الوقت- يصف الخبراء الانفاق بأنها قمة خطط المفاجئات التي تعدها المقاومة الفلسطينية يوميا للتعامل مع الآلة الحربية الإسرائيلية في اي اعتداء إسرائيلي مقبل على قطاع غزة.
وقد شكل التقرير الذي نشرته قناة العالم وتناقلته جميع وسائل الاعلام الإسرائيلية من داخل احد الانفاق الجديدة للمقاومة الفلسطينية في غزة، مفاجأة كبيرة للإسرائيليين ولعب دوراً جديداً لرعب يعيشه المستوطنون الإسرائيليون الخائفون اصلا من عمليات صاحبي الارض الحقيقيين.
فقد أكد احد اعضاء المقاومة من داخل هذا النفق: “نثابر كل يوم وكل وقت من اجل الحصول على المال كي نقوم بواجبنا تجاه اراضينا المحتلة وتحريرها من الكيان الصهيوني، لذلك نحن نطالب المعنيين في الدول الداعمة للمقاومة الفلسطينية الوقوف الى جانبنا، خاصة ايران المعروفة للجميع بانها تقف الى جانب المقاومة وتدعمها وتدعم القضية الفلسطينية منذ زمن بعيد” ليلخص بهذه الفقرة استراتيجية المقاومة في مقارعة الاحتلال في المدى المنظور.
وحسب القناة العبرية الأولى فانه من يوم بث هذا التقرير والمستوطنون في رعب مستمر يزعمون بان اصوات حفر الانفاق وصلت إلى تحت بيوتهم وانهم يسمعون صوت الحفريات بشكل اوضح مما مضى فيما اكد مستوطنون من "كيبوتس نيريم" شرقي قطاع غزة انهم اقدموا على تسجيل الاصوات وتوثيقها ليؤكدوا بذلك قبل كل شيء مدى رعب الإسرائيليين من التكتيكات الحربية للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة المحاصر.
ويعتقد المحللون انه وبعد هذا التقرير تحول الشك باليقين حول ما تعده المقاومة للکيان الإسرائيلي من مفاجآت في الجولات الآتية من النضال فاليوم لا خلاف بين النُّخَب العسكرية وكبار المعلقين العسكريين في الكيان الإسرائيلي على أن الأنفاق الحربية التي أنشأتها المقاومة من سرايا القىس الى كتائب شهداء الاقصي وحتى كتائب "عز الدين القسام" تصل حتى تخوم المستوطنات الإسرائيلية ويمكن استخدامها في اي لحظة تراها قيادة المقاومة مناسبة لاستهداف هذا الکيان.
وعلى ما يبدو فإن حظوظ نجاح المسارات المحتملة لتهدئة طويلة المدى لم تكن كبيرة اليوم قياسا بما كانت عليه بعد اعلان نهاية حرب غزة الاخيرة وفي ظل مؤشرات تشي بتطوير الاساليب الارهابية للکيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وبالتماشي مع موقف الاطراف العربية الفاعلة في هذه القضية في التشديد المستمر للحصار على الشعب الفلسطيني يمكن القول ان هذه الحظوظ تكون شبه معدومة.
وفي اطار ما ذكرناه فان قرار المقاومة الفلسطينية لفتح احد انفاقها العسكرية أمام احدى وسائل الاعلام وادخال كاميرتها في ارجاء هذا النفق جاء ليؤكد للكيان الإسرائيلي وايضا لاطراف اقليمية خاصة مدى جهوزية المقاومة وعملها الدؤوب للتحضير لاي عدوان الإسرائيلي وحتى مسك زمام المبادرة وتنفيذ عمليات نوعية في عمق هذا الكيان.
فباعتراف محللين سياسيين ان الانفاق في غزة اليوم تفرض توازنا استراتيجيا على الکيان الإسرائيلي يغير عقيدته القتالية بشكل كامل في اي حرب مستقبلية.
وكانت اوساط صحفية إسرائيلية قد اعترفت بعد العدوان الاخير على غزة ان المقاومة تمكنت من خلال هذه الانفاق من مواصلة التسلل إلى عمق الكيان الإسرائيلي ومهاجمة المواقع العسكرية فضلا عن تحقيق اصابات كبيرة في صفوف جنود الکيان ثم الانسحاب بنجاح من دون ان تتعرض لخسائر تذكر في معظم هذه العمليات.
ويأتي هذا الاعتراف بعد ان كان الکيان الإسرائيلي يتبجّح خلال هذه الحرب أمام شعبه وفي وسائل الإعلام، أنه دمَّر أكثر من ثلثي مخزون المقاومة الفلسطينية من الصواريخ والأسلحة، وأنه اكتشف ودمَّر أغلب الأنفاق المؤدية إلى المستوطنات الإسرائيلية، وأن البنية التحتية لفصائل المقاومة قد تضرَّرت كثيرًا، وأنها تلقَّت ضربةً موجعة، طالت مخازن السلاح، ومنصات الصواريخ، والعقول المصنعة ومطلقيها، وأنه أصبح من الصعب عليها أن تستعيد عافيتها بسهولة، أو أن تُرمِّم قدراتها بسرعة، وجاء هذا التقرير ليؤكد مرة اخرى ان استراتيجية جنرالات الکيان الإسرائيلي العسکريين بنيت على اوهام ولا تستطيع تحقيق اي من خططها غير ما تقوم به من قتل المدنيين الابرياء وارتكاب المجازر بحقهم.
نستطيع القول اليوم ان الأنفاق الحربية للمقاومة الفلسطينية قد حيّدت عملياً تأثير كل من سلاح الجو والمدرعات الإسرائيليين اهم آلات العدوانية في اي حرب مقبلة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وحوّلتهما من تهديد استراتيجي للمقاومة إلى مشكلة تكتيكية بالإمكان تقليص تأثيرها عبر توظيف عنصري المبادرة والمناورة كما رأينا في الحرب السابقة في الشجاعية ومناطق اخرى من القطاع.
فيجب على الجميع الاعتراف بان ارادة الشعب الفلسطيني التي صنعت السلاح وأطلقت الصواريخ واجتازت الحدود ونفذت العمليات النوعية في القواعد العسكرية للکيان الإسرائيلي ووسط جنوده، تحفر اليوم الانفاق لتصل الى عدوها وتفاجأه حتى ولو كان في بروج مشيدة وانها ستستعيد ارضها المغصوبة حتى وان وصلت اليها عن طريق انفاق من تحت الارض.