الوقت- منظمات ناشطة في مجال حقوق الاطفال، تحدثت مؤخرا عن انتشار ظاهرة تجنيد الاطفال الذين تطلق عليهم الجماعات التكفيرية ”اشبال الخلافة” على شاكلة ما بدأ به تنظيم القاعدة حيث كان يطلق عليهم كتائب "طيور الجنة" في زمن ابي مصعب الزرقاوي مؤسس تنظيم داعش الارهابي.
وقد تم الاجماع من قبل المؤسسات الحقوقية على ان استخدامات تنظيم داعش الارهابي، للاطفال تفوق بخطرها استخدامات اي تنظيم آخر، وأن وجود الاطفال الذين يحملون مفاهيم الارهاب الداعشي ويرثونه، يؤمنون تمددا للظاهرة التي تنهش بالمنطقة، مما يتيح للارهاب البقاء والتمدد لسنوات مقبلة .
لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة في تقرير لها صدر في شهر شباط، أشارت الى أن تنظيم "داعش" يبيع الأطفال العراقيين المخطوفين ويقتل آخرين منهم أو يتم حرقهم أحياء، كما يقوم باستخدام الأطفال في الحرب السورية، إضافة الى المتاجرة بأعضاء البعض منهم وخاصة لمن يرفض من أهاليهم المشاركة في الحرب إلى جانب هذا التنظيم .
ووفق احصاء تم في حزيران 2014، قامت به منظمة سورية قريبة من المعارضة وهي مركز توثيق الانتهاكات، جاء فيه أن "194 طفلاً، غير مدني، قتلوا في سوريا منذ ايلول 2011 ".
منظمة "هيومن رايس ووتش"، توقفت عند تجنيد اطفال في المعارك وحذرت الدول التي تمول المجموعات المسلحة التي تقوم بذلك من انها قد تتعرض للملاحقة بتهمة ارتكاب "جرائم حرب ".
وفي تقرير لها نشر سابقا بعنوان "قد نحيا وقد نموت: تجنيد واستعمال اطفال من قبل مجموعات مسلحة في سوريا"، اتهمت المنظمة غير الحكومية مجموعات المعارضة السورية بـ"استعمال اطفال اعتباراً من عمر 15 عاما في المعارك واحياناً بذريعة تقديم التعليم لهم ".
وأوضحت المنظمة التي تدافع عن حقوق الانسان ومقرها نيويورك ان "المجموعات المتطرفة مثل داعش جندت اطفالاً من خلال مزج التعليم والتدريب على استعمال الاسلحة والطلب منهم القيام بمهمات خطيرة من بينها عمليات انتحارية ".
واستندت المنظمة في تقريرها إلى تجارب 25 طفلاً-جندياً في سوريا. وبالاضافة الى "داعش" فقد قاتل هؤلاء الاطفال الجنود في الجيش السوري الحر و"الجبهة الاسلامية" وجبهة "النصرة"، الجناح السوري لتنظيم "القاعدة"، وكذلك في صفوف القوات الكردية .
وقالت كاتبة التقرير بريفانكا موتابارتي، الباحثة في مجال حقوق الاطفال في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "على المجموعات المسلحة ان لا تحاول تجنيد اطفال معدمين قتل ذووهم وقصفت مدارسهم ودمرت بيئتهم ".
وأضافت ان "ويلات النزاع المسلح في سوريا تصبح اكثر سوءاً بإرسال اطفال الى الخطوط الامامية ".
واكدت المنظمة على "ضرورة ان تتعهد جميع المجموعات علناً بمنع تجنيد اطفال كما يتوجب على الحكومات التي تقدم مساعدة للمجموعات المسلحة ان تشدد على هذه المجموعات بالتحقق من عدم وجود اطفال في صفوفها. وكل من يقدم مساعدة مالية للمجموعات المسلحة التي ترسل اطفالاً الى الحرب قد يعتبر شريكاً في جرائم الحرب ".
المرصد السوري لحقوق الإنسان، كان قد اشار الى أن 52 طفلاً سورياً مقاتلاً دون سن الـ 16 ضمن أشبال الخلافة جندهم تنظيم داعش في صفوفه، قتلوا من جراء مشاركتهم في القتال منذ مطلع عام 2015 .
وبحسب المرصد، انضم أكثر من ألف و100 طفل إلى ما يعرف بأشبال الخلافة منذ مطلع العام 2015، وحتى مطلع شهر تموز، بعد تجنيدهم من خلال مكاتب افتتحها التنظيم في مناطق سيطرته في سوريا.
وغالباً ما يستخدم التنظيم المتطرف الأطفال الجنود عناصراً على نقاط التفتيش أو لجمع معلومات من الأحياء غير الخاضعة لسيطرته نظراً الى سهولة تنقلهم، لكنه في الفترة الأخيرة بدأ يستخدمهم في القتال والعمليات الانتحارية .
وبحسب المرصد نفسه، إن تنظيم داعش يجذب الأطفال الذين لا يتعلمون أو العاطلين عن العمل عبر منحهم رواتب مغرية تبلغ مئتي دولار أمريكي، وهو ما يتجاوز راتب موظف حكومي أو مدير مدرسة في سوريا.
