الوقت- تلبية لدعوة المرجعية الدينية في النجف الاشرف المتمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني واستجابة لمطالب الشعب العراقي بضرورة التغيير السياسي للقضاء على الفساد الاداري والمالي المستشري في مفاصل الدولة وضرورة تهيئة المستلزمات الضرورية للمواطنين وفي مقدمتها الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب إتخذ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي سلسلة من القرارات الاصلاحية لتعزيز اللحمة الوطنية وحفظ البلاد من خطر التشرذم وتفويت الفرصة على الاعداء الذين يتصيدون بالماء العكر.
الى ماذا دعت المرجعية الدينية؟
أكد ممثل المرجعية الدينية في النجف الاشرف السيد أحمد الصافي خلال خطبة صلاة الجمعة الماضية التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف بمدينة كربلاء المقدسة ما يلي: "المطلوب من رئیس الوزراء حیدر العبادي الذي هو المسؤول التنفیذي الأول في الدولة، والذي أبدى اهتماماً بمطالب الشعب وحرصاً على تنفیذها أن یکون أکثر جرأة وشجاعة في خطواته الاصلاحیة، مشدداً على ضرورة اتخاذه خطوات صارمة في مجال مکافحة الفساد".
ودعا الصافي رئیس الحکومة الى الضرب بید من حدید لمن یعبث بأموال الشعب، حاثّاً إیاه على إلغاء الامتیازات والمخصصات غیر المقبولة التي مُنحت لمسؤولین حالیین وسابقین في الدولة.
ما هي مطالب الشعب العراقي؟
نظّم الشعب العراقي تظاهرات في العديد من محافظات البلاد بينها العاصمة بغداد عصر يوم الجمعة الماضي، أي بعد ساعات قليلة من دعوة المرجعية الدينية الحكومةَ لإجراء اصلاحات جذرية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والخدمية والأمنية. وطالب المتظاهرون بما يلي:
- توفير الخدمات الضرورية للمواطنين وفي مقدمتها الطاقة الكهربائية والماء الصالح للشرب الذي تعاني من شحته الكثير من المحافظات رغم المبالغ الطائلة التي صُرفت في هذين المجالين طيلة السنوات الماضية.
- محاسبة المسؤولين المتهمين بالفساد المالي والاداري والأمني وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل.
- ترشيق الحكومة وتقليص عدد الوزارات أو دمج بعضها مع البعض الآخر بينها (الطاقة مع النفط) و(الزراعة مع الموارد المائية) و(الصحة مع البيئة) و(الاسكان مع البلديات).
- تقليص حمايات المسؤولين الذين يكلفون الدولة اموالاً طائلة بسبب أعدادهم الكبيرة والتخصيصات الضخمة التي تصرف في هذا المجال.
- تفعيل مبدأ (من أين لك هذا؟!) من أجل مساءلة ومحاسبة الكثير من المسؤولين الذين أثرَوا على حساب المال العام وإرجاع ما استحوذوا عليه بغير وجه حق الى خزينة الدولة باعتباره مُلكاً عاماً للشعب العراقي، ولابد أن يُصرف في تلبية احتياجاتهم ورفع المستوى المعيشي في جميع المجالات الإقتصادية والصحية والتعليمية والبيئية والخدمية والأمنية.
القرارات الاصلاحية التي اتخذها العبادي:
1. تقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة بضمنهم الرئاسات الثلاث والوزراء والنواب والدرجات الخاصة والمدراء العامون والمحافظون واعضاء مجالس المحافظات ومن بدرجاتهم، ويتم تحويل الفائض الى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين.
2. إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم حسب تعليمات يصدرها رئيس مجلس الوزراء تأخذ بالاعتبار العدالة والمهنية والاختصاص.
3. إبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومدراء عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وتتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة بالاستفادة من الخبرات الوطنية والدولية في هذا المجال وإعفاء من لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة.
4. ترشيق الوزارات والهيئات لرفع الكفاءة في العمل الحكومي وتخفيض النفقات.
5. إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فوراً.
6. فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت اشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين وتعمل بمبدأ (من أين لك هذا؟) ودعوة القضاء الى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين.
7. الطلب من مجلس الوزراء الموافقة على القرارات اعلاه ودعوة مجلس النواب الى المصادقة عليها لتمكين رئيس مجلس الوزراء من إجراء الاصلاحات التي دعت اليها المرجعية الدينية وطالب بها المواطنون في محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وحظيت هذه القرارات بترحيبٍ واسعٍ من قبل كافة الكيانات السياسية والنخب الاعلامية والثقافية في البلاد ومختلف شرائح المجتمع العراقي والتي شددت على ضرورة الاسراع في تطبيق هذه القرارات تلبية لنداء المرجعية الدينية واستجابة لمطالب الشعب الذي يتصدى أبناؤه بشجاعة منقطعة النظير للعصابات الارهابية ويقدمون الغالي والنفيس في سبيل حفظ وطنهم والدفاع عن مقدساتهم وتحرير بلدهم من دنس الارهابيين.
ويُنتظر أن يُصادق البرلمان العراقي على هذه القرارات في جلسته المقررة الثلاثاء من هذا الاسبوع، في وقت أبدى فيه أعضاء مجلس النواب رغبتهم وحرصهم الشديد على التصويت لصالح هذه القرارات.
وأعرب معظم المحللين والمتابعين للشأن العراقي عن إعتقادهم بأهمية هذه القرارات وضرورة تفعيلها على أرض الواقع بأسرع وقت ممكن لتفويت الفرصة على المتصيدين في الماء العكر، خصوصاً وأن العراق يمر الآن بأزمتين حقيقيتين؛ الأولى أمنية بسبب احتلال تنظيم (داعش) الارهابي لمناطق واسعة من البلاد وارتكابه جرائم شنيعة بحق الشعب العراقي وبشكل يومي، والثانية اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية، اضافة الى التكاليف الباهظة التي يتحملها البلد بسبب مواجهته للارهاب المتمثل بـ(داعش) وباقي العصابات الاجرامية.