الوقت- أثارت علاقات بغداد المتنامية مع بعض دول حاشية الخليج الفارسي في الفترة التي تسبق الانتخابات العامة في العراق، مخاوف بين مجموعة من النخب السياسية التي تنتقد السياسات الطائفية السعودية والإماراتية في المنطقة.
وأفادت نور نيوز بأن الدعم التسليحي للقبائل المعارضة للحكومة المركزية، ومحاولات النفوذ في الأحزاب السياسية بهدف ايجاد انقسامات، ودعم تفكك العراق، ولعب دور في تمكين الجماعات التكفيرية مثل داعش، هي جزء من الذكريات المريرة الباقية من تاريخ علاقات المشيخات الخليجية مع العراق ما بعد صدام.
هذا وإن زيارة رئيس الوزراء العراقي الكاظمي الأخيرة إلى السعودية والإمارات أدت ظاهرياً إلى عقد عدة مذكرات تفاهم، ووعد هذان البلدان بزيادة دورهما في عملية إعادة إعمار العراق. حيث انهم وعدوا باستثمار 6 مليارات دولار في العراق لكن ديناراً واحداً لم يصل بعد من الوعود السابقة!
وقد تسببت هذه الحادثة وبعض مواقف الحكومة العراقية الاخرى في إثارة الأطياف السياسية في هذا البلد للتعبير عن القلق من تنامي نفوذ الرياض وأبو ظبي في العراق. وفي الوقت نفسه، تعتبر هذه الاستثمارات مهمة وحيوية للغاية بالنسبة للعراق الذي هو في حالة حرب ومتورط في أزمات مختلفة. فلماذا يشعر السياسيون العراقيون بقلق بالغ بشأن مستقبل تحسين العلاقات مع السعودية والإمارات؟
تحذير من أن زخ الأموال الإماراتي سيؤثر على نتائج الانتخابات العراقية المقبلة
يعتقد محلل عراقي أن دول الخليج الفارسي اتخذت إجراءات ضد بعض الجماعات السياسية العراقية وتسعى لادارة الانتخابات وتوجيهها لمصلحتها.
ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية العراقية في يونيو من هذا العام. وفي هذا الصدد قيم كريم الخيكاني هذه الإجراءات انها من أجل تشكيل حكومة تتماشى مع خطة التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتي تم تنفيذها في عهد ترامب وأدت إلى تطبيع علاقات الكيان مع عدة دول عربية.
إن عدم الثقة بالسعودية والإمارات في العراق ينبع أكثر من أي شيء آخر من السياسات الطائفية للبلدين وجهودهما لتقويض التماسك الداخلي في العراق، البلد الذي شهد مشاركة شعبية في السياسة منذ سقوط صدام حسين وسقوط الديكتاتورية البعثية.
وعلى مر السنين، قامت الرياض وأبو ظبي بتقييم تنامي قدرة بغداد وتعميق السيادة الوطنية في العراق، على أساس أن لديها علاقات جيدة مع إيران.
وأدى ظهور الصحوة الإسلامية والافتقار الملموس للشرعية في الأنظمة العربية الرجعية إلى اتباع دول الخليج لسياسات أكثر صرامة ضد خصومها. بعد الانتفاضة الشعبية في البحرين واحتجاجاتهم السلمية، دخلت القوات السعودية البلاد وقتلت المعارضة.
هذا وتشن السعودية، إلى جانب تحالف من عدة حكومات عربية، حربا دموية ضد اليمن منذ عام 2015، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى القوة المتزايدة للحركات المستقلة في البلاد، الحرب التي تحولت إلى كارثة إنسانية في اليمن.
وتعتبر الرياض وحلفاؤها من أهم الداعمين للحركات السلفية التكفيرية في المنطقة، وخاصة الحركات الإرهابية التي سعت إلى إبادة خصومها من جميع الأعراق والأديان بهدف إقامة الخلافة وواصلت ذلك في الحرب الداخلية في العراق وسوريا.
وفي داخل السعودية، اشتدت ايضا الحملة على المعارضة في السنوات الأخيرة، ما أثار احتجاجات دولية. حيث هاجم الجيش السعودي بشكل متكرر المدن الشرقية في المملكة منذ عام 2015، عندما تولى بن سلمان السلطة، ما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين.
وفي عام 2016، شن السعوديون حملة صارمة على احتجاجات المعارضة وأعدموا زعيمهم الروحي آية الله الشيخ نمر بعد تعذيبه واعتقال وتعذيب الآلاف، وتم إعدام المئات منهم أو الحكم عليهم بالسجن لمدد طويلة، وقطعوا رؤوسهم. ومع ذلك كان بعض هؤلاء الضحايا من الأطفال وفقا لتقارير الأمم المتحدة.
ومع هذا السجل السيئ، فإن نية السعودية والإمارات لمحاولة تحسين العلاقات مع بغداد في الفترة التي سبقت الانتخابات موضع تساؤل من قبل بعض الأطياف السياسية وكذلك الرأي العام في العراق.
وأظهرت الرياض وأبو ظبي أن المجتمعات الديمقراطية ترى السعي وراء حقوقها الفردية والاجتماعية في غرب آسيا على عكس مصالحها الحيوية وتعارضها بشكل مباشر، وأن سياساتهما في العراق تتماشى مع هذا النهج.
وعلى هذا النحو فإن تأثيرهم في العراق، الذي وجد شعبه فرصة للمشاركة السياسية الفعالة في بلدهم بعد قرن من الزمن، قد يزيد من إضعاف الحكومة المركزية ويزيد من عدم الاستقرار.