الوقت- تعيش المقاومة الفلسطينية أياماً عصيبة وصعبة في ظل الفوضى التي يعيشها الشرق الأوسط، وأصعب ما في الأمر أن بعض الدول العربية بدأت تتآمر على القضية الفلسطينية وتجنح نحو التطبيع مع العدو الاسرائيلي الذي استغل الفوضى الحاصلة وتطبيع بعض الأنظمة معه وابعاد دول كثير القضية الفلسطينية عن سلم أولوياتها، وبهذا أصبحت المقاومة شبه وحيدة وسط هذا الظلم الكبير، وعليها أن تقرر ماذا تفعل، خاصة وأن اسرائيل تضيق الخناق على قطاع غزة وتتخذ قرارات مجحفة بحق الغزاويين وتحرمهم من أبسط حقوقهم، ومن هذا المنطلق لن تجد المقاومة وسيلة أمامها سوى مواجهة العدو الاسرائيلي بنفسها وهذا ما تفعله إلى حين الحصول على مطالبها.
البعض يتحدث عن جهود وساطة دولية وعربية لإنهاء أزمة غزة ووقف التصعيد، لكن حتى اللحظة لا يزال التصعيد قائماً، حيث تتواصل عمليات إطلاق البالونات المتفجّرة تجاه مستوطنات "غلاف غزة"، ما يتسبّب في عشرات الحرائق يومياً، في وقت حذّرت فيه "الغرفة المشتركة لعمليات المقاومة"، الاحتلال، للمرة الثانية خلال أيام، من "استمرار اعتداءاته البحرية على الصيّادين الفلسطينيين"، في أعقاب اقتراب زورق حربي إسرائيلي من ميناء غزة ومحاولته فرض حظر الصيد بالقوة. ويكشف مصدر في المقاومة أن "الاحتلال يتجنّب، منذ التحذير الأول لغرفة العمليات من أنها ستردّ على استهداف مواقعها، قصف المواقع العسكرية، ويردّ على إطلاق البالونات الحارقة بقصف أراض فارغة... بيانات جيش الاحتلال منذ ذلك الحين التي يقول فيها إنه قصف مواقع المقاومة كذب، وللتسويق لدى الجمهور الإسرائيلي.
التصعيد مستمر إلى حيت تنفيذ المطالب
حمّلت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، الخميس، إسرائيل، المسؤولية عن تبعات التصعيد العسكري على قطاع غزة، وتشديد الحصار عليه.
وقال فوزي برهوم، المتحدث باسم الحركة "التصعيد الإسرائيلي المتواصل على غزة، ومنع وصول الوقود والبضائع، سلوك عدواني خطير، وخطوة غير محسوبة العواقب يتحمل الاحتلال نتائجها وتبعاتها".
وأضاف "إن هذه السياسات العدوانية التي تهدف إلى مفاقمة أزمات أهلنا في القطاع المحاصر وشلّ حياتهم اليومية، وتعطيل جهود مواجهة فيروس كورونا، في ظل صمت إقليمي ودولي، سيستدعي إعادة رسم معالم المرحلة مجددًا، وتحديد المسار المناسب لكسر هذه المعادلة"، وحذّر أن حركته "لا يمكن أن تقبل باستمرار هذا الحال، على ما هو عليه".
من جهتها أكدت الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أنها لن تسمح للاحتلال الإسرائيلي بالتغول على الصيادين الفلسطينيين وملاحقتهم في أرزاقهم والاعتداء عليهم. وقالت الغرفة المشتركة في بيان صحفي إنها ستدافع عن الصيادين وستعمل على حمايتهم في مواجهة الممارسات التي وصفتها بالإجرامية للاحتلال في بحر غزة.
وأكدت المقاومة الفلسطينية أن لديها من الإجراءات ما يمكّنها من الدفاع عن شواطئ غزة وعن صياديها.
من جهتها، حمّلت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الاحتلال الإسرائيلي نتائج وتداعيات استمرار التصعيد العسكري ضد قطاع غزة وإحكام حصاره. وقال المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم إن غياب القرارات الرادعة للاحتلال واستمرار التطبيع معه، دفعاه للتمادي في جرائمه وعدوانه ضد الشعب الفلسطيني.
وطالب برهوم المجتمع الدولي وأصحاب القرار في المنطقة بضرورة الخروج عن صمتهم والعمل على لجم العدوان الإسرائيلي وإنهاء حصار غزة.
