الوقت- لا يخفى على أحد حجم التدخلات الإماراتيّة – التركيّة في الشؤون الداخليّة للدول الأخرى، لذلك من الطبيعيّ أن تتصارع الدول المنخرطة في الحروب والأزمات على المصالح والنفوذ، فالإمارات بثقلها الماليّ وتركيا بثقلها الماليّ والعسكريّ، تتصارعان على تحقيق المكاسب على حساب الدول والشعوب تحت مسميات واهية، تحت جناح التدخلات الأمريكيّة السافرة في أبسط التفاصيل على الساحة الدوليّة، حيث شنت أبو ظبي هجوماً عنيفاً على أنقرة ودعتها إلى التوقف عن التدخلات في الشؤون العربيّة واللجوء إلى منطق "الباب العالي" و"الدولة العليّة "، في إشارة إلى التمدد والتوسع الاستعماريّ، ووصفت التصريحات التركيّة حول "الأعمال الضارة" التي ارتكبتها الإمارات في ليبيا بالاستفزازية.
حرب إعلاميّة
وجهت أنقرة تهديداً مباشراً لأبو ظبي واتهمتها بارتكاب ما أسمتها "أعمالاً ضارة" في ليبيا، فيما دعت الإمارات ، السبت المنصرم، تركيا إلى الكف عن التدخل في الشأن العربيّ والتخلي عن أوهامها الاستعماريّة.
وفي هذا الصدد، لا تتوقف حرب التصريحات والانتقادات بين البلدين، علماً أنّ كل طرف منهما منخرط أكثر من الآخر في الحروب والصراعات لتحقيق المكاسب و النفوذ، أملاً بحصة أكبر من كعكة التدخلات في شؤون الدول.
ومن الجدير بالذكر، أنّ العلاقات التركيّة - الإماراتيّة، كانت جيدة تحت العباءة الأمريكيّة، حتى تشرين الأول 2016، عندما زار وزير الخارجيّة الإماراتيّ، "عبدالله بن زيد"، مدينة إسطنبول التركيّة.
وما ينبغي ذكره، أنّ التبادل التجاريّ بين الإمارات وتركيا، وصل إلى 9 مليارات دولار، وكان من المفترض أن يتطوّر إلى 15 مليار دولار، بحسب الموقع الإلكترونيّ لقناة الميادين اللبنانيّة، وعلى الصعيد الإقليميّ كان لدى البلدين توافقاً شبه تام على تدمير سوريا واليمن والعراق وليبيا، لكن تطور الأحداث في مصر أظهر تبايناً واضحاً في المصالح بينهما، لأنّ "الطموحات الإردوغانيّة" الاستعماريّة تصطدم بقوة في شهوة النفوذ الإماراتيّة، وعقدة نقص المساحة التي تعيشها أبو ظبي.
وفي هذا السياق، تطورت الأزمة في العلاقات بين أبو ظبي وأنقرة، لتصل للتهديدات العسكريّة المباشرة، فالإمارات لم تأبه لأحد في استهداف قاعدة "الوطية "في ليبيا بطائراتها، حيث طال الهجوم في ذلك الحين جنوداً أتراك، فيما لم تعلن أنقرة آنذاك عن الجهة التي كانت وراء الاستهداف، رغم الثقة التركيّة الكاملة بوقوف الإمارات خلف ذلك الاستهداف المباشر لها في ليبيا.
كذلك، زادت الأزمة بين دول مجلس التعاون الخليجي، الطين بلة بين تركيا والامارات بعد الخلافات القطريّة – السعوديّة الحادة، حيث وقفت أنقرة إلى جانب الدوحة بسبب الطبيعة المشتركة للنظام الإخوانيّ في كلا البلدين.
إضافة إلى ذلك، وجه مسؤولون أتراك عدة مرات انتقادات لاذعة لأبو ظبي بسبب الخلافات الحادة على فرائسهم في البلدان التي أضعفتها الحرب أو خدرتها الأزمات أو تعاني من الانقسامات الداخليّة التي تشكل بيئة خصبة لتدخلاتهم.
تركيا والعرب
باستثناء الإخوان لم تترك تركيا صديقاً لها في العالم العربيّ، بسبب تدخلاتها السافرة في البلدان العربيّة المجاورة لها كـ "سوريا والعراق"، والبعيدة عنها كـ "ليبيا و اليمن"، وأصبحت العلاقة بين أنقرة والكثير من العواصم العربيّة توصف بالـ "عداء" ، فبعد الإمارات ومصر والسعودية وسوريا والعراق وليبيا، دخلت دولة البحرين على خط المواجهة، حيث أعلنت الأحد الماضي، رفضها الشديد لجميع التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع التركيّ، "خلوصي أكار"، تجاه أبو ظبي، معتبرة أنّها تنم عن "استفزاز" يتعارض مع الأعراف الدبلوماسيّة.
أكثر من ذلك؛ أعربت وزارة الخارجيّة البحرينيّة في بيان رسميّ، عن تضامن المنامة مع أبو ظبي، ورفضها لكل أشكال التدخل الأجنبيّ في شؤون الدول العربيّة.
أما عن تدهور العلاقات العربيّة – التركيّة، بسبب التفكير "الإردوغانيّ - العثمانيّ"، المبني على سياسة التوسع وجلب المرتزقة ودعم الإرهاب، بحسب الدول العربيّة، فإنّ مستقبل الإساءات التي تقوم بها حكومة إردوغان مع العرب ربما تجمع صفهم على وضع حدّ لسياسات أنقرة التي يصفونها بالوقحة بدءاً من دمشق ومروراً ببغداد وليس انتهاء بصنعاء وطرابلس، وهذا يشكل خطراً كبيراً على الأحلام العثمانيّة ومشاريع إردوغان في المنطقة العربيّة.