الوقت- يتكشف يوما بعد يوم لدى بعض الأطراف اليمنية كالحراك الجنوبي الشعبي أن الفاصل بينها وقوى العدوان كبير، وصار واضحا حصيلة العدوان السعودي على اليمن وشعبه المرتسم بالفشل، فالعائلة الحاكمة في السعودية تشعر اليوم بخيبة أمل حقيقية، فهي على المستوى العسكري الميداني لم تتمكن من تحقيق أي هدف ملموس على الأرض، ولا الجماعات التكفيرية التي عولت وبنت عليها آمالها استطاعت أن تحسم في الميدان، بل تشهد عدن اختلافات حادة وكبيرة بين الفئات التي تعاونت معها السعودية خلال الأشهر الماضية، هذه الإختلافات والتي بدأت تترجم بمعارك ضارية فيما بينهم لا سيما تلك التي بين الحراك الجنوبي والقاعدة وانصار هادي، هذا الواقع طرح سؤالاً كبيراً بوجه العائلة الحاكمة وهو إلى أين؟
الحراك الجنوبي خيبة أمل السعودية
لطالما عولت السعودية في حربها على الشعب اليمني على الإستفادة من بعض الحركات الشعبية التي لطالما لاقت المعاناة من النظام اليمني السابق الذي كان يد العائلة الحاكمة السعودية في اليمن، وهي بعنوان دعم مطالبهم إستفادت منهم لإحداث الخلل الأمني في اليمن وشن عدوانها والسيطرة على بعض المناطق في عدن بالتحديد، هذا الأمل السعودي بالسيطرة على عدن بعد الفشل في شمال اليمن تحول إلى خيبة امل كبيرة بعد أن أدرك الحراك الجنوبي الشعبي النوايا اللئيمة لقوى العدوان السعودي، فقد أدرك الحراك الجنوبي أن هدف السعودية من حربها على اليمن هو المتعلق بسياسة الهيمنة والإحتلال، وأن لا وجود لمطالبهم في الفكر السعودي، فمن خلال التغيرات الميدانية الأخيرة التي شهدتها عدن ومحافظات أخرى وحجم القصف والدمار، أدرك الحراك الجنوبي أن كل الوعود مجرد مطية لإستغلال هذه القوى في عدوانها على الشعب اليمني وجيشه وتشكيلاته الشعبية.
كما أن السؤال الذي ولدته الحرب لدى الحراك وهو ما الذي يجمع بين الجماعات التكفيرية الإجرامية وقوى العدوان وكل ما قاموا به حتى الان من قصف وقتل ودمار وبين أهداف حراكهم؟ فهم وجدوا انفسهم على تناقض كبير في الأهداف، فجماعات التكفير الذين استجلبتهم قوى العدوان من الخارج لتحقيق أهدافها لا يرجون من كل هذه المعمعة إلا الحصول على المال لاغيره. فيما الحراك الجنوبي لديه مطالب تغيرية إصلاحية كما وأنصار الله وغيرهم من القوى الشعبية التي ساندت الجيش اليمني. الحراك الجنوبي وهو قوة لا يستهان بها ومؤلف من 22 فصيلاً تمكن خلال اليومين الماضيين من إستعادة السيطرة على مواقع كثيرة كانت القاعدة والمدعومة سعوديا قد استولت عليها خلال فترات سابقة.
سياسة سليمة صمدت ووحدت وأفشلت مشروع عدن السعودي
الفكر السياسي لأنصار الله والتشكيلات الشعبية المساندة للجيش اليمني وضعت هدفها الأساس منذ البداية بحفظ وحدة البلاد والوقوف بوجه مخطط التقسيم، هذا الهدف صمد وتحقق بعد مضي ما يقارب الخمسة اشهر على بدء العدوان، فعلى الرغم من تمكن قوى العدوان من السيطرة على بعض المناطق في عدن وبعض المناطق المجاورة لها إلا أن مشروع الأقاليم الستة السعودي لم يبصر النور أبدا. فقوى العدوان السعودي التي لا زالت ترتكز حتى اليوم في عدوانها على قصف طائراتها للمدنيين دليل واضح على هذا الفشل، وبحاح الذي قام بزيارة لعدن ولم يتمكن من البقاء فيها لساعات دليل على أن أسابيع من العدوان على عدن وحدها فقط لم تمكّن قوى العدوان من السيطرة عليها فكيف بمشروعها تشيكل حكومة فيها للإنطلاق إلى مناطق أخرى منها.
حدود مضطربة وتدهور الاقتصاد و...
القلق وخيبة الأمل لدى العائلة الحاكمة في السعودية تأتي ايضا بسبب تدهور الوضع الإقتصادي إلى حد كبير، فمقابل اللاشيء في عدوانها على الشعب اليمني انفقت اموالا كثيرة على هذا العدوان حتى الان، فقد اقترضت بعد دخولها في عجز مبلغ 106 مليار دولار، وقامت بسحب احتياط النقد الاجنبي، فقد تراجع النمو الإقتصادي من 3.6 خلال 2014 إلى 2.6 خلال 2015، كما وأن نسبة العجز في الميزانية السعودية سترتفع إلى 15 بالمائة في 2015 بعد أن كانت 11 بالمائة في ال 2014.
وكونت العائلة الحاكمة في السعودية حدودا مضطربة لطالما شهدت استقرارا وأمنا قبل بدء عدوانها، وهي من خلال تنمية الجماعات التكفيرية داخل اليمن أوجدت خلايا نائمة لها داخل أراضيها، ويضاف إليها النقمة الشعبية اليمنية على آل سعود. العدوان أيضا ساهم إلى حد كبير بتسهيل عمل الجيش اليمني وأنصار الله وباقي التشكيلات الشعبية للرد على العدوان، فبينما كان الجيش اليمني وانصار الله وباقي التشكيلات يرون حرجا في الرد على القوى المعتدية داخل الأراضي السعودية فحصروا ردهم عليهم عند الحدود حيث تتواجد القوى المعتدية ليس إلا، بات اليوم الأمر أسهل بالنسبة لهم فتمركز بعض هذه القوات المعتدية في عدن ومناطق أخرى قد وسع الخيارات.