الوقت- إن التغييرات الجوهرية التي حدثت في رأس هرم الهيكل السياسي للسعودية منذ عام 2015 وحتى هذه اللحظة، تسببت في تغيّر النهج السياسي للخارجية السعودية تجاه دول المنطقة، ما أدّى إلى حدوث العديد من التوترات بين بلدان المنطقة، وخاصة الدول العربية الواقعة على ضفاف الخليج الفارسي، وهذا الامر عرّض مصالح الجميع في المنطقة للخطر.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأنه بعد صفقة "ترامب" العسكرية مع السعودية والتي بلغت قيمتها حوالي 110 مليارات دولار في عام 2017، دخلت الرياض بسرعة في توترات جديدة مع بعض دول المنطقة، وخاصة مع جارتها قطر. ولفتت تلك المصادر أنه مع مرور الوقت، ظهر جمود في العلاقات بين دول المنطقة وتشكّل أيضاً جدار عائق أمام التعاون السياسي والاقتصادي بين هذه الدول الخليجية.
وعلى مدى العامين الماضيين، وعلى الرغم من أنه في بعض الأحيان ظهرت بعض الدلائل والإشارات التي تشير إلى اقتراب موعد نهاية الازمة بين دول الخليج الفارسي العربية، إلا أن تلك الإِشارات والتخمينات فشلت إلى حدّ ما في نهاية المطاف.
وفي هذا الصدد، ذكرت بعض المصادر الإخبارية بأن هناك تحركات دبلوماسية تقوم بها بعض الأطراف في المنطقة لإنهاء الأزمة بين دول المنطقة وذلك من أجل التحكم بزمام الأمور في مجلس تعاون الخليج الفارسي.
التحركات الدبلوماسية الجديدة
عُقد قبل عدة أيام في العاصمة السعودية الرياض مؤتمر أمني جاء تحت عنوان "الأمن والدفاع" وذلك بمشاركة عدد من الدول الإقليمية والغربية وفي هذا المؤتمر، تخلت الرياض عن روتينها المستمر الذي انتهجته منذ عامين والمتمثل بتوجيه الانتقادات لقطر.
يذكر أنه قبل ثلاثة أيام من عقد هذه المؤتمر في الرياض، عُقد اجتماع مهم في قطر أطلق عليه اسم "مؤتمر ميونيخ للأمن في الشرق الأوسط"، وفي هذا الاجتماع لم تقم الدوحة بمهاجمة سياسات العقوبات كما كانت تفعل في الاجتماعات السابقة.
وتأتي هذه الأوضاع الجديدة عقب فشل العقوبات والحصار الذي كان مفروضاً على الدوحة خلال العامين الماضيين وفي هذا السياق، كشفت بعض المصادر الإخبارية بأن بعض الدول التي ساعدت السعودية في هذا الحصار، شعرت مؤخراً بالقلق وخافت من أن تقوم السعودية بفعل الشيء نفسه معها ولهذا فلقد قرر العاهل الأردني، الملك "عبدالله بن الحسين" الذي كان طرفاً في ذلك الائتلاف المناهض للدوحة، بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد حصار دام عامين وفي هذا السياق، قام العاهل الأردني أثناء زيارته لقطر، بتعيين واحد من أكثر سفرائه نجاحاً في البلاد ليتولّى منصب سفير الأردن في قطر، ومنذ ذلك الحين، انضمت الأردن إلى دول مثل الكويت وعمان التي تفضّل عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
كما أن العاهل الأردني سافر إلى الكويت يوم الأربعاء الماضي عقب زيارته للرياض وذلك من أجل تحسين علاقات بلاده مع دول المنطقة وإرجاع المياه إلى مجاريها.
وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأنه بعد هذه الزيارة بفترة وجيزة، سافر وزير الخارجية الكويتي الشيخ "صباح الخالد الأحمد الصباح" ونائب رئيس الوزراء الكويتي إلى الدوحة والتقى بالأمير القطري "تميم بن حمد آل ثاني".
وقبل هذا الاجتماع، سافر رئيس البرلمان الكويتي "مرزوق الغانم" إلى قطر في منتصف سبتمبر الماضي لتسليم رسالة مكتوبة من أمير الكويت "صباح الأحمد الجابر الصباح" إلى أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" ولقد استجابت الدوحة لهذه الرسالة، وبعد بضعة أيام، توجّه المبعوث الشخصي لأمير قطر، "جاسم بن حمد آل ثاني" إلى الكويت لإيصال جواب الرسالة إلى أمير الكويت، وهنا ذكرت قناة "الجزيرة" الإخبارية: "أن زيارة المبعوث الخاص لأمير قطر إلى الكويت هي دليل ثانٍ على الدور الذي تلعبه الكويت لحل الأزمة بين دول المنطقة".
النتيجة الحاصلة من عمليات التفاوض تساوي صفر
إن حاجة الرياض للخروج من الحالة المضطربة التي تسبّبت بها سياستها الغبية والمتهوّرة في المنطقة إلى قيام بعض الدول الإقليمية مثل الكويت وعمان للعب دور الوسيط من أجل النزاعات بين المتخاصمين في المنطقة ووضع حدّ للأزمة.
ولكن نظراً إلى أن الرياض تشعر بالقلق الشديد إزاء الحفاظ على مكانتها الدولية، فلقد أعلنت قبل عدة أيام أنها لن تقبل زيارة رمزية لبعض المسؤولين القطريين للرياض وذلك لأنها تعتبر أن هذه الزيارة تهدف إلى استغلالها سياسياً.
يذكر أن قطر تمكّنت خلال الفترة الماضية من تعزيز علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع دول مثل تركيا وباكستان، وبالتالي تمكّنت من هزيمة ذلك الحصار الجائر الذي فرضته تلك الدول. وحول هذا السياق، قال وزير الدفاع القطري "خالد محمد العطية" في مهرجان قطر للنجاح الذي عُقد الشهر الماضي في الدوحة: "قطر ترحّب بالحوار غير المشروط مع الدول التي فرضت عليها العقوبات".
ومع استمرار الوساطة لحل الأزمة القائمة بين الدوحة وعدد من دول المنطقة، قال مبعوث قطر لدى الأمم المتحدة "آل ثاني" يوم أمس الخميس في بيان أمام مجلس الأمن: "لقد فشلت الدول التي فرضت عقوبات قاسية على قطر في إثبات اتهاماتهم وإصرارها على فرض المزيد من العقوبات غير القانونية والقاسية سوف يؤدي إلى نسف جميع عمليات الحوار والتفاوض".
كما أشاد كذلك بجهود أمير الكويت لحل الأزمة وقال: "الدوحة مستعدة للتفاوض مع الدول التي فرضت عليها العقوبات باحترام ومن دون شروط مسبقة".