صحيفة المجلة، ذكرت في احدى تحقيقاتها_ نقلا عن شخص يدعى ابا ابراهيم الرقاوي صاحب حملة "الرقة تذبح بصمت" التي أطلقت بتاريخ 19-4-2014 لتوثيق جرائم تنظيم داعش في مدينة الرقة _ حيث وصف طرق دعم الأطفال للتنظيمات الجهادية بوسائل مثل حمل الإمدادات، والتجسس وإعادة المقاتلين الجرحى للثكنات.
أبو إبراهيم وصف بشكل مفصل كيفية تجنيد الأطفال في الأعمال العسكرية من قبل التنظيم. حيث قال: "تجنيد الأطفال يكون في معسكر خاص يقع في مدينة الطبقة (تبعد 55 كم عن مدينة الرقة باتجاه الغرب ويقع فيها مطار الطبقة العسكري)، ويجري على مرحلتين، المرحلة الأولى هي إخضاع الطفل الذي عادة يجري اختياره من مجموعة من الأطفال في حلقات حفظ القرآن بالمساجد، حيث غالبية أطفال الرقة بعد إغلاق «داعش» المدارس في المدينة يقصدون المساجد كبديل عن المدارس، ويؤتى به إلى المعسكر ليخضع بداية إلى دورة شرعية مدتها 45 يوما، ومن يدرس الشريعة غالبيتهم عراقيون أو تونسيون أو سوريون في بعض الأحيان، من ثم يخضع بعدها الطفل لدورة عسكرية تستمر أيضا 3 أشهر إلا أنه وبسبب قتال التنظيم في كوباني فإنها تستمر لشهر الآن وحتى يتخرج الطالب عليه قطع رأس أحد عناصر مطار الرقة (الذي سيطر عليه تنظيم داعش نهاية شهر آب الفائت)" .
ويكشف الرقاوي عن أنه جرى مؤخرا تخريج آخر دفعة وهي 110 طفلا غالبيتهم لا تتجاوز أعمارهم 16 عاما.
هذا وتتناقل الوسائط الالكترونية افلاما قصيرة لاطفال يقومون بأعمال اعدام وحرق وتنكيل وباتت هذه الافلام منتشرة بكثرة ومنها ما ظهر عبر مشاركة اطفال في رجم نساء بالحجارة حتى الموت وقطع رؤوس بشر وحملها وضرب العنق بالسيف والقذائف الصاروخية ..
كما أن بعض الذين تم الافراج عنهم من سجون داعش او تمكنوا من الفرار كشفوا عن وجود اطفال يتولون دور السجان .
مأساة أخرى تلاحق الاطفال وتطال مستقبلهم الذي سلب منهم، فقد تفشت بكثرة في مناطق سيطرة المعارضة مأساة احتلال المدارس وتحويلها الى ثكنات تدريب عسكرية لفئات القاصرين من الشباب، على غرار ما قام به الجيش السوري الحر الذي استبدل مدرسة في شمال محافظة حلب، بمركز تدريب اطلق عليه اسم ثكنة عبد الرزاق وهي تابعة للجيش السوري الحر.
ويتم فيها تدريب الاطفال الذين فقدوا عائلاتهم في الحرب الجارية على اساليب حرب المدن وفنون القتال. حيث يخضع هؤلاء الاطفال للتدريب لمدة ثلاثة اشهر بمعدل ساعتي تدريب يومي، ليقادوا بعدها الى الجبهة للقتال.
وتعتبر ظاهرة تجنيد الاطفال من قبل الجيش السوري الحر خصوصا خرقا للقوانين والمواثيق الدولية واتفاقيات حماية الاطفال وحقوقهم، فبحسب القانون الدولي، فإن تجنيد واستخدام الأطفال دون 15 سنة للعمل بوصفهم جنودا أمر محظور وطبقا للمعاهدات والأعراف، كما يجري تعريفه من جانب المحكمة الجنائية الدولية بوصفه جريمة حرب .
وفضلا عن ذلك يُعلِن قانون حقوق الإنسان سن 18 سنة بوصفها الحد القانوني الأدنى للعمر بالنسبة للتجنيد ولاستخدام الأطفال في الأعمال الحربية، وتضاف أطراف النزاع التي تجنِّد وتستخدِم الأطفال بواسطة الأمين العام فيما یسمی " قائمة العار" التي يصدرها سنويا.
وسط هذا، تعتبر الاعمال التي يقوم بها الجيش السوري الحر اعمالا تدين دولا تنتمي الى المجتمع الدولي الفاعل والمنادي بحقوق الانسان ادعاءا وزورا، باعتباره معترفا به من قبل دول غربية وامريكا وبعض الدول العربية جيشا شبه نظامي يتلقى دعما علنيا ومباشرا من تلك الدول ويلقى احتضانا ودعما واسعا منها وتدريبا مباشرا وعلنيا وخصوصا من امريكا وتركيا التي اطلقت مشروع تدريب جماعات مما يسمى بالجيش السوري الحر.
هنا، يصبح الأجدى من القانون الدولي، أن يضع على رأس لائحة العار، أسماء بعض الأعضاء الفاعلين في المجتمع الدولي من الدول الغربية والعربية وامريكا الذين يدعمون الجيش السوري الحر والجماعات الارهابية، بهدف اسقاط النظام السوري الذي كان وما زال يفرض التعليم الاجباري للأطفال ويؤمنه مجانا ويمنع انضمام الأطفال الى جيشه النظامي !!