغالب بهدف بيع السلاح وتفريغ جيوب العرب، مع العلاقات بين أطراف محور المقاومة في المنطقة، وهي من نوع التآزر بين القوات العسكرية، حيث تسعى مجموعات المقاومة لاكتساب تقنيات جديدة ومتقدمة في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي. ومقاومة غزة شاهد حي على أنها مع كونها في ذروة الحرمان والحصار من قبل النظام الصهيوني تمكنت من إنتاج صواريخ متطورة يخشى العدو المحتل الدخول في صراع معها.
كما أن الحصار الواسع للتحالف السعودي المعتدي ضد اليمن تم هزمه، وأنصار الله يعزز قدراته يوما بعد يوم، وكما قال قادة هذه الحركة، في حال خرق وقف إطلاق النار، فإن الحرب المستقبلية مع المعتدين ستكون أكثر شمولاً لأن بعض الأسلحة قد تم إنتاجها في اليمن، والتي، وفقًا لمسؤولي أنصار الله، يمكن أن تغير مسار التطورات في هذا المجال.
في النهاية، يُلاحظ أن خطاب السعوديين في اتهام إيران وجعلها تبدو مذنبة في حرب اليمن يتم بهدف كسب المزيد من الدعم من المجتمع الدولي، لأن قادة الرياض يعرفون أنه بعد فترة من وقف إطلاق النار الهش، ستهبط عليها صواريخ أنصار الله القوية مرة أخرى، ويمكن أن تدمر كل البنى التحتية للسعودية، وحسب وعود القادة اليمنيين، فإن ذلك اليوم ليس ببعيد.