الوقت- خلال المرحلة السابقة شهدت تونس الكثير من التوترات وعدم الاستقرار السياسي حيث إن الطابع العام للمشهد خلال الفترة الماضية كان عدم الانسجام بسبب مجموعة الإجراءات التي بدأت بتجميد البرلمان المنتخبة أعضاؤه من طرف الشعب التونسي ، وبرفع الحصانة عن أعضائه تمهيدا لتلفيق التهم لهم ومحاكمتهم ، ثم حله نهائيا وما لبث الرئيس التونسي بذلك أن ركز كل السلط بيده تشريعية، وقضائية ،وتنفيذية ، وأجهز على القضاء الرافض لتدخله في استقلاله ، والمنكر لانقلابه على المسار الديمقراطي، فعزل مجموعة من القضاء بعدما لفق لهم تهمة الفساد ،ولفق تهماً جنائية لحزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية ، وهو المستهدف الأول عنده ، وراح بعد ذلك يقرر ما شاء مما زعم أنه استشارة للشعب في أمر دستور مطبوخ يحل محل الدستور الذي كان وراء التجربة الديمقراطية في تونس ،فضلا عن مجموعة من القرارات المستبدة إلى أن كان آخر ما صرح به أن مسودة الدستور الذي يعتزم عرضه على الشعب واستفتاءه في شأنه ، وهو استفتاء صوري لن يكون فيه الإسلام دين الدولة بل هو دين الأمة ، فهل يعقل أن يكون لأمة من الأمم دين لا يكون دين دولتها ؟
تصريحات أثارت جدلاً في تونس
الرئيس التونسي خرج موخراً بتصريحات طائشة، التصريحات الطائشة التي خرج بها الرئيس التونسي ليست غربية لدى البعض كيف لا وهو المنقلب على التجربة الديمقراطية بكلها وفي هذا السياق أكد الرئيس التونسي قيس سعيّد أن الإسلام لن يكون “دين الدولة” في الدستور الجديد الذي سيعرضه على استفتاء في 25 تموز.وقال سعيّد للصحفيين في مطار تونس العاصمة “ان شاء الله في الدستور القادم لتونس لن نتحدث عن دولة دينها الإسلام بل نتحدث عن أمة دينها الإسلام والأمة مختلفة عن الدولة”.وكان الرئيس التونسي تسلم يوم الاثنين الماضي مشروع الدستور الجديد الذي يفترض ان يوافق عليه قبل عرضه على استفتاء في 25 تموز/يوليو، في الذكرى الأولى لقرار رئيس البلاد تولي كل السلطات.
ومن الجدير بالذكر أن منسق الهيئة الوطنية الاستشارية لإعداد دستور “الجمهورية الجديدة” في تونس الصادق بلعيد كان قال في مقابلة مع وكالة فرانس برس في 6 حزيران إنه سيعرض على الرئيس قيس سعيّد مسودة للدستور لن تتضمن ذكر الاسلام كدين للدولة، بهدف التصدي للأحزاب ذات المرجعية الاسلامية على غرار “حركة النهضة”، ما أثار جدلا في البلاد.
تنديداً بمشروع تعديل الدستور في تونس
من المعلوم لدى الجميع أن الفصل الأول من الباب الأول من المبادئ العامّة لدستور 2014 ينص على أن “تونس دولة حرّة، مستقلة، ذات سيادة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها”. من جهةٍ اخرى يفترض أن يحل الدستور الجديد محل دستور 2014 الذي أنشأ نظاما مختلطا كان مصدر نزاعات متكررة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وفي ظل السعي الحثيث الذي يسعى الرئيس التونسي للقيام به تتهم المعارضة ومنظمات مدافعة عن حقوق الإنسان سعيّد بالسعي إلى تمرير نص يتناسب مع تطلعاته.
ومن الجدير بالذكر ايضاً أن الشعب التونسي سبق وأن عبر عن رايه وندد بمشروع تعديل الدستور وعرضه على الاستفتاء من قبل رئيس البلاد قيس سعيّد. ودعت إلى المظاهرة "جبهة الخلاص الوطني" التي تضم أحزابا معارضة بما فيها حركة النهضة، من أجل "الانتصار لقيم الحرية والدفاع عن المكتسبات الديمقراطية".
ترسيخ حكم الرجل الواحد
في الوقت الذي يرفض الرئيس التونسي سعيّد اتهامات المعارضة ويقول إنه لن يكون ديكتاتورا وإنه يسعى فقط لإصلاح البلاد بعد "عقد من الخراب". يواجه ايضاً انتقادات داخلية وخارجية متزايدة تتهمه بالسعي لترسيخ حكم الرجل الواحد، وفي وقت سابق بدأ قضاة تونس إضراباً عاماً في كل المحاكم اعتبارا من الاثنين ولمدة أسبوع قابلة للتجديد، في حين دعا سعيّد إلى اقتطاع أجور هذه الأيام من القضاة المضربين. وفي سياق الرد على الاوضاع التي تعيشها تونس عبير موسي قالت خطاب أمام آلاف من أنصارها "الناس جاعت والمقدرة الشرائية تدهورت والمالية العامة تنهار لكن سعيّد لا يهتم لذلك.. ما يهمه فقط أن يمرر مشروعه الشخصي بشكل فردي ويفرض علينا دستوره ولن نسمح بذلك". وفي تحد لخصومه، يسعى سعيّد الآن إلى صياغة دستور جديد يعطي رئيس البلاد سلطة أكبر، بينما يعاني الاقتصاد المنهك أزمة طاحنة وتوشك المالية العامة على الإفلاس.
في الختام يبدو أن القرارت والتصريحات التي القاها الرئيس التونسي حول الغاء الإسلام كدين للدولة لن تمر مرور الكرام حيث إن الشعب التونسي بطبيعتة شعب مسلم متمسك بقيم الدين الاسلامي، وفي هذا السياق فإن الدعوات التي يطلقها نشطاء للخروج والاحتجاج على السياسة التي يتبعها الرئيس التونسي تزداد يوماً بعد اخر، ويبقى السوال المطروح ما الذي ينتظر تونس في المرحلة القادمة؟.