الوقت_ عقب تسجيله فيديو تضامنيّاً مع فلسطين الرازحة تحت نير العصابات الصهيونيّة، يتعرض الصحافيّ والسياسي الفلسطينيّ عبد الباري عطوان لحملة إعلاميّة إسرائيليّة وملاحقة قضائيّة من العدو، وذلك في ظل تمادي قوات الاحتلال بجرائمها ضد الفلسطينيين وثرواتهم ومقدساتهم، وارتكابها أبشع الجرائم الإرهابيّة في قتل وإعدام وتعذيب الفلسطينيين وخاصة في هذا الأيام المباركة، حيث شنّت صحيفة "جويش كرونيكال" العبرية، هُجوماً حاداً على رئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم"، مهددة بملاحقته قانونياً بتُهمة دعم "الإرهاب".
هجوم شرس
مع تصاعد إجرام قوات العدو الإسرائيليّ الوحشيّ الذي لا يكف عن ارتكاب أشنع الجنايات بحق الفلسطينيين وما تبع ذلك من عمليات فدائية بسبب مواصلة العدو جرائمها بدم بارد بحق الفلسطينيين، يشنّ الإعلام الإسرائيليّ هجمة حادة على عبد الباري عطوان الذي نشر فيديو في قناته الخاصة على موقع "يوتيوب" مؤخراً، تحدّث فيه عن العمليات الفدائية الـ4 التي هزّت الكيان الإسرائيليّ، في أقل من أسبوعين، وأدّت إلى مقتل 14 شخصاً وإصابة العشرات.
ولأنّ الكلمة تخيف تل أبيب أكثر من أيّ شيء رغم أنّها هي التي ترفع يوماً بعد آخر من حالة الغليان الفلسطيني واحتماليّة وقوع "ثورة غضب" عارمة في الضفة الغربيّة والقدس وكامل فلسطين بوجه الاحتلال الصهيوني، تدعي الصحيفة الموالية بشراسة للعدو أنّ ذلك المقطع الذي استمر عرضه لأربعة أيام وشاهده أكثر من نصف مليون شخص حول العالم، يحتفل بمقتل 3 إسرائيليين في يافا (تل أبيب) الأسبوع المنصرم، باعتباره "مُعجزة"، وقد يكون خرقاً لما أسمته "قانون مكافحة التشجيع على الإرهاب في بريطانيا".
وفي الوقت الذي انتقدت فيه الصحيفة الصحفي وصف عبد الباري عطوان الذي تولّى رئاسة تحرير صحيفة "القدس العربي" اليومية منذ عام 1989 وحتى عام 2013، منفّذ عمليّة تل أبيب بـ"الشهيد" و"البطل" وطالبت بمُحاكمته، كما انتقدت إدارة موقع "يوتيوب" التي سمحت بنشر فيديوهاته، أكّدت أنّه تم حذف الفيديو بعد أن اتصلت الصحيفة بعملاق الويب، الذي تملكه شركة Google.
بالتالي، بات واضحاً للجميع ما تريد "إسرائيل" إيصاله، وهو أنّ الجرائم التي يرتكبها الإسرائيليون في غزة والضفة المحتلة والقدس يجب أن ترتكب بسلاسة مطلقة دون أن يتفوه أحد بكلمة لا على مواقع التواصل الاجتماعيّ ولا غيرها ولا حتى من يتعرضون للجنايات، بمعنى آخر "نريد أن نقتل بسلام" وخاصة في شهر رمضان المبارك الذي له أهمية فريدة لدى المسلمين، فيما يؤمن أبناء فلسطين وأصحاب الأقلام الحرة بأنّ التصدي لاقتحامات وهجمات قوات الاحتلال والمستوطنين وعربدتهم المتصاعدة هو السبيل الوحيد لردعهم ولحماية فلسطين وشعبها، وكف يد قوات الاحتلال والمستوطنين عن تصعيد إجرامهم وعربدتهم وتغولهم في أراضي الفلسطينيين عبر مخطّطات العدو الاستيطانيّة والإباديّة الرامية لإنهاء الوجود الفلسطينيّ السياسيّ والسكانيّ في الضفة الغربيّة ومدينة القدس، باعتراف الإسرائيليين أنفسهم.
والواضح أنّ تل أبيب ترفع صراخها حينما تجد خائناً يحامي عن جرائمها في ساحة ما، لكنها تجد صعوبة شديدة في تقبل تصريحات عطوان ومن مثله وتعتبرها "مليئة بالعاطفة الهيستيرية الخطيرة"، وتغض الطرف عن سياسات مسؤوليها الذين ترقى جرائمهم إلى حد "الجرائم ضد الإنسانيّة" حسب منظمات حقوقيّة، في أعقاب المنهج العنصريّ الذي يتبعه العدو بحق أصحاب الأرض، والأخبار التي تأتي من الأراضي الفلسطينيّة المحتلة خيرُ دليل على ذلك.
وباعتبار أنّ العصابات الصهيونيّة تعتبر الفلسطينيين ضيوفاً في أرضهم وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين، تسعى بالمقابل لسجن الصحافيّ المقيم في بريطانيا ويملك جنسيتها 15 عاماً عبر تلفيق التّهم التي تلصقها "إسرائيل" بكل من يواجهها ولو بكلمة، وإنّ عطوان يفتخر بمواقفه الطبيعيّة تجاه أرضه وشعبه، ويتحدث بذلك عبر عدّة قنوات بريطانية وعالمية، باللغتين العربية والإنكليزية، وقد شبّه الإسرائيليين بـ"الفئران"، وقال إنّ القتلى والجرحى في عمليّة "تل أبيب" الأخيرة مُعظمهم ليسوا مدنيين، وإنما من عسكريين ورجال أمن، حاليين أو مُتقاعدين (احتياط)، كما انتقد عطوان رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس لأنه أدان العمليات.
