الوقت- دخلت الأزمة الخليجية عامها الثالث ولا تزال أطراف الأزمة تتمسك بمواقفها تجاه بعضها البعض، ورغم جميع المحاولات لحلحلة الأزمة من قبل أطراف عربية وأجنبية ومع ذلك لم تصل الوساطة بين هذه الدول إلى أي نتيجة، والآن الأنظار تتجه إلى الوساطة الكويتية التي دأبت منذ بداية الأزمة، أي من 5 يونيو 2017، على رأب الصدع بين قطر والسعودية إلا أن وساطتها باءت بالفشل، وبعد أيام سيتوجّه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد لأمريكا لإعادة بث الأمل في هذه الوساطة.
السؤال هنا ما هو الأمل الذي يأتي بالخير على دول المنطقة طالما أن أمريكا ستكون هي من يشرف على هذه الوساطة، على اعتبار ان واشنطن عوّدتنا ألّا نثق بها، فهي تتبع سياسة "فرق تسد"، وقد تساهم الإدارة الأمريكية في هذه الوساطة في حال أخذت ضمانات من الأفرقاء بأنهم سيتوحّدون على مواجهة إيران، وهذا أمر مستحيل، لأن أمريكا نفسها عجزت عن مواجهة إيران فكيف بالبقية، الأمر الثاني أن إيران لديها علاقات جيدة مع العديد من الدول الخليجية ولن تنخرط هذه الدول في مواجهة مع ايران، بل على العكس قطع إيران الطريق على جميع محاولات أمريكا لاستهدافها دفع الدول الخليجية لطرق باب طهران وإعلامها بأنها لا تريد الحرب.
إذن هدف واشنطن للنيل من إيران عبر الدول الخليجية أمر مستحيل، يبقى هناك احتمال واحد وهو ابتزاز الطرفين للحصول على أموالهم، وسيكون هذا الأمر بسيطاً جداً بالنسبة للإدارة الأمريكية، خاصة وأننا نقترب من ذكرى أحداث 11 أيلول التي لا تزال تشكّل كابوساً على السعودية، وسيكون تلويح واشنطن بالعقوبات وملاحقة شخصيات سعودية كفيل باستجابة الرياض لجميع مطالب أمريكا، خاصة وأن تصريحات أمريكية تحدّثت مؤخراً عن طلب الكشف عن اسم مسؤول سعودي ( وليس قطري!) ورد اسمه في تقرير عن أحداث 11 سبتمبر ومتهم بتمويل الخلية التي اختطفت الطائرات.
معطيات الأمور تقول بأن أمريكا تضغط نحو حل الأزمة القطرية، وهنا يجب ألّا ننسى بأن قطر أصبحت تملك علاقة جيدة جداً مع أمريكا وترسّخت هذه العلاقة بعد حصارها، لذلك يعدّ بيان السعودية هو محاولة لإطلاق الرصاصة الأخيرة في هذه الأزمة ومحاولة أخيرة لإجبار قطر على الرضوخ أو على الأقل تسجيل موقف قبل المصالحة، لأن السعودية لم تستطع أن تتصور حتى اللحظة كيف استطاعت الدوحة الخروج من تحت جناحها والتغلب على هذا الحصار.
الحصار كان في أجزاء منه مفيداً أكثر، فعلى الرغم من أنه رافق قطع العلاقات الدبلوماسية إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين، كما أغلقت السعودية مكاتب قناة "الجزيرة" القطرية في الرياض، إلا أنه بعد فترة وجيزة من المقاطعة، أقامت الدوحة طرقاً جديدة للتجارة لتحلّ محل الشركاء الخليجيين السابقين.
وفي أواخر 2017، افتتحت ميناء بقيمة 7.4 مليارات دولار صُمم ليصبح مركزاً للنقل البحري الإقليمي.
وبعد عامين من جلب آلاف الأبقار المدرة للحليب من أجل التغلب على الحظر التجاري، أصبحت شركة "بلدنا" القطرية لإنتاج الألبان تصدّر للخارج للمرة الأولى.
ويقول المسؤولون الحكوميون إن التوسع السريع لشركة "بلدنا" أظهر أن الحصار جعل الاقتصاد القطري أشد قوة من ذي قبل، حيث يتمثل هدفهم في تشجيع المنتجين المحليين.
نشرت وكالة الأنباء السعودية، اليوم السبت، بياناً أكدت فيه أن الرياض اتخذت قرار مقاطعة الدوحة نتيجة "الانتهاكات الجسيمة" التي تمارسها السلطات القطرية "سرّاً وعلناً" منذ عام 1995.
ماذا جاء في بيان السعودية؟
جاء في البيان أن قطر "حرّضت للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية، ومنها جماعة "الإخوان الإسلامية" و "داعش" و "القاعدة"، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم".
وأضاف إن الدوحة "خرقت الاتفاقيات التي وقّعتها تحت مظلة دول مجلس التعاون للدول الخليجية"، كما عملت حسب البيان على "شق الصف الداخلي السعودي والتحريض للخروج على الدولة والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار في المنطقة، ما أدى إلى أن تتخذ الدول الأربع قراراً لحماية أمنها الوطني".
وأكد البيان أن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي "بذلت جهوداً مضنية ومتواصلة لحثّ السلطة في الدوحة على الالتزام بتعهداتها والتقيد بالاتفاقيات، إلا أن قطر دأبت على نكث التزاماتها الدولية ولم تلتزم بتعهداتها التي وقعت عليها في اتفاق الرياض عام 2013، وبعد أن استنفدت الدول الثلاث جهودها السياسية والدبلوماسية ونكث أمير قطر بتعهده بالتوقف عن السياسة السلبية، ما أدّى إلى سحب السفراء وعدم إعادتهم إلا عقب توقيع السلطات القطرية على الاتفاق التكميلي عام 2014".
وشدد البيان على أنه "بغض النظر عما ترتكبه السلطات في الدوحة من ممارسات عدائية، ستظل السعودية سنداً للشعب القطري الشقيق وداعمة لأمنه واستقراره.
وفي هذا الشأن اتخذت السعودية التدابير اللازمة لمعالجة الحالات الإنسانية للسعوديين والأشقاء القطريين المتضررين من هذا القرار.
في الختام.. على مدار الأزمة أبدت الدوحة في أكثر من مناسبة انفتاحها على الحوار مع الدول الخليجية، كان أبرزها ما صرّح به أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بعد أشهر قليلة من بداية الأزمة خلال لقائه مع محطة سي بي إس الأمريكية، حول استعداده لمحادثة الدول الخليجية، قائلاً: "إذا ساروا متراً واحداً تجاهي فسوف أسير 10 آلاف ميل تجاههم".
السعودية لن تربح الرهان مع قطر وجميع الدلالات تؤكد أن الامور تسير لمصلحة قطر، خاصة وأن السعودية غارقة في العديد من الملفات المعقدة، ولاسيما ملف اليمن.