الوقت- الهند، الإرهاب والاقتصاد، بات يُشكل هذا المُثلث القاسم المشترك بين الصين والباكستان، حيث نقلت وكالات الأنباء أن وزير الخارجية الصيني "وانغ يي" والباكستاني "خواجه محمد آصف" ناقشا خلال لقائهما في بكين توسيع العلاقات الثنائية والأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب في باكستان والمنطقة بالإضافة إلى الوضع في كشمير التي تسيطر عليها الهند، حيث أكد وزير الخارجية الصيني أن بكين ستواصل دعم باكستان في مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة من أجل توفير ضمانات أمنية موثوقة للتعاون الاقتصادي المشترك بين الصين والباكستان.
الباكستان وفرصة حلول الصين مكان أمريكا
يعدّ الاجتماع بين وزيري الخارجية الصيني والباكستاني جزءاً من المشاورات المستمرة بين البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية والتي باتت تأخذ منحىً وتوجهاً استراتيجياً، فباكستان التي تسعى إلى إيجاد بديل اقتصادي قوي بدلاً من أمريكا التي تشهد العلاقات بينهما اضطراباً كبيراً، ووجدت إسلام أباد البديل من خلال التعاون الواسع مع الصين، ناهيك عن الرغبة الصينية بتركيز قدراتها الاستراتيجية والاقتصادية على القطاعات النووية وغيرها من القطاعات الاقتصادية والعسكرية في الباكستان.
ويأتي البحث الباكستاني عن شريكٍ جديد بعد أن وضعت واشنطن إسلام آباد تحت ضغوط سياسية مكثفة مع تخفيض أو إيقاف المساعدات المالية والعسكرية في السنوات الأخيرة، وذلك باتهامها لباكستان بازدواجية مكافحة الإرهاب، بالإضافة لعدم تنفيذ تعهداتها في أفغانستان مع إفشال للخطط الموضوعة لأفغانستان.
وفي ظل هذه الظروف ومع استمرار التوتر في العلاقات بين واشنطن وإسلام أباد، رأت حكومة إسلام أباد أن تجد بديلاً اقتصادياً ليحل مكان أمريكا في دعم الاقتصاد الباكستاني، ووجدت أنّ هذا التعاون من الضروري أنّ يكون مع خصوم البيت الأبيض، ويتجلى في مُنافِسَي أمريكا الرئيسيين الصين وروسيا.
دور باكستان في تحقيق مشروع "الممر" الصيني الكبير
وكما الباكستان؛ الصين أيضاً رحّبت بتطوير شراكة استراتيجية مع إسلام أباد هدفها وحسب المسؤولين الصينيين الحد من نفوذ أمريكا في المنطقة، وذلك من خلال تنفيذ "ممر" بين الدولتين، حيث سيكون لهذا الممر تأثير قلّ نظيره على الاقتصاد الباكستاني، وسيعتبر جسراً بين بكين وإسلام أباد، بالإضافة لمساهمته بزيادة التعاون الاستراتيجي بين البلدين.
أهمية هذا المشروع الاقتصادي للباكستان تأتي من حقيقة أن تنفيذ الممر الاقتصادي مع الصين يمثل قفزة كبيرة إلى الأمام في الاقتصاد الباكستاني، ومن شأن تنفيذ هذا المشروع تطوير المناطق غير المطورة في باكستان مثل إقليم بلوشستان والمناطق القبلية وذلك كوسيلة للحد من جذب الشباب من قِبل المجموعات الإرهابية.
وعلى الجانب الآخر فإن الصين أيضاً - وبعد تنفيذ هذا المشروع - سيدُرُّ على اقتصادها ما قيمته حوالي 50 مليار دولار، ناهيك عن تحقيق جملة من أهدافها الرئيسية في المنطقة، مقابل الهند، وهو الأمر الذي يوفر أساساً جيداً لخطة بكين الدولية والتي تحمل عنوان "حزام واحد، طريق واحد".
سرّ المصالحة الصينية الباكستانية
أستاذ العلوم السياسية والأستاذ في جامعة كابول عبد اللطيف نظري يقول إن السبب الذي يجعل الصين تشعر بضرورة التنسيق مع باكستان أو تأييد سياستها في القضايا الإقليمية بما في ذلك أفغانستان يعود في معظمه إلى دعم أمريكا لمنافس الصين، وباكستان في المنطقة ألا وهو الهند، حيث تسعى واشنطن جاهدة لتعزيز موقف الهند في آسيا من أجل أن تكون منافساً جديّاً للصين، وذلك كي لا تبقى بكين وحدها القوّة المُسيطرة والقوية والمهمة في قارة آسيا.
وتقول التقارير الإعلامية إنّه وباستكمال هذا الممر الذي سيتكون من مجموعة من خطوط الطرق والسكك الحديدية، وسيتم الانتهاء منه بحلول العام 2025؛ ستتمكن سفن الشحن الضخمة وناقلات النفط بالإضافة للصهاريج الناقلة للنفط الصينية من الوصول إلى الدول الخليجية والشرق الأوسط وأوروبا وإفريقيا، كما لن تضطر الصين إلى السفر لمسافة 13 ألف كيلومتر في مياه المحيط الهندي للوصول إلى ميناء شانغهاي، ومن خلال تنفيذ الخطة؛ سينخفض مسار النقل بنحو 10000 كيلومتر حيث سيُصبح حوالي 3000 كيلومتر فقط.
خلاصة القول؛ في ظل الظروف الراهنة؛ إن الصين تمتلك مصالح إضافية تُجبرها على تطوير شراكات استراتيجية مع باكستان، ولعلّ من أهم هذه المصالح أو الأسباب هي الحفاظ على مصالحها الإقليمية الاستراتيجية المتنوعة، ومن هنا تنبع أهميّة العلاقات مع باكستان.