مقاومة مستمرة
يعلم العالم بأسره بأنّه لا يمكن حصر الجرائم التي ارتكبها العدو الصهيونيّ السفاح بحق الفلسطينيين والعرب، وإنّ ما يحدث حاليّاً على الساحة الفلسطينيّة من انتهاكات يكشف بشكل أكبر عنصريّة الكيان ودمويّته، وليس من الغريب أن تقود الأجهزة الأمنية الإسرائيلية حملة تحريضية ضد عطوان، فهي وفقاً لرأيه المقاوم "تريد إسكات صوته الذي يدعم الفلسطينيين".
وفي هذا الشأن، تحدث عبد الباري عطوان أنّ الإسرائيليين نجحوا في تحريض موقع "يوتيوب" على إزالة الفيديو الذي نشره دعماً للفلسطينيين"، مشيراً إلى أنّ "إسرائيل" تُعتبر في بريطانيا أنها "فوق القانون، وأنها قادرة على تكميم الأفواه"، بيد أنّها تقتل الشعب الفلسطينيّ ويسرق أرضه، ويريدون منهم ألّا ينتقدوا هذه الجرائم، حيث يُتهم الكيان الصهيونيّ من قبل منظمات دوليّة حقوقية بانتهاج سياسات تمييز عنصريّ واضطهاد في معاملة الفلسطينيين، والأقلية العربيّة في الأراضي الفلسطينيّة المُحتلة، ناهيك عن جرائم الحرب التي ارتكبتها الآلة العسكرية للكيان في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر، وملفات الاستيطان، والأسرى، والعدوان على الفلسطينيين.
"كأنه لم يعد في أوروبا حرية تعبير، وعليك أن تنقل الرأي الرسمي فقط"، هذا كان رد عبد الباري عطوان على ما يجري، بيد أن الكيان الصهيونيّ يعترف بلسانه بأنّه لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن يتوقف عن إجرامه بحق هذا الشعب وقضمه لأراضي الفلسطينيين وتهجيرهم، وخيرُ دليل على ذلك نص إعلان الدولة المزعومة، والذي يدعي أنّ أرض فلسطين هي مهد الشعب اليهوديّ، وفيها تكونت شخصيته الروحيّة والدينيّة والسياسيّة، وهناك أقام دولة للمرة الأولى، وخلق قيم حضاريّة ذات مغزى قوميّ وإنسانيّ جامع، وأعطى للعالم كتاب الكتب الخالد، ويزعم الإعلان أنّ اليهود نُفيوا عنوة من بلادهم، ويعتبرون أنّ الفلسطينيين هم ضيوف في "إسرائيل" وأنّ الجرائم التي يرتكبونها بحقهم بمثابة استعادة لحرياتهم السياسية في فلسطين.
ولأنّ الجلاد الصهيونيّ الرافض لأدنى انتقاد لجناياته وللوجود الفلسطينيّ بشكل مطلق، لا يمكن أن يتغير دون فضح ممارساته الاستبداديّة ومقاطعته، ومن الضروريّ أن تتكاتف جهود الأقلام الحرة والمنظمات الدوليّة الحقوقيّة والمجتمع الدوليّ لدعم الحقوق المشروعة للفلسطينيين على أراضيهم، إضافة إلى طرد الكيان الغاشم من الأراضي السوريّة واللبنانيّة المُحتلة منذ عقود، شدّد عطوان على المقاومة كحق شرعيّ، مبيناً أنّه "من يقاوم الاحتلال ويُقتَل فهو شهيد، ولن نركع وسنستمر مع المقاومة ومع محور المقاومة، ولن نتراجع مهما حدث".
"هذه القضية مع شعبنا الذي سينتصر في نهاية المطاف"، وأنا ابن مخيم، والإسرائيليّ سلب أرضي، فهل يريدون منعي من التضامن مع شعبي؟"، جملة تلخص كل القضية، لكن "صاحب الحق سُلطان" كما يقول المثل العربيّ، وخاصة مع وجود مؤامرة عربية - إسرائيلية ضد أيّ صوت يدعم الحق والمقاومة ويقول لا للخطط الأمريكية كما أشار عطوان.
في الختام، لن يركع أصحاب الأرض مهما فعل المحتلون الذين يملكون مؤسسات ضخمة موالية للكيان الغاصب في بريطانيا، إضافة إلى الأحزاب التي تتبنى السياسة الإسرائيلية، وإنّ الرعب الإسرائيليّ من أيّ صوت مقاوم مبرر للغاية، فكيف تريدون من هذا الكيان الذي يحاول التستر على جناياته من خلال وسائل الإعلام العالميّة التي يدير اليهود الكثير منها أن يتصرف، في ظل التزايد الكبير لحملات مقاطعة الدولة المزعومة.
في المقابل، وبالاستناد إلى ما ذُكر إنّ الإسرائيليين باتوا أضعف من أي وقت مضى، والدليل أنّ صوتاً واحداً زلزل عروشهم المهزوزة على الساحة الدوليّة نتيجة حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات وحملة منع إضفاء الشرعية على "إسرائيل"، وخاصة أمام حركة مقاطعة الكيان الصهيونيّBDS التي يعتبرها العدو تهديداً استراتيجيّاً لاحتلالهم الأراضي الفلسطينيّة، وقد أقرّ الاحتلال مراراً بفشل جهود وزارة الشؤون الاستراتيجيّة في حكومة العدو بالقضاء على حركة المقاطعة العالميّة المناهضة لكيانهم العنصريّ، والتي ستساهم مع كل المقاومين في فضح قذارة ودمويّة الكيان الصهيونيّ.