الوقت- بعد توقيع وإرسال قرار عزل دونالد ترامب إلی مجلس الشيوخ، من قبل نانسي بيلوسي زعيمة الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي، باتت محاكمة ترامب مؤکدة.
بيلوسي قالت عند توقيعها على بنود استجواب ترامب: "نحن اليوم نصنع التاريخ. لا أحد فوق القانون".
كما عيَّن رئيس مجلس النواب وفداً ديمقراطياً من سبعة أعضاء تحت عنوان "مدراء استجواب ترامب"، وقال: سيلعب رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب "جيرالد نادلر" ورئيس لجنة الاستخبارات "آدم شيف" دوراً رئيسياً في محاكمة ترامب في مجلس الشيوخ الأمريكي. ومن المقرر أن تجرى المحاكمة يوم الثلاثاء21 يناير.
القاضي "جون روبرتس" رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة، الذي تم ترشيحه لمنصب رئيس قضاة المحاكمة، سأل أعضاء مجلس الشيوخ يوم الخميس: "هل تقسمون اليمين بجدية بأن تكونوا منفذين محايدين للقانون في جميع الأمور المتعلقة بمحاكمة رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب؟ إذاً، وفقكم الله".
أجاب جميع أعضاء مجلس الشيوخ بـ "نعم"، ثم أعلن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ السناتور "ميتش ماكيل" أن المحاكمة ستبدأ يوم الثلاثاء في الساعة 13:00 صباحًا بتوقيت شرق أمريكا.
في هذه المراسيم، دخل رئيس المحكمة العليا في الولايات المتحدة "جون روبرتس" أولاً إلى مجلس الشيوخ مع أربعة من أعضاء المجلس، واثنين من الجمهوريين واثنين من الديمقراطيين. ثم أقسم أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أمام جون روبرتس ليكونوا هيئة المحلفين لتنفيذ العدالة بشکل محايد.
ولكن بينما يعتقد الكثيرون أنه بالنظر إلی أن غالبية أعضاء مجلس الشيوخ هم من حزب ترامب(53 جمهوريًا و47 ديمقراطيًا)، فمن غير المرجح أن يتم عزل ترامب.
وفي هذا الصدد، قال السناتور "تشاك شومر" وهو زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ: "هذه اللحظة الثقيلة في تاريخ البلاد، حتى أثناء أداء اليمين، تؤثر علينا، وأعتقد أن جميع زملائي يشعرون بهذا الشعور".
من أجل الإطاحة بترامب، يجب على ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ(67 عضواً) التصويت لعزله، وهو ما سيكون مستحيلاً في الظروف العادية في ظل الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ. لكن خلال فترة الاستجواب، ستتاح للديمقراطيين الفرصة لانتقاد أداء ترامب بشدة، وبالتالي التقليل من عدد ناخبيه في انتخابات 2020.
رد فعل ترامب
على الرغم من أن دونالد ترامب ليس مطلوبًا منه حضور الاجتماع شخصيًا، إلا أن الرئيس الأمريكي يواجه تهمتين رئيسيتين: "إساءة استخدام السلطة"، والآخر "عرقلة شؤون الكونغرس وتقويض إقامة العدل".
الرئيس الأمريكي متهم بأنه قد ضغط على الرئيس الأوكراني "فولوديمير زيلينسكي" خلال اتصال هاتفي الصيف الماضي، للتحقيق في الأنشطة الاقتصادية لنجل "جو بايدن" في أوكرانيا.
جو بايدن هو المنافس المحتمل لترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2020. وفي هذا السياق، کان ترامب قد اشترط إرسال مساعدات من الكونغرس إلى أوكرانيا بالتحقيق مع "هانتر بايدن" نجل جو بايدن. كذلك عرقل ترامب مسار أداء مستشاريه لليمين وتقديمهم الوثائق.
وفي مثل هذه الظروف، قال الرئيس الأمريكي، رداً على البدء الرسمي لمحاكمته في مجلس الشيوخ، إن استجوابه كان ببساطة بسبب "مكالمة هاتفية خالية من العيوب"، وإن المحاكمة ستتم بسرعة كبيرة. وإذ أکد على أن المحاكمة في مجلس الشيوخ يجب أن تتم بسرعة كبيرة، وصف التهم الموجهة إليه للاستجواب بأنها عملية احتيال.
وبينما كان ينوي جعل محاكمته بأنها لا قيمة لها، قال: "سأذهب إلى دافوس وسألتقي مع كبار الرأسماليين في العالم".
يشار إلی أن قمة دافوس ستعقد في سويسرا في الفترة من 21 إلی 24 يناير. وسيحضر منتدى دافوس الاقتصادي العالمي أكثر من 3 آلاف سياسي وممثل عن المجتمع المدني من 100 دولة.
