الوقت- أقرّ مجلس النواب الأمريكي تشريعاً يمهّد لفرض عقوبات على الفصائل المنضوية بالحشد الشعبي؛ والتي تتمثل بعصائب أهل الحق وحركة النجباء وكتائب حزب الله، لمعرفة المزید عن هذا الموضوع حاورنا الكاتب والمحلل السياسي واثق الهاشمي.
- كيف تقيّم الخطوة الأمريكية الأخيرة ضدّ "الحشد الشعبي" وتحديداً بعض الفصائل المنضوية فيه، وتصنيفها ضمن قائمة الإرهاب؟
بداية أعتقد أن تسريع هذا القرار جاء بعد إعلان نتائج الانتخابات التي كانت محبطة لهم، على اعتبار أن الجانب الأمريكي كان يتوقع أن "العصائب" التي كانت تمتلك مقعداً واحداً في الدورة السابقة، ستحصل في أفضل الظروف على مقعدين أو ثلاث، وليس خمسة عشر مقعداً، وما حققه ائتلاف "الفتح" عموماً (ولاسيما أن معظم الائتلاف هم من قيادات الحشد الشعبي) على ثاني أعلى المقاعد في البرلمان هو ما أزعج الجانب الأمريكي كثيراً كما يبدو، وجعله يتخوّف من أن تكون لهذه الجهة سيادة في المرحلة القادمة على إدارة الدولة العراقية، لذلك هم يقطعون الطريق مقدّماً من خلال هكذا إجراءات، عسى ألّا يكون لهم دور في المرحلة القادمة.
- وهل أصبحت بغداد مقتنعة بهذا الاستغلال الأمريكي للساحة العراقية في نزاعها مع طهران؟
العراق واضح، لا يقبل بأن يكون محوراً في المنطقة إلا من أجل تجاوز أزمات المنطقة، لن يعادي أحداً ولن يقف مع أحد وهذه هي رسالته الواضحة في خضم مشكلات عديدة في المنطقة، أعتقد أن العراق لا يقبل بهكذا قرارات لاعتبارات عدة، وهي أن الأسماء التي أعلن عنها هي لجهات مشتركة في العملية السياسية ساهمت في تحرير العراق من الإرهاب، لها ممثلون في البرلمان العراقي، وهذا يعتبر تدخلاً في الشأن العراقي الداخلي.
- كيف تصف توقيت القرار الأمريكي ضد فصائل الحشد الشعبي.؟
الموقف الأمريكي لم يكن مستغرباً لدى كل المتابعين في ظل حملة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على محور المقاومة بشكل كامل في المنطقة وفي ظل جولات كثيرة خسرها الجانب الأمريكي في العالم لمصلحة عدوّه اللدود روسيا، فضلاً عمّا حققه محور المقاومة من إنجازات ولا سيما في العراق وسوريا امتعض منها الجانب الأمريكي وتحديداً الرئيس "ترامب" الذي طالما سعى لكسب ودّ اللوبي الصهيوني الموجود في أمريكا ليبقَ رئيساً لها، ورأينا ذلك في كوريا الشمالية وفي البلقان وفي سوريا والعراق ولبنان واليمن، بالتالي الأمر متوقع في ظل الحملة المقررة بعد إقالة وزير الخارجية وتعيين مستشار جدید للأمن القومي كلهم من الصقور المعادين لإيران، لذلك توقعنا خطوات كحجز أموال، وضع في قوائم الإرهاب، متابعة لشخصيات، واتهام بملفات إرهاب وتسليح وغيرها.
- ما هي رغبة "ترامب" من هذه التصعيد الإقليمي، وإلى أين يريد الوصول.؟
دونالد ترامب تدخل في سوريا علماً بأن أمريكا لا تملك مناطق نفوذ في سوريا، سياسية الحكومة الأمريكية والخارجية تحديداً غير واضحة ومتخبطة، لأنها لم تعتمد على صقور السياسة في فريقها، إنما تعتمد على صقور العسكر والاقتصاد، وقد شاهدنا هذا في سوريا ولبنان وكوريا الشمالية وفي دول متعددة في العالم، في المقابل روسيا كسبت الكثير من الأصدقاء ولم تخسر الحليف الاستراتيجي "تركيا"، لذلك هناك الكثير من دول المنطقة بدأت تحاول أن تدير بوصلتها تجاه موسكو وليس باتجاه واشنطن، هذا الأمر ولّد امتعاضاً كبيراً في الداخل الأمريكي ولدى صناع القرار الأمريكيين والكونغرس الذين جمعتهم أكثر من خطوة لإقالة الرئيس "ترامب" خاصة وأنّ الكثير من قيادات فريقه قدّمت استقالتها وكسبت أموراً أخرى، كانت خطوته الأولى بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس من أجل كسب اللوبي الصهيوني وسط معارضة دولية كبيرة، الخطوة الثانية في كسب اللوبي الصهيوني هي معاداة إيران لأن الكيان يشعر بأن إيران خطر عليه، لذلك أعتقد أن هذه السياسات ستبقى تصعيدية لكنها لن تصل إلى مرحلة الحرب على الإطلاق، ربما سيحاول "ترامب" أن يتدخل في إيران، عن طريق مظاهرات، وتحريض جماعات إرهابية، وعقوبات اقتصادية، لكنه يدرك جيداً أن الدخول في حرب مع إيران سيخلق مشكلات في المنطقة، حيث ستكون هناك أضرار بالمصالح الخليجية، والمصالح الإسرائيلية التي أعلنت أكثر من مرة بأنها لا تقبل أن تكون هناك ضربة تجاه إيران، لأنها تعرف أنّ الرّدّ الإيراني سيكون كبيراً في خضم ما تمتلكه إيران من قوة صاروخية، فضلاً عن أنّ عملية الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي لم تكن كما توقعها "ترامب"، فهناك انتقادات أوروبية للخطوة الأمريكية، وهناك تأييد من قبل المنظمة الدولية للطاقة الذرية لالتزام إيران حيث إنها لم تخالف التعليمات، وهذا نجاح للدبلوماسية الإيرانية على هذا الصعيد.