الوقت - أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، الأحد، أنه لا مصلحة شخصية له في التوقيع على "الاتفاق السياسي" مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وإنما مصلحة الوطن.
ونقل مكتب رئيس الوزراء السوداني عن حمدوك تأكيده، خلال استقباله مجموعة من أعضاء "لجان المقاومة" بالعاصمة والولايات، على عدم وجود مصلحة شخصية له من التوقيع على الاتفاق السياسي وإنما مصلحة الوطن.
وأردف: "هذا الاتفاق لو مشينا فيه بجدية وصرامة له القدرة على فتح الطريق للتحول الديمقراطي".
وأوضح حمدوك أن ما دعاه للتوقيع عدة أسباب أساسية تتمثل في "حقن دماء الشباب والشابات، والمحافظة على المكتسبات خلال العامين الماضيين من العودة للمجتمع الدولي والاصلاحات الاقتصادية، وتحقيق السلام، فضلا عن استئناف مسار التحول الديمقراطي".
وجدد رئيس الوزراء السوداني تأكيده أن الحكومة القادمة ستكون "حكومة كفاءات"، معرباً عن تمنياته بأن يحرص الشباب على المشاركة فيها. كما اعتبر أنه يتوجب على السودانيين أن "يصبروا على مشاكلهم" وان يتمسكوا بالحوار.
ودعا حمدوك "للاستمرار في قضايا البناء القاعدي لوضع لبنات التحول الديمقراطي، والشروع فوراً في انتخابات المحليات لتصبح مختبرات للديمقراطية المحلية".
ويشهد السودان منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي احتجاجات رافضة لإجراءات اتخذها البرهان في اليوم ذاته، وتضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، عقب اعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، ضمن إجراءات وصفتها قوى سياسية بأنها "انقلاب عسكري".
ورغم توقيع البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، يتضمن عودة الأخير لمنصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي؛ فإن قوى سياسية ومدنية عبّرت عن رفضها للاتفاق باعتباره محاولة لشرعنة الانقلاب، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.
وفي أكثر من مناسبة، شدد البرهان على أنه أقدم على إجراءات 25 أكتوبر لحماية البلاد من خطر حقيقي، متهما قوى سياسية بالتحريض على الفوضى.
بدورها تبرّأت لجان من المقاومة السودانية، الاثنين، من لقاء تقول إنه مزعوم تم بينها وبين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، نافية بشدة علاقتها باللقاء الذي عدّته محاولة من سلطات الانقلاب العسكري لشق الصف.
وتشكلت لجان المقاومة خلال الثورة السودانية على نظام عمر البشير، وهي مجموعات شعبية ساهمت في تنظيم الحراك الاحتجاجي، مما أجبر قيادة الجيش على عزل البشير في 11 أبريل/نيسان 2019.
وذكرت لجنة مقاومة الخرطوم ، في بيان لها، أن ما جاء في اللقاء هو استمرار لسياسة التدليس التي ظلت تمارسها السلطة الانقلابية طيلة الفترة الماضية، وأن ما تمخض عن الاجتماع فيه الكثير من العبث ومحاولة يائسة لإضفاء شرعية مفقودة للسلطة الانقلابية المتهالكة، التي قاربت على السقوط.
وأكد البيان أن لجان المقاومة في الخرطوم وسط لم تشارك في الاجتماع العبثي بين بعض السواقط من فلول النظام المقبور ورئيس مجلس الوزراء الانقلابي، مجددة موقفها الثابت من السلطة الانقلابية، وهو "لا شراكة، لا تفاوض، ولا مساومة".
كما أعادت لجان الخرطوم جنوب التأكيدات ذاتها، وأوضحت في بيان لها، أنها رفضت الاجتماع مع حمدوك من قبل، ودعت السودانيين إلى المشاركة في مليونية 30 نوفمبر/تشرين الثاني، غداً الثلاثاء، ضمن جداول إسقاط الانقلاب. كما صدرت بيانات مماثلة من تنسيقيات لجان مقاومة أم درمان وبحري ومدني، مطالبة طاقم حمدوك الإعلامي بالإفصاح عن اللجان المزعومة التي ادّعى أنها التقت برئيس وزراء الانقلاب.
وأعلنت تنسيقيات لجان المقاومة بالعاصمة السودانية الخرطوم، الإثنين، أن مواكب 30 نوفمبر/ تشرين الثاني (الثلاثاء)، ستتوجه إلى القصر الرئاسي وسط العاصمة، رفضا للاتفاق السياسي الأخير.
وقالت في بيان اطلعت عليه الأناضول: "اتفقت تنسيقيات ولاية الخرطوم على القصر الجمهوري (القصر الرئاسي) كوجهة مشتركة للمواكب"، تعبيرا عن الموقف الثابت "لا تفاوض.. لا شراكة.. لا مساومة".
وأضافت: "موقفنا من السلطة الانقلابية كان ولازال واضح، و لانفرق بين رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو وبقية الجنرالات فكلهم انقلابيين".
من جهته قال المحلل السياسي المهتم بالشأن السوداني هشام الدين نورين، إنه بالعودة إلى منصب رئيس وزراء السودان، كان على عبد الله حمدوك قبول المطالب التي طرحها عليه البرهان وهي عدم التدخل في مخططات منظومة عبد الفتاح البرهان الذي يعني أنه يريد الاستمرار بلعب دوره في المنطقة.
وأضاف أنه كذلك تنفيذ عبد الله حمدوك ما يأمره به عبد الفتاح البرهان بصمت تام وكامل وشامل حتى أنه سيتم استخدام حمدوك كيفما شاء البرهان، من ناحية، ليكون في ضوء إيجابي أمام البلدان الأخرى والتظاهر بأن المدنيين في السودان لهم الحق في التصويت، ومن ناحية أخرى، من اجل البقاء في السلطة والاستمرار في قيادة البلاد لمصالحهم الخاصة ومصالح الجيش.
ومن جانبه استهجن المحلل السياسي هشام الدين نورين هذا الأمر لما آلت اليه الأمور في السودان خلال العامين الماضيين في ظل حكم حمدوك، وبالتالي يقول الكثيرون إنه لا ينتظر اي شيء جيد ولا جديد من حكم حمدوك المقبل، بل أن الأمور سوف تزداد سوءاً ببساطة لأن حمدوك الآن سيصبح مجرد أداة فقط.
لم يعد السودانيون بعد أسابيع طالت، قادرين على التعامل مع أزماتهم بآلية التنظير الأكاديمية أو تصريحات الطمأنة السياسية التي لا تعدو كونها تصريحات للاستهلاك المحلي، فيما يظل الداخل السوداني أمام اختبار مصيري لن يكون أمامه بعد خوضه من خيار سوى النجاح.