ومنذ نحو أسبوعين، قررت سلطات الاحتلال إغلاق بحر غزة كاملا أمام الصيادين حتى إشعار آخر، كما أصدرت قرارات لاحقة بمنع إدخال مواد البناء والوقود، لتمنع الأحد، دخول كافة السلع والبضائع إلى غزة باستثناء الغذائية والطبية، وذلك ردا على إطلاق بالونات حارقة من قطاع غزة، كما تقول.
بعد كل هذا التضييق على المقاومة وعلى سكان غزة ما المطلوب من المقاومة أن تفعل؟، هل تنتظر أن يموت سكان غزة من الجوع حتى يتحرك المجتمع الدولي ويفتح المعابر ويسمح بمرور المساعدات، وفي حال انتظرت تحركات المجتمع الدولي هل يتحقق ما تريد، لو كان الأمر كذلك لما كان القطاع محاصر ولا تتوفر فيه أدنى شروط الحياة الطبيعية، ومع ذلك المقاومة تحاول التواصل مع الوسطاء وهي جدية في مباحثات التهدئة ولكن الاسرائيليين بعد أن وجدوا أن المجتمع الدولي يميل نحوهم وأن بعض الأنظمة العربية تجنح نحو التطبيع معها وجدت أنها الفرصة المناسبة لزيادة الضغط وتحقيق المزيد من المكاسب واشغال الرأي العام الإسرائيلي عما يحصل من فوضى داخل الأجنحة السياسية.
الوساطات وجدواها
قالت مصادر مصرية خاصة إن جهاز المخابرات العامة أجرى مجموعة من الاتصالات على مدار اليومين الماضيين لاحتواء التصعيد العسكري في قطاع غزة، بعد تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي مجموعة من الضربات الجوية على أهداف في القطاع، بدعوى الرد على إطلاق البالونات الحارقة.
وأشارت المصادر، إلى أن القاهرة طالبت الجانبين بضرورة الوقف المؤقت لأشكال التصعيد كافة، والتصرفات المؤججة للعنف، إلى حين حسم موقف الوساطة التي قام بها الوفد الأمني المصري أخيراً، وزار خلالها القدس المحتلة ورام الله وغزة. وأضافت المصادر أن إسرائيل أبلغت الوفد الأمني المصري الذي زار غزة، بأنه لن يكون هناك تجاوب مع أي مطلب من مطالب حركة "حماس"، التي حملها الوفد لسلطة الاحتلال، قبل التوقف الفوري لما تسميه أسباب زعزعة أمن مستوطنات غلاف غزة، ووقف إطلاق البالونات الحارقة والحراك الليلي. ووفقاً للمصادر، ترفض حركة "حماس" الأمر بشكل مطلق هذه المرة، إذ تتمسك من جانبها بضرورة تنفيذ المطالب أولاً.
وأوضحت المصادر أن الخلافات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية تصعِّب موقف الوفد الأمني المصري، الذي يسعى بدوره للتوصل إلى اتفاق سريع لاحتواء موجة التصعيد الأخيرة.
قطر دخلت على خط الأزمة وتحدثت عن نيتها ارسال النائب محمد العمادي إلى القطاع للتباحث مع حركة "حماس" في زيادة قيمة المنحة المالية، إضافة إلى مشاريع قطرية أخرى تتعلّق بالكهرباء وغيرها.
وقالت مصادر قيادية في فصائل المقاومة بغزة، إن الوساطة التي تقودها الأطراف الثلاثة، مصر وقطر والأمم المتحدة لم تتوقف، لكنها تواجه صعوبات شديدة "بسبب تعنت إسرائيل ورفضها التعاطي مع مطالب المقاومة في غزة".
وأكدت المصادر أن المقاومة تصر على تحقيق مطالبها "الإنسانية العادلة"، ولا تخشى تهديدات الاحتلال الذي قابل هذه المطالب باشتراطات.
في الختام؛ كما فعلت المقاومة دائما لن يوقف هذه الفوضى سوى المقاومة والدفاع عن نفسها بنفسها، فهي من فرض معادلات الردع في الحروب السابقة وأجبرت العدو على التوقف عن استهداف القطاع، وبالتالي عليها الاعتماد على نفسها مجددا للخروج من هذه الأزمة التي وضعها فيها الصهاينة وبعض العرب المطبعين مع كيان الاحتلال.