الوقت-من المعروف أن تاريخ الإمارات مليء بسلسلة من الانقلابات والاغتيالات كوسيلة لتنظيم وترتيب الوضع السياسي، وفي هذا الصدد، نشر الدكتور يوسف خليفة اليوسف، الأكاديمي الإماراتي واستاذ الاقتصاد بجامعة الإمارات، سلسلة تغريدات على تويتر، مستشهداً بالماضي الأليم وقال: "تعيش أبو ظبي اليوم في نفس السيناريو، ويوجد بها فراغ سياسي متجاهلة التسلسل الوراثي".
ويعتقد أن إمارة أبو ظبي اليوم فيها فراغ سياسي عطّل الإمارة والدولة بسبب وجود عصابة استولت على السلطة متجاهلة التسلسل الوراثي وأفسدت المنطقة واساءت الى أهل أبو ظبي وهدرت ثرواتهم وأشعلت الفتن في المنطقة، الأمر الذي يستدعي من عقلاء أبو ظبي أن يتداعوا ويجمعوا على عهد جديد يملأ الفراغ. ويوضح هذا الأكاديمي الإماراتي أنه يدرك صعوبة هذه الخطوة وأن ما يدعوا اليه ليس سهلا قائلا "لكنني أعتقد أن كل تأخير لن يكون في مصلحة ابو ظبي وأهلها مستقبلا".
وغرد قائلا: "أنا أبرّئ ذمتي أمام اهلي في الإمارات وأرجو أن يتذكروا هذه التغريدات في المستقبل سواء بادروا بإزالة هذا الرجل أم لم يفعلوا، أما أنا فسأستمر في تعريته حتى يزول "محمد بن زايد" وعصابته.
وأضاف الدكتور يوسف في تغريدات أخرى: عندما قتل سلطان بن زايد جد محمد بن زايد وصقر أخوهما حمدان وهو جد محمد بن راشد ثم قتل صقر سلطان، كان الترشيح لأحد ابنائه الثلاثة وهم هزاع وشخبوط وزايد واجتمع شيوخ بني ياس والمناصير وبقية الرؤوس بحضور المعتمد البريطاني وتم اختيار شخبوط حاكما وانتهى الفراغ السياسي في الإمارة.
وأوضح اليوسف أن الغاية من هذا الاجتماع، اختيار ولي عهد عاقل وناضج من الأسرة الحاكمة يقوم بمهام الحاكم بسبب مرضه ويبدأ يرمم علاقاته بشعب الإمارات ثم يرمم علاقاته بمحيطه الخليجي والعربي ويوقف الانهيار الذي أحدثه هذا الشيخ المتهور "محمد بن زايد" والساخط على الاسلام والشعوب.
وجدير بالذكر أنه في عام 1761 ، تقلد حكم أبو ظبي ذياب بن عيسى بن نهيان، الذي كان يعتبر ابن مؤسس الإمارة، ولكن وفقًاً لعدة روايات تاريخية، اغتيل في ظروف غامضة. وقد خلفه ابنه شخبوط في الحكم، الذي حكم الإمارة من 1793-1816 ، وخلفه ابنه الآخر محمد ؛ الذي حكم لمدة عامين فقط وأعلن وفاته في وقت لاحق فجأة دون معرفة السبب
وفي عام 1818 ، جاء طحنون بن ذياب إلى الحكم وحكم حتى عام 1833. لكنه لم يسلم السلطة بشكل طبيعي إذ تعرض لاغتيال غامض، فخلفه شقيقه خليفة حتى عام 1845، الذي اغتيل بطريقة مجهولة تمامًا. بعد ذلك، عاد الحكم إلى عائلة طحنون ، وحكم ابنه سعيد لمدة 10 سنوات ، حتى عام 1855 ، حتى عزل بما قيل أنها إرادة شعبية، ليتسلم الحكم ابن عمه زايد بن خليفة، الذي توفي في عام 1909 بعد أن وطد حكمه لأكثر من 54 عامًا.
وتبعه في الحكم ابنه طحنون بن زايد لمدة عامين وتوفي وفاة طبيعية، وتقلد الحكم بعده شقيقه حمدان بن زايد حتى عام 1922 ، لكنه اغتيل على يد شقيقه سلطان بن زايد في انقلاب دموي نال خلاله السلطة وبقي في الحكم حتى عام 1926 ، لينتهي به الأمر ايضًا مقتولا على يد اخيه صقر بن زايد الذي بقي في الحكم 3 سنوات ثم اغتيل كذلك على يد ابن أخيه شخبوط بن سلطان وظل شخبوط حاكمًا لأبوظبي حتى عام 1966.
وفي عام 1966 كانت تلك المناطق ترزح تحت حكم الاحتلال البريطاني، ولكن للأمراء سلطة قانونية على مناطقهم بحُكم الاعتراف الشعبي فيها. وطلبت بريطانيا من شخبوط بن سلطان امتيازات نفطية واسعة بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية من خلال الشركات الإنجليزية التي كانت تنقِّب على مدار سنوات، إلا أن شخبوط رفض ذلك، لاعتقاده أن محاولات التطوير هذه لن تخدم بدورها الإمارة وستجعلها مطمعاً لقوى أخرى كثيرة، وهو ما يخرج البلد عن السيطرة.
