الوقت- أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن الجماعات الإرهابية المسلحة في محافظة إدلب السورية انتهت أمس الثلاثاء من تصوير مسرحية الهجوم الكيماوي المزعوم في مدينة جسر الشغور في مسعى جديد لتوريط الجيش السوري قبيل هجومه الوشيك الرامي لتخليص البلاد من آخر جيوب الإرهاب.
مركز المصالحة الروسي في سوريا التابع لوزارة الدفاع الروسية، أكد أن وسائل الإعلام العربية والغربية الداعمة للجماعات الإرهابية في سوريا ستسلم العمل الدرامي اليوم الأربعاء، بعد اكتمال تصوير محاكاة "هجوم كيميائي" في مدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب بمشاركة عناصر إرهابية، لتحميل الحكومة السورية مسؤوليته.
وأضاف المركز الروسي في بيان صحفي "حسب معطيات وردت من سكان محافظة إدلب، يجري في مدينة جسر الشغور الآن تصوير مشاهد استفزاز مفبرك يُحاكي استخدام الجيش السوري لـ"السلاح الكيميائي" ضد المدنيين"، وأوضح أنه "لتصوير هذه المشاهد، وصلت إلى جسر الشغور صباح اليوم فرق إعلامية لبعض القنوات الشرق أوسطية وكذلك لفرع إقليمي لقناة إخبارية أمريكية كبيرة، ويقضي سيناريو الاستفزاز بتصوير مشاهد تقديم نشطاء من قوات الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) "المساعدة" إلى المواطنين، بعد الإلقاء المزعوم من قبل الجيش السوري لبراميل متفجرة تحوي مواد سامة".
وأضاف "من أجل إعطاء المشاهد صبغة واقعية جمع الخوذ البيضاء عينات التربة بشكل سريع، ونقل المسلحون من بلدة خربة الجوز إلى جسر الشغور صباح اليوم برميلين يحتويان على مادة كيميائية منتجة على أساس الكلور"، وأشار البيان إلى أنه من المقرر أن تسلم جميع مشاهد الاستفزاز الكيميائي في جسر الشغور إلى وسائل الإعلام حتى اليوم الاربعاء لبثها، بعد تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي.
واشنطن وعلى لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناويرت، سارعت إلى تدارك الفضيحة بعد انكشاف أمر المسرحية التي تعدّها واعتبرت أن اتهام روسيا والسلطات السورية لمنظمة "الخوذ البيضاء"، لا أساس له من الصحة، وقالت ناوريت للصحفيين، يوم الثلاثاء: "الأسد وروسيا يواصلان توجيه اتهامات كاذبة ضد منظمة "الخوذ البيضاء"، مشيرة إلى أن "حملة التضليل تعرّض متطوعيها لمخاطر جسيمة… أمريكا والمجتمع الدولي يواصلان تقديم الدعم لهم".
المدنيون رهينة
وتواصل الجماعات الإرهابية في محافظة إدلب منع السكان المدنيين من الخروج من منطقة خفض التصعيد في إدلب، عبر الممرات الإنسانية التي فتحها الجيش السوري بالتنسيق مع القوات الروسية، فيما تشير التقارير الميدانية إلى أن عناصر تنظيم جبهة النصرة يقومون بسحب سكان القرى الواقعة على خط التماس مع القوات الحكومية إلى داخل المحافظة ويأملون باستخدامهم كدروع بشرية.
وتعتبر محافظة إدلب آخر معقل للجماعات الإرهابية المعارضة شمال سوريا، وتشهد هذه المحافظة فوضى أمنية غير مسبوقة تمثلت بازدياد حالات الاغتيال والتصفيات والتفجيرات، وعمليات خطف مقابل فدية، وهو ما جعل المدينة تعيش حالة عدم استقرار.
ومنذ نهاية عام 2016 انقسمت خارطة توزع السيطرة في محافظة إدلب إلى منطقتين، معسكر برئاسة تحرير الشام ومعسكر آخر برئاسة حركة أحرار الشام، ويؤيد المعسكر الأول الخطاب السلفي التكفيري ويعود إلى تنظيم القاعدة وتدعمه السعودية، أما المعسكر الثاني فهو لديه فكر الإخوان المسلمين ويتلقى الدعم المالي واللوجستي والفكري من تركيا.
روسيا تهدد
وفي سياق متصل نشرت القِيادة العسكريّة الروسيّة في قاعِدَة حميميم الجوية قرب اللاذقية على مواقعها في وسائل التواصل الاجتماعي أمس الثلاثاء بياناً رسميّاً تؤكد فيه أنّ روسيا ستدعم أي تَحرك عسكري للجيش العربي السوري ضد القوى الغربيّة المتواجدة على الأراضي السورية بشكلٍ غير شرعي بما في ذلك القوات التركية وقوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن وذلك بالتزامن مع إرسال القِيادة العسكرية التركيّة 400 عنصر من القوات الخاصة بعتادهم الثّقيل إلى مدينة إدلب لتَعزيز 12 نقطة مراقبة تركية فيها، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى أكثر من 4000 جندي في الأيام القليلة الماضية، في تَحد واضِح لمخرجات مؤتمر طهران الأخير، واستعداداً لمواجهة أي هجوم روسي سوري بعد أن تمكن الطرف التركي في قمة طهران الثلاثية من تَجزِئَة الهجوم إلى ثلاث مراحل، وجعل السيطرة على المَعابِر السورية مع تركيا في جسر الشغور وباب الهوى التي تسيطر عليها قوات جبهة النصرة المرحلة الأخيرة، لعل تركيا تستطيع كسب الوقت والفَصل بين الحَركات المصنفة إرهابياً والأُخرى المعتدلة.