الوقت- بحسب وسائل الإعلام الصهيونية، سيغادر رئيس وزراء الکيان نفتالي بينيت إلى سوتشي في 22 أكتوبر 2021 – بعد أسبوع - للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ينعقد هذا الاجتماع في حين أنه بالتزامن مع وصول بينيت إلى السلطة، ساد مستوى كبير من الاضطرابات في الأراضي المحتلة من ناحية، ومن ناحية أخرى، على مستوى المعادلات الإقليمية، هناك أدلة كثيرة على حدوث تغيير في هندسة القوة في المنطقة والانتقال إلى نظام أمني جديد.
هذا هو أول لقاء لبينيت مع بوتين منذ دخوله مكتب رئاسة الوزراء في الکيان الإسرائيلي، ولهذا السبب يحاول بينيت الحصول على صورة مقنعة لدعم موسكو لأمن الکيان، للحفاظ على تماسك حکومته وإحباط الهجمات الحادة من قبل منتقدي اليمين مثل نتنياهو، ومعالجة تحدياتها الأمنية الخارجية. ومع ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، ما هي أهداف نفتالي بينيت خلال زيارته إلى روسيا؟
قضية البرنامج النووي الإيراني
كما يؤكد جميع المراقبين السياسيين ووسائل الإعلام، فإن قضية البرنامج النووي الإيراني ستكون المحور الرئيسي لاجتماع بينيت مع فلاديمير بوتين.
رئيس وزراء الکيان الصهيوني، بالتزامن مع تزايد إمكانية استئناف محادثات فيينا بين إيران ودول 5 + 1، زاد من لهجته واتهاماته الباطلة ضد طهران على نطاق واسع في الأسابيع الأخيرة.
في الحقيقة، بعد أن شعر بينيت بالإحباط من استراتيجيته لثني إدارة جو بايدن عن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، قدم مطالب سخيفة مثل ضرورة تدخل مجلس الأمن في انتهاكات إيران في القضية النووية(بحسب تل أبيب)، وضرورة المواجهة العالمية مع طهران.
في الوضع الحالي، يبدو أن بينيت يحاول تغيير نظرة فلاديمير بوتين إلى ملف إيران النووي. حقيقة الأمر أن موسكو تقف في الخندق الإيراني في محادثات فيينا، لذا يحاول الصهاينة تعطيل التنسيق والتقارب بين طهران وموسكو فيما يتعلق بالبرنامج النووي.
وفي هذا الصدد، سيكون التركيز الأهم لتل أبيب على محاولة خلق موجة من عدم الثقة بين طهران وموسكو في مجال التعاون النووي.
السعي لتعزيز العلاقات الثنائية
يمكن اعتبار الهدف الثاني من زيارة نفتالي بينيت إلى سوتشي، على أنه محاولة لتعزيز العلاقات بين البلدين على مختلف المستويات الاقتصادية والأمنية والعسكرية.
على مدى السنوات القليلة الماضية، كان هناك مستوى كبير من التبادلات الدبلوماسية بين المسؤولين من كلا الجانبين، ولكن على المستوى الكلي، لا يمكن بأي حال من الأحوال وصف العلاقات بين موسكو وتل أبيب بأنها "تحالف استراتيجي"، بل يبدو أن عنوان التعاون الوثيق هو مفهوم أكثر دقةً.
على صعيد العلاقات الثنائية بين الکيان الإسرائيلي وروسيا في السنوات الأخيرة، نرى أن المحادثات الإستراتيجية المنتظمة تجري على أعلى مستوى بين الجانبين، وکذلك المشاورات على مستوى وزارتي الخارجية، والهياكل الوطنية والبرلمانية المختلفة، والعلاقات بين مجلس الأمن القومي للکيان الصهيوني ومجلس الأمن الروسي، سواء على مستوى القادة أو بمشاركة الخبراء.
حتى في العقد الماضي، سافر بنيامين نتنياهو، كرئيس وزراء سابق للکيان الإسرائيلي، إلى روسيا حوالي 20 مرة، وسافر بوتين ثلاث مرات إلى الأراضي المحتلة.
حتى أن الکيان الصهيوني قد رفض حتى الآن الانضمام إلى صفوف الدول التي تفرض عقوبات علی روسيا، ويقال إن الکيان يضغط في الغرب لمعارضة حظر موسكو.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية أيضًا، هناك وفد التفاوض والتنسيق بين موسكو وتل أبيب منذ عام 2015، والذي يقوم بأنشطته. وبالنظر إلى جميع المستويات المذكورة، يبدو أن بينيت يسعى في لقائه مع بوتين إلى زيادة مستوى التعاون الثنائي بين الجانبين.
الإنسحاب الأمريكي من المنطقة والضرورات المقبلة
من بين المواضيع الضرورية الأخرى التي يثيرها بينيت خلال رحلته إلى سوتشي، هي انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة واختلال توازن القوى في غرب آسيا وشمال إفريقيا.
اليوم، أصبح انسحاب القوات الأمريكية من المنطقة حقيقةً لا يمكن إنكارها، ويسعی الاستراتيجيون الإسرائيليون للتكيف مع الوضع الجديد.
إن هم الصهاينة الأساسي هو أنه بعد انسحاب الأمريكيين ستحدث تطورات في المنطقة ضد مصالحهم وأمنهم. لذلك، فهم يسعون من الآن إلى تعزيز علاقاتهم مع موسكو من خلال اتباع دبلوماسية متعددة المستويات، بالتزامن مع تعزيز علاقاتهم مع العرب.
هذا في حين أن روسيا تتمتع خلال السنوات القليلة الماضية بمستوى كبير من التنسيق والتحالف مع الخصمين الإقليميين للکيان الصهيوني، وهما إيران وسوريا.
يسعى قادة الكيان الصهيوني الآن إلى تمهيد الطريق أمام تعاون مستقبلي مع روسيا في معادلة غرب آسيا، نتيجة التشاور والتنسيق مع موسكو، وذلك لإلحاق أقل قدر من الضرر بهم من الوضع الذي سيعقب انسحاب واشنطن، أو في الحد الأدني، ألا تؤدي النزاعات حول القضايا والملفات الجيوسياسية المهمة في المنطقة إلى توترات سياسية بين الجانبين.
قضية فلسطين
ستكون القضية الفلسطينية وسبل حل الأزمة موضوعًا مهمًا آخر بالنسبة إلى بينيت خلال لقائه مع فلاديمير بوتين.
لقد أدركت السلطات الصهيونية بوضوح أن دور الولايات المتحدة الوسيطي أحادي الجانب في القضية الفلسطينية يقترب من نهايته، ويريد فاعلون آخرون، مثل روسيا والصين، مزيدًا من المشاركة في هذه الأزمة الکبيرة والتاريخية.
في غضون ذلك، فإن موقف موسكو الرسمي، بخلاف موقف تل أبيب، يقوم على قرارات مجلس الأمن وخطة السلام العربية، وقد صرحت موسكو مرارًا في الماضي بأنها تعارض منع الصهاينة من إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
لكن بينيت الآن يحاول أن يجعل روسيا، في الحد الأدني، غير فاعلة بشأن جرائم الکيان الصهيوني ضد المواطنين الفلسطينيين.