فبحثت بريطانيا عن حليف آخر في صفوف آل نهيان، يساعدها على التخلص من حاكم أبوظبي شخبوط، فكان الحليف هو الأخ الشقيق زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان يطمع في الحكم لنفسه ويَدين بالولاء للبريطانيين، بحسب موقع “واي باك مشين”.
وفي السادس من أغسطس عام 1966، حطَّت طائرة تابعة للسلاح الجوي البريطاني بمطار أبوظبي، وأُعلنت حالة الطوارئ بين القوات الإنجليزية المرابطة هناك، ثم قررت عزل شخبوط وتنصيب زايد بدلاً منه، وتم نقل شخبوط إلى المطار وتسفيره إلى البحرين، ثم إلى بيروت فلندن، حيث وُضع تحت الإقامة والمراقبة في قصر كان يمتلكه هناك، بحسب المصدر ذاته. وأصدرت الخارجية البريطانية بياناً، زعمت فيه أن التغيير الذي حصل في أبوظبي مسألة داخلية، وأن بريطانيا مسؤولة عن الشؤون الخارجية فقط (إلى جانب الدفاع).
بعد توطيد أركان الحكم لزايد بن سلطان، سُمح لشخبوط بالعودة ليقضي بقية حياته تحت الإقامة الجبرية في مدينة العين (تُوفي سنة 1989). وعن الترويج البريطاني لزايد، نشر موقع وزارة الرئاسة الإماراتي أن ولفرد ثيسيجر، الرحالة البريطاني الشهير الذي قطع صحراء الربع الخالي ووثَّق رحلته الشهيرة تلك في كتابه “الرمال العربية”، سجَّل بعض “الانطباعات” في كتابه عن لقائه مع الشيخ زايداً، فقال في محاولة لترويج اسمه وسمعته: “إن زايداً رجل قويُّ البنية، لحيته بُنِّية اللون، ووجهه ينمُّ عن ذكاء حادٍّ، وعيناه ثاقبتان قويتا الملاحظة، وهو يتميز بسلوك هادئ وشخصية قوية”.
استمر زايد منذ ذلك الوقت في حكم أبوظبي، ومن ثم دولة الإمارات المتحدة، ليكون أول رئيس لها حتى عام 2004، حيث تُوفي وقد أسس لحكم عائلي أشد حزماً ومتانة. ولعل الدولة التي أسسها زايد آل نهيان كانت عصيَّة على انقلابات الإمارات الأخرى ضد العاصمة أبوظبي المسيطرة على معظم الإنتاج النفطي، لكنها لم تمنع السيطرة على الحكم لطرف دون آخر ضمن البيت الواحد.
استطاعت الزوجة الثانية القوية لزايد، فاطمة بنت مبارك الكتبي، أن تزرع حُبَّ السُّلطة في نجلها محمد بن زايد، فمنذ وفاة أبيه وتولي الأخ غير الشقيق له خليفة بن زايد رئاسة الدولة وحُكم أبوظبي، بدأت تطلعاته إلى سدة الحكم. فقد أُجبر خليفة على أن يكون ولي عهده هو محمد بن زايد، وإن كان قراراً مخالفاً لأعراف ولاية العهد في دولة الإمارات.
وأجَّلت الشيخة فاطمة وولدها محمد حينها إعلان وفاة زايد الأب عدة أيام، وذلك إلى حين ترتيب الأوضاع لأبنائها فقط، وإبعاد وتهميش كل أبناء زايد من زوجاته الأخريات، وضمنهم الشيخ خليفة، الذي ظهر حاكماً بلا صلاحيات. كما قالت المعارضة الإماراتية إن الأخ غير الشقيق لمحمد “أحمد بن زايد” لم تسقط طائرته في المغرب عام 2008 وحدها، بل تعرضت لإسقاط مفتعل أدى إلى وفاته، ملمِّحة إلى تورُّط أخيه محمد في اغتياله، ليستفرد بحكم البلد.
وقد سيطر محمد بن زايد على أغلب مفاصل الدولة وضمنها منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، فهو صاحب الحضور الدائم والتأثير في كل القرارات والمغامرات التي تخوضها، لا سيما المتعلقة بسياسات البلاد الخارجية، التي غالباً ما تأتي مقرونة باسمه.
ولم يكتفِ بتحييد أغلب إخوته ومن هم في دائرتهم، بل قرَّب الإخوة الأشقاء الموالين تماماً له، بالإضافة إلى تمكين أبنائه في الجهاز (المجلس التنفيذي) الذي يُحكم به قبضته على أبوظبي، لمنع حدوث أي انقلاب أو محاولة انقلاب في بلد أمني يحكمه العسكر بلباس أهل الإمارات الأبيض.