الوقت- انعقدت القمة الحادية والأربعون لمجلس التعاون، في محافظة "العلا" بالسعودية. وتأتي القمة بعد أن أعلنت الحكومة الكويتية يوم الاثنين المنصرم، عن اتفاق الدوحة والرياض على إعادة فتح الحدود البحرية والجوية والبرية.
وفي ختام هذه القمة التي انعقدت بهدف إنهاء أزمة استمرت ثلاث سنوات في علاقات قطر مع الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، تم التوقيع على بيان من قبل المشاركين.
وعلى الرغم من عدم نشر فقرات البيان، التي قيل إنها تهدف إلى إنهاء أزمة علاقات قطر مع الدول الأربع التي دامت ثلاث سنوات، إلا أن أمير الكويت وصف محتواه بأنه اتفاق تضامن دائم.
وبناءً على ما اتضح حتى الآن في هذا البيان، ستعيد الدول الثلاث، أي السعودية والبحرين والإمارات، فتح جميع حدودها مع قطر، وإنهاء الحصار المفروض عليها، وفي المقابل تعلق الدوحة دعاويها ضد الدول الثلاث في المؤسسات الدولية.
ومع ذلك، فإن عمق الأزمة، وكذلك بعض المؤشرات مثل مستوى القادة الذين حضروا القمة وبعض القضايا الأخرى، تثير السؤال الأساسي حول ما إذا كانت المصالحة الأخيرة قادرةً على إنهاء الأزمة أم لا؟ وبناءً على هذه التسوية، هل سيخرج مجلس التعاون من الركود الذي يعيش فيه؟
عدم التنسيق وتوافق الآراء بين الدول الأربع
رغم انعقاد قمة العلا وتوقيع البيان الختامي من قبل جميع الأطراف، يبدو أن الدول المحاصرة لقطر لا تتفق على آلية وكيفية حل هذه القضية.
وعلى وجه التحديد، لا تزال لدى الدول الثلاث أي مصر والبحرين والإمارات، شروط مسبقة لقطر لحل الأزمة، والتي لم يتم تضمينها في البيان الختامي للقمة.
وفي هذا الصدد، أدى عدم تلقي ضمان من قطر لعدم دعم الإخوان المسلمين، إلى غياب عبد الفتاح السيسي في الاجتماع رغم دعوة العاهل السعودي له، وأُعلن في اللحظات الأخيرة أن وزير الخارجية المصري هو الذي سيمثل بلاده في هذه القمة.
من جهة أخرى، البحرين التي حضرت الاجتماع على مستوى ولي عهدها، وجَّهت رسالةً واضحةً للرياض بأنها لن تتعاون بشكل كامل مع السعودية فيما يتعلق بقطر.
كذلك، على الرغم من قيام الإمارات كما في السنوات العشر الماضية بإرسال مسؤول رفيع المستوى إلى السعودية للمشارکة في القمة، أي نائب رئيس الدولة (محمد بن راشد آل مكتوم)، ولکن هناك أدلة على أن محمد بن زايد، بصفته الحاكم الفعلي لدولة الإمارات، غير راضٍ عن الوضع الحالي لملف الأزمة مع قطر.
وبناءً على ذلك، يبدو أن الأزمة ستستمر على مستويات مهمة لا يمكن إنكارها في علاقات الدول المذكورة مع قطر.
بيان مفروض وحقد أبدي
النقطة الأخرى المهمة في بيان العلا، هي أنه جری فرضه. وبمعنى آخر، على الرغم من جهود الكويت المكثفة، وأحيانًا عمان، لم تظهر الأزمة أي بوادر للتحرك باتجاه المصالحة، ويبدو أن هذا الحل الوسط كان أكثر ارتباطًا بالضغط الأمريكي منه بقرار عربي داخلي.
في الواقع، يمكن الادعاء بأن عدم قبول قطر للشروط الـ 13 وعدم تنفيذ حتى أحد هذه الشروط، جعل هذه القضية إلى حد ما مسألةً تتعلق بهيبة الدول الأربع، وخاصةً السعودية، وهو ما لم يکن يُظهر أن الأزمة يمكن حلها بسهولة.
إضافةً إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الاجتماع السابق لمجلس التعاون، الذي عقد بمشاركة رئيس الوزراء القطري وبهدف توفير الأرضية للمصالحة، استغرق 30 دقيقةً فقط، وهي علامة أخرى على عدم وجود توافق وكذلك التصميم الجاد للدول الأربع على حل الأزمة مع قطر.
وفي هذا الصدد، كتب "مجتهد" كاشف أسرار آل سعود على صفحته الشخصية: "الذي أجبر ابن سلمان على فتح الحدود والأجواء وهو كاره، وأجبر تميم على الذهاب للسعودية وهو كاره، وأجبر ابن زايد على عدم الاعتراض على السعودية وهو كاره، ليس توسط الكويت بل هو ترمب".
ويضيف مجتهد: "ابن سلمان سيبقي بغضه للقطريين رغم إظهار المودة، وابن زايد سيبقي حقده على القطريين رغم عدم الاعتراض، والقطريون سيبقون ينظرون بعين الريبة لابن سلمان والعداوة لابن زايد، وإذا لم تحصل حرب فلن يمنع من إعادة الحصار إلا بايدن إذا استلم، بل قد ينفذ مؤامرةً أخطر من الحصار".
وعلى هذا الأساس وبشكل عام يمكن القول إن اجتماع العلاء انتهى بتوقيع بيان وليس اتفاقاً، وذلك في وقت لا تزال فيه ثلاث دول محاصرة لقطر لديها تحفظات جادة بشأن هذه القضية، وقد قبلت هذا البيان المفروض على مضض.
من ناحية أخرى، فإن استياء السعودية والشعور بالهزيمة في التنافس على الهيبة ضد الدوحة، جعل هذه التسوية هشةً، کما أن عدم ثقة قطر في الجانب الآخر وقلق الدوحة من تكرار ما حدث، كلها تلقى ظلالاً ثقيلةً على المصالحة ومستقبلها.
ولذلك، يبدو أن هذا الحل الوسط لا يملك القدرة الكافية علی حل الأزمة، ولا يمكنه إخراج مجلس التعاون من الغيبوبة.