الوقت - تحتفل الولايات المتحدة بالذكرى السنوية العشرين لهجمات 11 سبتمبر بينما تقام هذه المراسيم في أجواء مختلفة تمامًا هذا العام نتيجة الانسحاب العسكري الأمريكي من الحرب في أفغانستان، والذي يشار إليه باعتباره انتكاسةً كبيرةً لعقدين من الهجمات الخارجية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
11 سبتمبر رمز جديد لانحدار أمريكا
أدت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، المعروفة باسم هجوم القاعدة على برجي منظمة التجارة العالمية، إلى حقبة جديدة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تُعرف باسم عصر حكم المحافظين الجدد.
أدت هجمات الحادي عشر من سبتمبر ، المعروفة باسم هجوم القاعدة على برجي منظمة التجارة العالمية ، إلى حقبة جديدة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة تُعرف باسم عصر حكم المحافظين الجدد.
بعد هذا الحادث، وضع المحافظون الجدد بقيادة جورج دبليو بوش سياسة استخدام الآلة العسكرية الأمريكية على جدول أعمالهم للترويج لما تسمى الديمقراطية الليبرالية وحقوق الإنسان، مرددين شعار مكافحة الإرهاب وخريطة طريق "الشرق الأوسط الجديد".
وفي هذا الصدد، في عام 2001 تم غزو أفغانستان التي کانت تحت سيطرة طالبان بذريعة حضور القاعدة وجماعات إرهابية أخرى، واحتُلت أراضيها لمدة عقدين.
كانت واشنطن تعتزم في البداية تقديم تأسيس نظام علماني وديمقراطي في أفغانستان كنموذج بديل للأنظمة السياسية القائمة في المنطقة، وتقديم هذا البلد للعالم كرمز لإرادتها في محاربة الإرهاب.
ولكن الآن، بعد عشرين عامًا من أحداث الحادي عشر من سبتمبر والاحتلال الأمريكي لأفغانستان، لم يتم القضاء على الجماعة التي أطاحت بها واشنطن بذريعة محاربة الإرهاب فحسب، بل أعلنت هذه الجماعة في 15 أغسطس 2021 انتصارها ودخلت كابول وهي تسعی لإقامة الإمارة الإسلامية وتشكيل حكومة جديدة.
من المؤكد أن المجتمع الدولي، الذي كان يتذكر أحداث الحادي عشر من سبتمبر باحتلال أفغانستان والاستثمار الخاص للولايات المتحدة وحلفائها في الحرب ضد الإرهاب، هو الآن في الوضع الجديد ومع هروب الولايات المتحدة الفاضح من أفغانستان، مخلفةً آلاف القتلى والجرحى وإنفاق 2 تريليون دولار دون أي مكاسب، سيتذكر أحداث الحادي عشر من سبتمبر كرمز لانحدار أمريكا ومكانتها في النظام العالمي.
في الواقع، كانت خارطة طريق السياسيين والاستراتيجيين الأمريكيين هي استخدام 11 سبتمبر كنقطة تحول تاريخية في دخول نظام عالمي جديد وعالم أحادي القطب وتعزيز الهيمنة الأمريكية، لكن بعد عقدين من الزمن نرى أن هذا الحدث أصبح رمزاً لعصر تراجع أمريكا في النظام العالمي.
ولإثبات هذه النقطة، يكفي النظر إلى التكاليف المالية والبشرية الهائلة للأمريكيين وحلفائهم في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين، والانسحاب اللاحق لقوات الناتو بأبشع طريقة ممكنة.
في الواقع، كانت الحرب في أفغانستان أطول حرب أمريكية في الألفية الجديدة(2000)، حيث قُتل فيها عشرات الآلاف وتورط فيها أربعة رؤساء أمريكيين.
ووفقًا لإحصائيات "مشروع نفقات الحرب" بجامعة براون، الذي يسجل التكاليف الخفية لما بعد حرب 11 سبتمبر، من عام 2001 إلى منتصف أبريل، قُتل ما لا يقل عن 47245 مدنياً في هذه الحرب. حتى أن "مشروع نفقات الحرب" يقدر أن هذه الحرب أودت بحياة 66 إلى 69 ألف أفغاني.
على مستوى آخر، وفقًا لتقرير الأمم المتحدة، فقد أجبرت هذه الحرب 2.7 مليون أفغاني على الفرار من بلادهم إلى إيران وباكستان وأوروبا. کما نزح حوالي أربعة ملايين آخرين داخل بلادهم، التي يبلغ عدد سكانها 36 مليون نسمة.
في غضون ذلك، أعلن تقرير وزارة الدفاع الأمريكية مقتل 2442 جنديًا أمريكيًا وإصابة 20 ألفًا و 666 جنديًا في هذه الحرب منذ عام 2001. کذلك، وفقًا لمشروع نفقات الحرب، أنفقت الولايات المتحدة 2.26 تريليون دولار على مجموعة من التكاليف.
وعلى الرغم من هذه التكاليف الباهظة، نرى أنه حتى الأمريكيين بذلوا جهوداً جبارةً لإنقاذ أرواح جنودهم من مطار كابول، وأصبحت وجوه الجنود الأمريكيين عند مغادرتهم أفغانستان رمزاً للهزيمة وتراجع الهيبة الأمريكية.
العار يلحق بالبيت الأبيض بعد فضح دور السعوديين في قضية 11 سبتمبر
إضافة إلى أفغانستان، أصبح التستر من جانب العديد من الإدارات الأمريكية على دور السعودية في 11 سبتمبر، قضيةً مهمةً أخرى في الذكرى العشرين للحدث.
على مدى الأشهر القليلة الماضية، ومع اقتراب هذا الحدث التاريخي، تصاعد الضغط على إدارة بايدن للإفراج عن هذه الوثائق السرية التي تكشف دور السعوديين في هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية.
بعد عقدين من الزمان، ظل العديد من الغموض والأسئلة حول الأبعاد الخفية لهجمات 11 سبتمبر دون إجابة، والآن امتد ضغط الرأي العام للكشف عن وقائع هذه الحادثة المهمة إلى الحملات الرئاسية أيضًا.
کذلك، على مر السنين الماضية، أصر العديد من أسر الضحايا على الكشف عن تقارير المخابرات حول دور السعودية، لكن حتى الآن منع حكام البيت الأبيض من كلا الحزبين نشرها بسبب علاقاتهم الوثيقة بالرياض والفوائد الاقتصادية للعلاقات مع السعوديين.
في الواقع، ليس فقط إدارة بايدن، بل جميع الإدارات السابقة منذ جورج دبليو بوش، کانت على دراية بالدور المباشر للسعوديين في أحداث 11 سبتمبر، ولكنها أخفت الحقائق عن الرأي العام والمواطنين وأهالي الضحايا لأسباب اقتصادية وسياسية.
الحقيقة هي أن معظم إرهابيي الحادي عشر من سبتمبر هم من السعودية، وهناك أدلة كثيرة على الدعم المالي السعودي للقاعدة أيضًا. ويبقى السؤال حول الدور الذي لعبته السعودية كدولة في هجمات 11 سبتمبر دون إجابة بالنسبة لجميع أهالي الضحايا والرأي العام في الولايات المتحدة.
وقد أصبحت هذه القضية الآن فضيحةً كبرى أخرى للبيت الأبيض، ما قلل بشكل أكبر من أهمية 11 سبتمبر للمجتمع الدولي، ويُنظر إلى تكتم الحكام الأمريكيين على دور السعودية كرمز لنهاية حقبة الهيمنة الأمريكية.