الوقت- في حديث له مع الصحفيين أشار محمد بن سلمان إلى أنه مع حلول عام 2030 سيصل عدد سكان المملكة من 50 إلى 60 مليون نسمة، 25 مليون منهم سعوديون و25 مليون وافد.
وأوضح ولي العهد، خلال حديثه مع عدد من الصحفيين بعد إعلان تصاميم ذا لاين، أن الحد الأقصى للرياض هو 25 مليون نسمة ونيوم ستعتني بـ 10 ملايين نسمة. وكان قد أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار العام الماضي، عن نية بلاده إطلاق رؤية استراتيجية للعاصمة السعودية، تعمل بشكل أساسي على مضاعفة عدد السكان كشرط أساسي لتحقيق التنمية في المدينة، التي تشكل حالياً قرابة "45 في المئة من الاقتصاد السعودي غير النفطي". فقد اعتبر حينها"زيادة عدد السكان ضرورة لتطوير الخدمات، فجودة الخدمات المقدمة في مدن كبيرة مثل لندن أو طوكيو أو نيويورك سببها الطلب العالي على المنتجات الخدمية الآتي من ضخامة عدد السكان"
و ينصب الاهتمام على كل من مدينتي الرياض و نيوم في مسألة زيادة عدد السكان، وتنوي الخطة رفع عدد سكان العاصمة من 7.5 ملايين نسمة إلى 15 مليوناً في 2030، في حين تمثل نيوم نموذج المدن الجديدة التي تواجه تحدي صياغة تركيبة سكانية من الصفر.
أما بقية المدن السعودية، فستركز "استراتيجيتها التي سيتم الإعلان عنها فيما بعد على تحسين جودة الحياة عن طريق إصلاح بناها التحتية وخدماتها الأساسية" فهل هناك بوادر لنجاح استراتيجيات الأمير المراهق تلك ؟
نستعرض بعضاً من التحديات و الاخفاقات التي تعاني منها خطط ابن سلمان فيما يخص السكن و السكان .
مشاريع اقتصادية أقرب إلى الوهم تنهك السكان
في الوقت الذي تمارس فيه السلطات السعودية عمليات هدم وإزالة وتهجير جائرة أضرت بعدد كبير من المواطنين في مناطق متعددة، وصاحب تلك الاعمال كم كبير من الانتهاكات والتجاوزات، مع انعدام للشفافية وتقصير كبير في إنصاف المتضررين أو الاستماع لهم. لم تظهر السلطات أي خطط واضحة لما تقول إنه عمليات تطوير، ولم تجد أي استراتيجية لإسكان المهجرين وخاصة العاجزين منهم وغير القادرين على تأمين سكن بديل، سواء ممن لم يكن لديهم صكوك ملكية. وكثير من هؤلاء قد تحولوا من ملاك عقار إلى باحثين عن مأوى بالإيجار، أو من سكان لمبانٍ خيرية وقفية، إلى مشردين بلا مأوى بعد أن تمت إزالة أوقاف الإيواء (الرباط).
كما تنعدم الشفافية حول ملكية مشاريع التطوير وآليات التنفيذ وآليات الرقابة الشعبية والمجتمعية عليها، لتثبت السلطة بذلك عدم جديتها في بناء مشاريع تطوير، حيث تبدأ بالإضرار بالسكان وعدم مراعاة ظروفهم أو الاستماع لمطالبهم، ومن ثم الذهاب إلى مشاريع غير شفافة لا يستطيع أحد أن يبدي أي اعتراض عليها أو السؤال عن مدى نفعها ونجاحها. وقد رافقت حملات الإزالات والتهجير حملات أخرى للاعتقالات والترهيب لكل من ينشر مقاطع الهدم، أو من يعترض على سلوك السلطات في حملاتها تلك، ورفضت السلطات أي رأي من المواطنين سواء من المتضررين من تلك المشاريع، أو من المواطنين المتسائلين عن المشاريع القادمة.
أزمة التملك السكني في السعودية
إن غياب المكاشفة والانطلاق من أرقام غير واقعية لإجمالي عدد السكان في السعودية يكبد المقيمين الكثير من المتاعب، حيث ينعكس الأمر غشاوة على إجمالي عدد العاطلين عن العمل، والعوائل الفقيرة، والوظائف المتوافرة.
حيث تكشف الحقائق والمعطيات تفاقم أزمة التملك السكني في السعودية بفعل سياسات ولي العهد محمد بن سلمان الذي روج طويلا لمشاريع براقة أعلنها ضمن رؤية 2030 المزعومة لتنويع الاقتصاد.
