الوقت- مع اقتراب موعد الإعلان عن خطة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، والمعروفة باسم "صفقة القرن" لحلّ القضية التاريخية للصراع الفلسطيني مع الكيان الصهيوني، زادت جهود وتحركات السلطة الفلسطينية، برئاسة "محمود عباس"، لكسب الدعم الدولي لإفشال هذه الخطة المشؤومة، ولإدانة الدعم السخي الذي تقدّمه واشنطن لحكومة "نتنياهو" الناكثة للمواثيق والأعراف الدولية. ولهذا فلقد حضر رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس" اجتماع وزراء خارجية العرب الذي عُقد يوم الأحد في جامعة الدول العربية في القاهرة تحت عنوان "القضايا الفلسطينية - العملية السياسية والأزمة المالية"، وفي ذلك الاجتماع قال "عباس" في كلمته إنه ينبغي إيجاد اتفاق بين الدول العربية لرفض "صفقة القرن"، وأضاف قائلاً: "يجب أن يتحرّك العرب ويشاركوا بنشاط في هذه الفترة الحرجة."
الجامعة العربية تعلن في بيانها الختامي بأنه يجب دعم القضية والشعب الفلسطيني
لقد خرجت مناقشات ومشاورات وزراء الخارجية العرب من قمة القاهرة في نهاية المطاف بإصدار بيان لدعم الشعب الفلسطيني وإدانة أعمال واستفزازات الكيان الصهيوني ومؤامرة "ترامب" الموسومة بـ"صفقة القرن" وأكد البيان الختامي أن الدول التي قدّمت مبادرة السلام العربية في العام 2002، لا يمكنها أن تقبل أي خطة أو صفقة لا تنسجم مع المرجعيات الدولية وشددت الدول العربية على التزامها باتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مدينة القدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، والحفاظ على هويتها العربية وطالبت الدول العربية المجتمع الدولي بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 ضد الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي.
وفي سياق متصل حذّرت الدول العربية في بيانها الختامي من خطورة النهج الإسرائيلي باعتماد قوانين عنصرية لشرعنة نظام الاستيطان والفصل العنصري، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه، ونهب أرضه ومصادر عيشه.
وأكد البيان الختامي على التزام الدول العربية بدعم موازنة دولة فلسطين وتنفيذ قرار قمة تونس بتفعيل شبكة أمان مالية بمبلغ مئة مليون دولار شهرياً، دعماً لدولة فلسطين لمواجهة الضغوط السياسية والمالية التي تتعرّض لها.
ودعا البيان الختامي إلى احترام شرعية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، برئاسة "محمود عباس"، ودعوة الفصائل والقوى الفلسطينية إلى سرعة إتمام المصالحة الوطنية، وتمكين الحكومة الفلسطينية من تحمّل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، وإجراء الانتخابات العامة في أقرب وقت ممكن.
آراء متباينة في جامعة الدول العربية.. هل ستصبح مصر العرّاب الجديد لصفقة القرن؟
أشار العديد من المحللين السياسيين إلى ضرورة عمل إصلاحات هيكلية في جامعة الدول العربية وذلك بسبب عدم قدرتها على اتخاذ قرارات حاسمة وقوية في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة حدوث الكثير من الأزمات.
ويعتقد المحللون أنه في ضوء الآراء المتضاربة بين الأعضاء المشاركين في جامعة الدول العربية، إلا أنه نادراً ما يتم تنفيذ قرارات هذه الجامعة العربية وعلى سبيل المثال، فإن السعودية والبحرين والإمارات، ومصر على الرغم من حضورهم في هذه القمة العربية التي ركّزت على دعم القضية والشعب الفلسطيني وقبولهم بالبيان الختامي لهذه القمة، إلا أن الأحداث الميدانية تؤكد بأنهم لم ولن يعملوا في مصلحة الشعب الفلسطيني، وأنهم يتسابقون لتطبيع علاقاتهم مع الكيان الصهيوني وتنفيذ "صفقة القرن" المشؤومة.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة "رأي اليوم"، بأن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وافق على طلب تقدّم به رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، يتمثّل في نقل مهمة الترويج لصفقة القرن من ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان"، إلى الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، وبهذا فإنه يمكن القول هنا بأن "السيسي" أصبح العرّاب الجديد لهذه الصفقة المشؤومة.
وعلى الرغم من أن هذه الأخبار لم يتم التأكد من صحتها حتى الآن، إلا أنه يجب الإشارة هنا إلى أن مصر كان لها تاريخ حافل في هذا المجال.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن مصر وخمس دول عربية قاموا بتأسيس جامعة الدول العربية في مارس 1945 ولقد استخدمت مصر هذا الاتحاد، خاصة في الستينيات والسبعينيات تحت قيادة "جمال عبد الناصر"، لتوحيد العرب ومع ذلك، بعد وفاة "عبد الناصر"، قام "أنور السادات" بتوقيع معاهدة سلام مع "إسرائيل" في مارس 1979 وهذه القضية أدّت إلى تراجع موقف ومكانة مصر في جامعة الدول العربية وبعد ذلك تم نقل مقرّ الاتحاد من القاهرة إلى تونس، وفي أبريل 1979، دعا عدد من أعضاء هذه الجامعة إلى فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على مصر، بسبب تعاونها مع الكيان الصهيوني في بعض المجالات الاقتصادية والتجارية وهذه العقوبات وجّهت ضربة قاسية للسادات. ونظراً لزيادة الخلافات بين أعضاء هذه الجامعة وانعدام الثقة بينهم، قامت أمريكا بالاستعانة بهذه الثغرة لتوجيه البيانات الختامية التي تخرج بها اجتماعات هذه الجامعة العربية، بما يخدم مصالحها في المنطقة ومصالح الكيان الصهيوني.
وفي هذا الصدد، صرّح "محمود عباس" يوم الاثنين الماضي بأن "إسرائيل" لم تنفّذ أي قرارات دولية منذ عام 1948، على الرغم من إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة 721 قراراً يدين الأعمال غير القانونية التي قامت بها "إسرائيل" منذ ذلك الوقت وحتى الآن. ولفت "عباس" إلى أن السبب في حدوث ذلك، يرجع إلى أن أمريكا تقدّم الدعم لهذا الكيان الصهيوني وتحميه في جميع الساحات والمحافل الدولية، ولهذا تساءل "عباس" قائلاً: إن "إسرائيل" لا تكترث بالقرارات الدولية ولا تلقي لها بالاً، فكيف يمكن أن نصل مع هذا الكيان الغاصب إلى حلول للقضايا الشائكة بيننا وبينهم؟، وأضاف: نظراً إلى أن أمريكا لا يمكن لها أن تعلب دور الوسيط المحايد، فماذا يجب أن نفعل في هذه الظروف؟ لقد جئنا إليكم لنستمع منكم ماذا نعمل؟.
بالتأكيد، وعلى الرغم الجهود التي يبذلها "محمود عباس" لتعبئة العالم العربي بأسره ضد تنفيذ "صفقة القرن"، إلا أنه ينبغي على الشعوب العربية، وخاصة الفلسطينيين، الاهتمام والتركيز ودعم نهج المقاومة الإسلامية الذي يبذل الكثير من الجهود لإفشال جميع المخططات الصهيوني والغربية في فلسطين.