كما کتب ترامب تغريدةً على حسابه على تويتر، قال فيها: "عملية الاستجواب هي أشبه بنكتة".
فريق الدفاع عن ترامب، صاحب سمعة غير جيدة
لكن في حين أعلن ترامب فريق الدفاع عنه للمثول أمام محكمة مجلس الشيوخ، إلا أن وجود شخصيات مثيرة للجدل وذات سمعة غير جيدة في الفريق قد جذب انتباه وسائل الإعلام.
أحد محامي ترامب سيكون "كين ستار"، الذي کان قد اختاره الجمهوريون مدعياً عاماً رئيسياً أثناء محاکمة "بيل كلينتون".
تم إقالة كين ستار من منصبه كرئيس لجامعة "بايلور"، بعد أن تبين أنه كان مهملاً في التعامل مع حالات الاغتصاب المتعلقة بفريق الجامعة لكرة القدم. ثم استقال بفترة وجيزة من منصبه كأستاذ للقانون في هذه الجامعة أيضًا.
في الوقت نفسه، انضم "آلان ديرشويتز" إلى محامي ترامب أيضاً. وسيقود الفريق "بات سيبولون" محامي البيت الأبيض و"جاي سيكولو" محامي ترامب الشخصي.
لقد حضر كل من السيد دروشويتز وكين ستار في عام 2008 کمحامي "جيفري إبستاين" للدفاع عنه، خلال الجلسة الأولى للمحكمة بتهم الاعتداء الجنسي.
وکان الملياردير الأمريكي الشهير جيفري إبستاين قد انتحر العام الماضي في السجن، بعد اعتقاله بتهمة اغتصاب فتيات مراهقات.
ترامب القلق بشأن الضيوف غير المدعوين في مجلس الشيوخ
على الرغم من أن ترامب يبدو واثقًا من عملية المحاكمة، ولکن يبدو أنه مع الإعلان عن استعداد جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق بالبيت الأبيض للإدلاء بشهادته في المحكمة، هناك مخاوف لدی فريق ترامب من أن شهادة بولتون قد تغيِّر عملية المحكمة على حسابهم. ووفقًا لوكالة رويترز، يعد هذا تطورًا جديدًا يُحتمل أن يؤثر سلبًا على محاكمة دونالد ترامب.
في الواقع، يمكن لبولتون، كمستشار بارز في البيت الأبيض شهد العديد من الأحداث المتعلقة بهذا الاستجواب، أن يقدم أدلةً جديدةً على محاولة ترامب للضغط على أوكرانيا للتحقيق حول منافسه السياسي.
وفي هذا الصدد، قال نائب في مجلس الشيوخ لرويترز، إن مفتشي الكونغرس يعتقدون أن بولتون قد اعترض على قرار ترامب بتأخير تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا بلغت 390 مليون دولار، ويمكن أن يتحدث عن ذلك.
کما شهد شهود آخرون أثناء تحقيقات مجلس النواب بشأن الاستجواب، أن بولتون احتج بشدة على محامي ترامب الشخصي "رودي جولياني"، للضغط علی كييف خارج القنوات الدبلوماسية العادية.
سجل أداء محكمة الاستجواب
لا ينص دستور الولايات المتحدة صراحةً على مصداق لـ "الجرائم الخطيرة"، ولذلك، فإن القانون ترك الباب مفتوحًا أمام الكونغرس لتحديد ما إذا كانت هذه التهم ستؤدي إلى إقالة رجل الدولة أم لا.
بموافقة الكونغرس، ينضم ترامب الآن إلى مجموعة ملحوظة من المسؤولين الأمريكيين الذين تم استجوابهم. خلال الـ222 عامًا الماضية، تعرض 19 مسؤولًا أمريكيًا للاستجواب. ثمانية منهم حکم عليهم وطُردوا من منصبهم، وبُرئ سبعة منهم واستقال ثلاثة. کما تم رفض التهم الموجهة إلی مسؤول واحد.
ومن بين رؤساء الجمهورية، تم استجواب ثلاثة منهم حتى الآن: أندرو جونسون في عام 1868، ريتشارد نيكسون في عام 1974 وبيل كلينتون في عام 1998.
وتمت محاكمة المدعي العام للمحكمة العليا الأمريكية "صمويل تشيس" وتبرئته عام 1804.
کذلك، شمل إبلاغ الكونغرس عن الجريمة أربعة عشر قاضياً اتحادياً حتى الآن. أدين ثمانية قضاة وطردوا من مناصبهم، وتم تبرئة ثلاثة واستقال ثلاثة قبل المحاكمة.
وفي عام 1797، تم استجواب وعزل السناتور "وليام بلانت" من ولاية تينيسي بسبب عدم الكفاءة.
کما تمت تبرئة وزير الحرب "ويليام بلکناب" في عام 1876.