الوقت- تتوالى التقارير بين الحين والآخر عن استخدام جماعات الفكر التخريبي التدميري للسلاح الكيميائي سواء في سوريا والعراق، آخر فصول استخدام هذا السلاح هو ما جاء في تأكيد تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من أنه في السادس من هذا الشهر تم استخدام غاز خردل الكبريت في هجوم على بلدة مارع شمال محافظة حلب شمال سوريا، وأضاف التقرير بأن الحديث عن كون الفاعل هو غير حكومي هو ما دفع إلى اجراء هذا التحقيق الذي لم يحدد الفاعل في نهاية المطاف، كما اشارت المنظمة في تقرير سابق لها عن استخدام غاز الكلور في شهر آذار بمدينة ادلب شمال سوريا أيضاً، هذا وأشارت التحليلات إلى أن جماعات الفكر التدميري قد استخدمت السلاح الكيميائي في المناطق الكردية العراقية في وقت سابق. سلسلة التقارير هذه تفتح السؤال على رؤية المجتمع الدولي لهذه الوقائع وخاصة الآلية التي تعمل بها الدول الغربية اتجاه هذه التقارير؟
رؤية المجتمع الدولي لإستخدام السلاح الكيميائي على الأراضي السورية
في وقت سابق من العام 2013، وبعد تقارير وردت عن استخدام السلاح الكيميائي على الأراضي السورية وبالتحديد في الغوطة الشرقية شرق دمشق، سارعت الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا لتحريك الأمور باتجاه اتهام الدولة السورية واللجان الشعبية المساندة بأنها المسؤولة عن استخدام السلاح الكيميائي، لتتوالى على اثرها الدعوات بضرورة تسليم الدولة السورية لما تحويه من أسلحة ومخزون كيميائي، فسلمت ما مجموعه 1300 متر مكعب من الأسلحة الكيميائية، الدولة السورية كان واضحاً لديها أن هذا الأمر كان مخططاً غربياً اقتضى بتسليم جماعات الفكر التدميري سلاحاً كيميائياً بهدف استخدامه وبالتالي اتهام الدولة السورية بالأمر لنزع مخزونها الذي تمتلكه حمايةً للكيان الإسرائيلي.
اليوم ومع عودة مسلسل استخدام السلاح الكيميائي، ومع رفع التقارير بذلك، ومع وجود الحديث عن أن المستخدم له هو خارج دائرة الدولة السورية، فإن التحقيق يتوقف عنده من دون الذهاب إلى تحديد الجهات المستخدمة والتي هي بلا شك جماعات الفكر التدميري، ولا يذهب التحقيق إلى الدول التي تقف وراء تزويد هذه الجماعات بهذا النوع من السلاح، ولا نرى قراراً دولياً ولا أمريكياً بضرورة ضرب هذه الجماعات بصورة حاسمة وحازمة كما كانت ستفعل عام 2013 لولا لم تسلم الدولة السورية مخزونها الكيميائي. الوقائع والحقائق تشير إلى أن المجتمع الدولي ولا سيما أمريكا لا تبالي بما يحصل على الأراضي السورية لطالما بقيت الأمور تجري وفق رؤيتها، هذه الرؤية والتي تُختصر بأن يبقى هناك ترسيم للمناطق بين جماعات الفكر التدميري والدولة السورية وتبقى المعارك قائمة.
المخطط المرسوم
أولاً: استخدام السلاح الكيميائي بدأ يتحول شيئاً فشيئا إلى أمر طبيعي ومقبول، وصار يوضع ضمن سلة الأسلحة المستخدمة في الإعتداء على الدولة السورية بعد أن كان استخدامه خطاً أحمر، هذا يحكي عن طابع من معادلة غربية بالسماح لجماعاتها التخريبية التدميرية على الأراضي السورية فضلاً عن العراقية باستخدام هذا السلاح فضلاً عن أي وسيلة أخرى يمكن أن تحافظ على توازن وجودهم والحد من انتصارات الدولة السورية وشعبها، والحفاظ على الوضع السوري الحالي، خاصة وأن روسيا دخلت على الخط بشكل مباشر بعد أن كان اكتفائها بقرار الفيتو المساند، وثبات الموقف الإيراني الداعم للإرادة السورية والمنطلق من رؤية ثابتة، وصمود الشعب السوري ورفضه لفكر الجماعات الغربية التدميرية، كل هذا جعل الغرب الإستعماري وعلى رأسه أمريكا يستشعر بأن المعادلة التي أرادها على الساحة السورية بدأت تفقد مقوماتها، ومؤشرات ضعف وتراجع قدرة هذه الجماعات على الإستمرار في مخططها بدأت بالظهور، ولذلك نرى تساهلاً من قبل أمريكا والغرب لإستخدام جماعتها لهذا السلاح بعد أن كان خطاً أحمر أملاً في امكانية موازنة ومعادلة الوقائع ومقابلة الصمود السوري والدول الداعمة لها.
ثانياً: تتعمد أمريكا إظهار جماعاتها التدميرية التخريبية على الأراضي السورية بصورتها الوحشية لأسباب عديدة، فصحيح أن ضمن الأهداف زعزعة أمن المنطقة، وصحيح أن اظهار هذه الجماعات بوحشيتها يقع ضمن المخطط الأمريكي الرامي إلى تشويه سمعة الإسلام وإظهاره على أنه منطق ومسلك حياتي وحشي، إلا أن الهدف الأهم لديها والمتناغم مع طريقة تفكيرها يكمن بإيجاد المبررات الدائمة والقوية التي تعطيها الحجة والغطاء لإستمرارية تدخلها في الشأن السوري، واستمرارية تحركها الجوي فوق هذه الاراضي بإعتبار أن استخدام السلاح الكيميائي يعد أمراً خطراً لا يمكن التساهل معه ويتطلب تدخلاً دولياً دائماً وفعالاً.