الوقت- إن مراجعة أداء النظام البحريني تُفضي لنتيجة أنه نظامٌ يسعى لتأمين استمراريته ولو على حساب شعبه. في حين يتساءل الكثيرون عن الأسباب التي تدفعه لإستخدام العنف وسياسات القمع مقابل شعبه، ولو فيما يتعلق بأبسط حقوقه المشروعة دينياً وسياسياً. إلى جانب أن معتقلي السياسة وفي مقدمتهم الشيخ علي سلمان، أصبحوا نموذجاً لإنتهاك حقوق الإنسان والشرعية. كما أن كيل الإتهامات للدول لا سيما إيران أصبحت من سمات هذا النظام. فماذا في أداء وتصرفات نظام آل خليفة؟ وماذا في التحليل والدلالات؟
تصرفات نظام آل خليفة:
خرج وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد الخليفة ليُصرح على هامش مؤتمر حوار المنامة السنوي، متهماً ایران بتخريب الدول العربية، والعمل على زعزعة إستقرار هذه الدول لا سيما الخليجية منها. واصفاً بأن إيران تمثل تهديداً للمنطقة. لكن يبدو أن المسؤول البحريني وجد في كيل الإتهامات لإيران محاولةً لتبرير المشاكل الداخلية التي تعيشها البحرين، لا سيما بين السلطة والمعارضة. مع الإشارة الى أنها ليست المرة الأولى التي يخرج فيها مسؤول بحريني لإتهام إيران. لكن أسئلةً كثيرة أصبحت مشروعة اليوم، بعيداً عن هذا الترويج البحريني الذي أصبح من المعروف أنه بعيدٌ عن الواقعية.
فالكثير من الأمثلة التي تدل على وجود سياساتٍ قمعية تستخدمها السلطة البحرينية، والتي بات يُطرح حولها العديد من التساؤلات، لما قد تسببه من أزمةٍ تتخطى المجتمع بل تهدد أصل وجود النظام، في ظل سلطةٍ لا تتوانى عن استخدام القمع، وشعبٍ لا يرضخ للظلم، بل يزداد إصراراً في الدفاع عن حقوقه.
فكما في كل عام يعمد النظام البحريني على إستدعاء خطباء المنابر الحسينية ومسؤولي مآتم وعلماء دين، للتحقيق معهم حول إحياء عاشوراء، وهو الأمر الذي تعتبره جهات حقوقية محلية وإقليمية ودولية تضييقاً ممنهجاً ضد الحريات الدينية ومصادرة لأبسط حقوق المواطنين. كما أن الأحداث التي حصلت نهاية شهر تشرين الأول المنصرم، والتي تمثلت بقمع إحياء المناسبات الدينية، وإزالة مظاهر الإحياء العاشورائي، الى جانب استخدام العنف والقمع المفرط وإستخدام الأسلحة النارية "الشوزن" المحرمة دولياً، أمورٌ تدل على مضى النظام في سياسته دون التعلم من دروس التاريخ.
دلالات وتحليل:
لا شك أن السياسة التي يستخدمها أي نظام بحق شعبه، ستنعكس على التقبل الحاصل لهذا النظام من قبل الشعب. لكن على ما يبدو فإن النظام البحريني يجد أنه يستطيع الإستمرار بدون وجود إرادة شعبية ترغب به. كما أنه لا يكتف بالقيام بإجراءات قد تطال النخب السياسة، بل يقوم بقمع المواطنين في أبسط حقوقهم المشروعة. وهنا نقول التالي:
- إن سياسة القمع والعنف التي يستخدمها النظام البحريني ستعمل على إيقاظ مشاعر الشعب أكثر والتفافه حول المعارضة. كما ستدفعه لوعي حقوقه المنتهكة والتي تتخطى الرأي. فيما يستغرب الكثير من المحللين، السياسة التي يعتمدها هذا النظام، والذي لا يُعير أي اهتمامٍ لآراء الشعب، بل يقوم بالإضافة لذلك بقمعه في حقوقه الطبيعية ومنها إقامة المناسبات الدينية.
- ولعل مطالب المعارضة اليوم أصبحت مُحرجةً أكثر للسلطة، لا سيما بعد أن نشطت في الأعوام الأخيرة حركات منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، والتي استطاعت إثبات تهمة انتهاك حقوق الإنسان على النظام البحريني. فيما يدل حجم المعارضة وتأثيرها على عدم القبول الشعبي لهذا الحكم. وهو الأمر الذي أصبح يهدد استقرار ونظام البحرين.
- من جهةٍ أخرى فإن رفض النظام للأخذ برأي الشعب عبر انتخاباتٍ ديمقراطية وفق المعايير الدولية تُظهر أحجام الجميع، هو من الأمور التي تدل على خوف وضعف السلطة في البحرين. مما يدفع العديد من المراقبين للتساؤل حول مشروعية هذا النظام. بل إن إعتماده على مرتزقةٍ من الخارج ليكونوا مسؤولين عن تأمين حمايته دليلٌ على انتقاصه لثقة الشعب به، وعدم وجود أرضيةٍ محليةٍ تحتضنه.
لم يعد لنظام البحرين أي بابٍ يمكنه من خلاله الترويج لمشروعيته. فسياسته القمعية بحق شعبه قبل نُخبه السياسية والدينية، أفقدته المشروعية. في حين يتساءل الكثيرون عن مستقبل البحرين في ظل هذه الأحدث. لا سيما حين تكون المعارضة مصرةً على حقوقها التي تعتبر أدنى الحقوق المدنية والدينية، بينما تُصر الطبقة الحاكمة على سياسات القمع وممارسة الظلم. فهل سيدخل البحرين نفق التغيير المظلم؟