الوقت- كشفت بعض الصحف والمواقع الإخبارية قبل فترة إلى أن هناك توقعات تشير إلى أن السودان قد يشهد تفجر مواجهات خلال شهر رمضان الجاري بين الشعب المحبط والمُفقّر والنظام العسكري في البلاد.حيث إنه لايخفى على أحد أن شهر رمضان هذا العام جاء في وقت تشهد فيه السودان مشاكل اقتصادية عديدة وشحاً في القمح وارتفاعاً في أسعار المواد الأساسية، إضافة إلى ذلك فإن قيمة العملة مازالت في تراجع مستمر حيث فقدت أكثر من ربع قيمتها منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، فيما وصل معدل التضخم وفق الدوائر الرسمية إلى 260%. .
من جهة أخرى برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة صرح أن نحو 9 ملايين شخص في السودان يواجهون "مجاعة حادة" وقد يتضاعف هذا العدد بحلول سبتمبر/أيلول. فالشعب السوداني الذي انتفض قبل 3 سنوات للإطاحة بنظام عمر البشير، كان يأمل ببناء دولة ديمقراطية مزدهرة، لكنه بدلاً من ذلك يرزح الآن تحت أزمة سياسية واقتصاد منكمش وعنف متصاعد، وفي نفس السياق ، الممثل الخاص للأمم المتحدة في القرن الأفريقي خلال جلسة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي، قال إن تلك الأزمات "تهدد وجود السودان" وإنه "ما لم يتم تصحيح المسار الحالي، فإن البلاد (السودان) تتجه نحو انهيار اقتصادي وأمني، ومعاناة إنسانية كبيرة".
تصريحات البرهان صادقة ام هي مجرد تصريحات جوفاء فارغة
من الواضح أن السودان وبعد كل السنوات الماضية مازال يشهد حالة عدم استقرار في الوضع الامني والمعيشي، ويوماً بعد آخر تتصاعد فية الأوضاع بشكل مستمر، التصاعد المستمر للوضع في البلد أثار تساؤلات بشأن التطورات المستقبلية التي يمكن أن تحدث، فخلال الاشهر الماضية دشنت "لجان المقاومة السودانية" إعلانها السياسي الذي أطلقت عليه "ميثاق الشعب"، مؤكدة أنه تأسيس لسلطة الشعب التي تعد "طوق النجاة" وبداية لاستعادة الديمقراطية في لحظة من أهم لحظات التحول على مسار الحراك الثوري ضد الانقلابات العسكرية التي يزخر بها التاريخ السياسي السوداني، ويرى المحللون السياسيون والمراقبون المهتمون بالوضع السوداني أن السودان مقدم على مرحلة جديدة لا تشبه المرحلة السابقة ابداً.
ما لا شك فيه أن غضب الشعب السوداني و رفضه للواقع المعيشي الذي يعيشه البلد في ظل انعدام ابسط المقومات قد وضع رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في وضع محرج جداً ، خلال إفطار رمضاني جاءت تصريحات أخيرة لـ " عبد الفتاح البرهان " قال فيها "نحن مقبلون على مرحلة صعبة يجب أن نقدم كلنا فيها تنازلات من أجل البلد" ومن الجدير بالذكر أن البرهان اعترف موخراً بالتدهور والمعاناة التي يعيشها الشعب السوداني حيث اشار في تصريحاته إلى تدهور الوضع الاقتصادي والأمني في البلاد، وقال"مستعدون أن نقدم ما يمكن لتهيئة المناخ للحوار".
تحديات تواجه البرهان
موضوع المعتقلين السياسين في السودان كان حاضراً في خطاب البرهان حيث أكد أنه التقى مع النائب العام ورئيس السلطة القضائية لمناقشة الإسراع بالإفراج عن المعتقلين، ومن بينهم زعماء سياسيون مدنيون بارزون"، مشيرا إلى أنهم "ناقشوا أيضا إمكانية تقليص حالة الطوارئ الحالية".
وأشار البرهان إلى أن هذه "الخطوات جاءت في سياق تنازلات قدمتها بعض الجماعات السياسية للتوصل إلى اتفاق".يرى الكثيرون أن المظاهرات وحالة الغضب في السودان وإعلان لجان المقاومة في الفترة الاخيرة لـ "ميثاق الشعب" قد وضع خط واضح "لمواجهة الانقلاب حيث إن لجان المقاومة التي تقود الشارع السوداني ، عملت على إعادة الثورة السودانية إلى الشارع مجدداً و توحيد الصفوف بين جميع النشطاء في الساحة السودانية ، وهذا بالتأكيد كان له دور مهم في أن يعيد البرهان حساباته خلال المرحلة القادمة.
ونتيجة لذلك فان تصريحات البرهان الاخيرة جاءت على عكس الماضي تماماً، حيث قال إنه لا ينبغي أن تسيطر مجموعة واحدة على المشهد السياسي. وذكر البرهان أيضا أنه ستتم مراجعة أوامر قضائية أدت إلى عودة عشرات الموظفين المدنيين المرتبطين بنظام البشير.
من جهة اخرى يقول النشطاء السودانيون أن تصريحات البرهان تظل مجرد تصريحات اعلامية فالبرهان يراوغ وليس لدية نية صادقة في إنهاء الوضع السيئ في السوادن حيث يقول النشطاء إن نجاح عملية العملية السياسية في السودان والقضاء على الظواهر الانقلابية يتوقف على دعم عمليات السلام وتنفيذ اتفاقيات السلام المستقبلية، وحماية المدنيين وسيادة القانون ،ولا شك أن ذلك كله يحتاج إلى تضافر الجهود الدولية والإقليمية.
في الختام ورغم التصريحات الاخيرة التي خرج فيها البرهان فإن موقف الشعب السوداني الرافض للاستيلاء العسكري على السلطة في السودان، والمطالب بإعادة القيادة المدنية للحكومة السودانية هو السائد ، وهنا يطرح تساؤلات هل الوضع المعقد في السودان سوف يشهد تحسناً أم إن السودان سيسير نحو مزيد من منزلقات العنف أو التفكك والانقسامات الداخلية في ظل وجود البرهان على رأس السلطة فإقصاء المكونات السودانية الأخرى من قبل البرهان أدى إلى مخاوف كبيرة بين أبناء الشعب السوداني.