الوقت_ ضجة وغضب عارمين في مصر أثارهما إعلان الاحتلال الصهيونيّ تدشين أرشيف رقمي لجريدة "الأهرام" التي تأسست عام 1875، في ما تسمى "المكتبة الوطنية"، والذي نُشر عبر صفحة "إسرائيل بالعربية" على الفيسبوك، والناطقة بلسان وزارة خارجية العدو، بمزاعم تتحدث أن "المشروع الجديد يهدف لمشاركة الجمهور بمخزونها من الوثائق والمعلومات، حيث ارتأت أن تضع بين أيدي القراء نسخاً من الصحيفة المصريّة العريقة"، وإنّ الغضب العربيّ وبالتحديد المصريّ في مختلف الأوساط جاء نتيجة غياب المعلومات حول كيفية حدوث ذلك.
"تحقيق عاجل ودقيق"، هو المطلب الذي أجمع عليه المصريون، وبالأخص فئة المثقفين والكتاب والباحثين، لدرجة أنّ عضو مجلس نقابة الصحفيين المصريين، محمود كامل، اعتبر هذا الفعل "جريمة جديدة" ارتكبها الكيان الصهيوني، تضاف إلى سجله الحافل بالسطو والاعتداء والقرصنة، مضيفاً أنّ ذلك يمثل "واقعة خطيرة غير مسبوقة" في سجل الصحافة المصريّة، تستدعي تحركاً عاجلاً وسريعاً، بعد أن قامت تل أبيب بتدشين أرشيف رقميّ لصحيفة الأهرام يتيح لجميع الطلاب نسخاً من صحيفة الأهرام، وينتزع لموقع المكتبة الوطنية الصهيونية حق التصوير من هذا الأرشيف لمن يرغب.
وفي هذا الشأن، وصف المصريون ونخبهم الاعتداء الإسرائيليّ الخطير بـ "الجريمة المتكاملة الأركان"، مطالبين بتحرك فوريّ من مؤسسة الأهرام ومجلس إدارتها وجميع أبنائها، لأنّ أرشيفها يُعبر جزءاً حقيقيّاً من تاريخ الجمهورية المصرية، إضافة إلى أنّه اعتداء صارخ على حقوق الملكية الفكريّة لمؤسسة إعلاميّة عريقة، وهذا يستدعي موقفاً نقابيّاً يتضامن مع موقف الصحيفة المصرية ويسانده ضد الاعتداء الصهيوني السافر على الإعلام ومؤسساته، ودفاعاً عن تاريخ حافل بالإنتاج العمل وجهد أجيال متعاقبة من الصحافيين.
كذلك، من الضروري أن ينطلق الدور النقابيّ المصريّ المدعوم شعبيّاً بشكل كبير، من مواقف الصحافيين المصريين المناهضة والمعادية للكيان الصهيوني القاتل ورفض كل أشكال التطبيع مع العصابات الصهيونيّة وسالبي الأرض، بالاستناد إلى الدعم الرسميّ والحكوميّ على أعلى المستويات، كي لا يُترك تاريخ مصر وشعبها ومؤسساتها لعبة بيد المحتلين العنصريين، قاتلي الأطفال والشيوخ والنساء.
وفي ظل التنديد والمطالبات بمعرفة الأسباب التي أدت إلى وصول الأرشيف للطلاب الصهاينة، في وقت يواجه فيه الطلاب والباحثون المصريون صعوبات جمة في الاطلاع عليه، أوضح نقيب الصحافيين المصريين السابق، يحيى قلاش، "أنّ الأمر جاد وخطير ولا يمكن الصمت عليه أبداً"، داعيّاً الهيئة الوطنيّة للصحافة باعتبارها المسؤولة عن إدارة ملكية الصحف القوميّة بحكم دستور البلاد، أن تقوم بالتحقيق في هذه الواقعة الخطيرة، وأن تتخذ كل ما يلزم قانونيّاً وأن تعلن للرأي العام الغاضب حقائق الموضوع وحيثياته، باعتباره صاحب هذه الصحف، فتاريخ الصحف المصرية هو جزء من التاريخ والذاكرة المصريّة، ولا يمكن أن يكون بأيّ شكل من الأشكال عرضة للبيع والشراء على أرصفة مؤسسات الكيان الصهيوني المجرم.
وفي الوقت الذي لم تكشف فيه الصفحة الصهيونيّة عن مصدر حصول المكتبة التابعة للعدو على أرشيف صحيفة "الأهرام" التي تعد واحدة من أكبر الصحف المنتشرة في العالم، إلا أن القائمين عليها نوهوا فيما بعد بأن "أرشيف الصحيفة المصرية متاح فقط ضمن قاعدة البيانات الخاصة بالمكتبة، وللباحثين والطلاب الصهاينة دون غيرهم"، فيما لم يصدر عن صحيفة "الأهرام" أيّ توضيح بخصوص تلك الأنباء حتى اللحظة.
خلاصة القول، على المصريين بكل فئاتهم نجدة تاريخ صحيفة الأهرام التي وصفها كتاب ونقاد مصريون بأنّها "ديوان الحياة المعاصرة"، فالأهرام ليست مجرد صحيفة عادية، لأن العمر امتد بها حتى شاخت ووصلت من الحياة إلى أرذل العمر، ولكن مرور الزمن كان يزيدها أصالة، ومن ثم فهي صحيفة تحمل على ظهرها تاريخاً سياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً وثقافيّاً، محليّاً ودوليّاً بحسب كثيرين، فشمولها للأحداث جعلها ديوانا للأحداث بلغة عصرها وانفعالاته واهتماماته، وهذا ما أثار غضب الناشطين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعيّ، والذين اعتبروا ذلك تفريطاً في أرشيف مصر لمصلحة الصهاينة الغاصبين.