الوقت- وفقًاً لصحيفة الغارديان وسي إن إن، بعد مرور أسابيع قليلة من التدمير المأساوي لمخيم اللاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية، لم يعد من الممكن التوقّع من الدول الأوروبية أن تجري تغييرات سريعة في نهج الهجرة الخاص بها، ويؤدي تركيز الدول الأوروبية على آليات إدارة الحدود غير الفعالة والبطيئة واللاإنسانية، إلى اكتظاظ مخيمات مثل موريا، والتي يمكن أن تبقي الناس هنالك دون تحديد مستقبلهم.
تُظهر بيانات الاتحاد الأوروبي أنه يتم رفض ما معدله 370 ألف طلب لجوء كل عام، ولكن يتم ترحيل الثلث فقط، والسبب الأكثر أهمية لذلك هو عدم اكتراث دول أوروبا الشرقية بقضية طالبي اللجوء وأن المهاجرين لا يخضعون لنظام الحصص في 27 دولة، والذي ينبع إلى حد كبير من التمييز العنصري، وعلى الرغم من انخفاض عدد طالبي اللجوء، تستمر أزمة الهجرة واللجوء في الدول الأوروبية الى الآن.
وهذا يدل على أن القضية لم تكن أبداً تتعلق بالأرقام، وأن نقاشات الأوروبيين اللامتناهية حول مراقبة الحدود وطلبات اللجوء تهدف إلى إخفاء هذه الفجوة العميقة، لقد أدت العنصرية والتحيز العنصري وتنامي المشاعر المعادية للمسلمين والعلاقات المعقدة لأوروبا بعد الاستعمار مع جيرانها الجنوبيين، وخاصة الأفارقة، إلى إعاقة تدوين سياسة الهجرة في الاتحاد الأوروبي.
ولإنهاء أزمة الهجرة، يجب على أوروبا أولاً إصلاح تحيّزاتها العرقية والدينية والإثنية؛ وثانياً، إجراء نقاش صادق حول القيم والهوية الأوروبية، وثالثًاَ، إعادة تحديد علاقاتها مع الدول الإفريقية.
لم يتحقق وعد الاتحاد الأوروبي بإصلاح نظام العنصرية المتكرس، في أعقاب الاحتجاجات العالمية المناهضة للعنصرية بعد مقتل جورج فلويد، المواطن الأمريكي الأسود، بل إن نظام العنصرية هذا أظهر نفسه بعد تصريحات فيكتور أوربان رئيس وزراء المجر، وإيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، المثيرة للجدل، وبالطبع جهود الاتحاد الأوروبي للترويج لأسلوب حياتهم الأوروبي.
وقد أدى ذلك إلى رفض الدول الأوروبية قبول الأطفال طالبي اللجوء الذين أصبحوا بلا مأوى في موريا، وتجدر الإشارة إلى أن تفشي فيروس كورونا زاد من حجم أزمة اللجوء وخطورتها؛ لأن هذا التحدي الصحي تسبب وفاقم من المشاكل الاقتصادية في دول مختلفة، وخاصة الدول الإفريقية مثل تونس وليبيا، ويمكن رؤية التجسيد الحقيقي لهذه الأزمة في زيادة عدد رحلات اللجوء الخطيرة لدخول أوروبا، والتي تضاعفت تقريباً مقارنة بعام 2019.
وغالباً ما كانت استجابة أوروبا لهذه الأزمة قاسية جداً، وقد أدى الجمع بين هذه الوحشية والمخاطر التي تشكلها عصابات المخدرات والاتجار بالبشر والتعذيب والمضايقات والاغتصاب وقيود كورونا، إلى دفع تحدي اللجوء إلى حافة كارثة إنسانية، ويوضح مسار الأحداث أن الاتفاق على نظام هجرة جديد من قبل أوروبا سيكون مستبعداً للغاية.