وخصص ابن سلمان في رؤيته المزعومة لإنقاذ الاقتصاد السعودي، أحاديث مطولة عن حلّ أزمة السكن التي سئم المواطنون من الإعلان عنها مع عدم التماس أي تبدّل في أسعار العقارات. و على النقيض مع وجود أزمة العقارات هذه و الحديث المتواصل من قبل ابن سلمان عن زيادة عدد السكان خلال العشر سنوات المقبلة ترتفع أسعار العقارات بشكل متزايد و تزيد من حدَة المشكلة.
ولمن يراجع مشاريع 2030 المرسومة بهدف التطبيق، مشاريع سكنية مبهرة في الشكل والعنوان إلا أنها لا تقف على أرضية صلبة في الاقتصاد، حيث لا يبدو هدف التخلي عن النفط كمصدر أساس للواردات في البلد الأغنى بالذهب الأسود قابلة للتحقق عملا بالرؤية السعودية. إلا أنه وبعد 6 سنوات وعوضا عن التخفيف من الأزمة تفاقمت واتسعت نسبة السكان الذين يحتاجون لتملك سكن في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات بشكل لافت منذ عام 2017 بنسبة تقارب 20%
وفي حين يعاني أكثر من 80% من المواطنين من فقدان حق امتلاك منزل، فإن الرؤية التي صاغتها مجموعة ماكنزي وشركات أخرى حوت قضية السكن فيها أرقاما متضاربة.
إذ أشارت الرؤية أن نسبة التملك الحالية يبلغ 50% وطموحها يستهدف رفع النسبة إلى 60% عام 2020، غير أن صندوق النقد الدولي استبق الرؤية بعامين وأكد أن نسبة تملك السعوديين لا تتجاوز 36%، الأمر الذي يظهر تباينا كبيرا في الأرقام المتبناة من قبل الحكومة السعودية.
يضاف إلى لعبة الأرقام الممارسة، تقوم السلطات بعمليات طرد وتهجير جماعي للمواطنين السعوديين في عدد من المناطق دون تأمين أي بديل سكني لهم.وفيما يتعلق بأزمة السكن التي خصّصت الرؤية جزءا مهما لشرحها، قال بن سلمان إنه سيصار إلى تسهيل الحصول على القرض العقاري وتنمية القروض السابقة وادعى أن العمل سوف يكون من أجل رفع نسبة التملك
إن طموح ابن سلمان إلى تحويل الرياض إلى “مدينة نموذجية”، بمعنى أن تضخم عدد سكانها لا يمكن أن يحقق طموحه في ظل البنية التحتية والخدمات الحالية المتوافرة، حيث في ظل التبدلات المناخية وما تشهده الرياض من فياضانات وسيول. وأمام ذلك بات لزاما على المعنيين التعاطي مع مشاريعهم بشكل مختلف يلحظ هذه التبدلات المناخية الطارئة والتي فضحت سوء البنى التحتية وعدم قدرة الجهات المعنية على التعامل مع المتغيرات الحاصلة. فضلا عن كونها لا تتمتع بالجاذبية المطلوبة للسكن، كما تعتمد في الكثير من الخدمات على باقي المحافظات، حيث يتم استجرار المياه إليها من المنطقة الشرقية في القطيف والإحساء.
وحسب تقرير سابق لوكالة بلومبرغ الأمريكية يقول إنه في الواقع، فإن جميع المحاولات السابقة لإعادة تشكيل الرياض فشلت في تحقيق أهدافها، بما في ذلك استراتيجية مشابهة لتطوير المدينة وضعت قبل 20 عاما. لذلك من غير المفاجئ أن نشهد تحوّل "نيوم" بسرعة إلى مدينة زائلة، تمامًا على غرار العديد من المشايع الضخمة الأخرى. فتاريخ السعودية، حافل بالمشاريع الضخمة غير المكتملة التي لم تكن سوى مصدرا لهدر استثمارات في البنية التحتية تقدّر بالمليارات: نذكر مثلًا "برنامج المدن الاقتصادية" لعام 2006 الذي سبق الرؤية الحالية والذي كان من المزمع أن يضم 4.5 ملايين ساكن بحلول 2020، وأن يساهم في تنويع الاقتصاد. لكن مشاريع البرنامج توقفت واليوم لا يقيم في أهم مشروع ضمن البرنامج، وهو "مدينة الملك عبدالله الاقتصادية"، سوى 4 آلاف ساكن. وهذا الفشل هو نوع ما نتاج التخطيط التنازلي المعتاد المفرط التفاؤل مع ميل إلى الحيل الدعائية.