الوقت- وجّهت العديد من الأحزاب الكردية والأطراف السياسية أصابع الإتهام نحو الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالوقوف وراء هجمات تنظيم داعش الإرهابي الأخيرة على منطقة عين العرب السورية. يأتي هذا الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مقتل 145 شخصاً على الأقل بعد عدة أشهر من طرد التنظيم الإرهابي من مدينة عين العرب على يد وحدات حماية الشعب الكردية، فاتحاً باب التساؤلات حول ظروف هذا الهجوم الذي يأتي في ظل العديد من التطورات الإقليمية لاسيّما على الصعيد الكردي.
كيفيّة الهجوم
شرحت وحدات حماية الشعب في كوباني كيف قام تنظيم داعش الإرهابي بتنفيذ الهجوم على مدينة عين العرب، موضحةً أنه "بتاريخ 25 حزيران عام 2015 في ساعات الصباح الباكر دخلت مجموعة من المرتزقة مؤلفة من 80 إلى 100 مرتزق، بهدف ارتكاب مجزرة إبادة بحق المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ في مدينة كوباني ".
وأوضحت وحدات حماية الشعب في بيان لها الاحد ان "مجموعة المرتزقة هذه جاءت إلى كوباني من منطقة صرين الواقعة جنوب كوباني عبر طرق فرعية وسرية بالسيارات، وكل مجموع على حده ومن ثم تجمعوا في منطقة خالية في مقاطعة كوباني. وهناك ارتدت مجموعة المرتزقة زي الجيش الحر ورفعوا أعلام الجيش الحر، وبهذا الشكل اجتازوا حواجز قوات الاسايش ودخلوا مركز مدينة كوباني ".
وأشار البيان إلى أنه "بحسب بعض المصادر المحلية فإن مجموعات من المرتزقة دخلت كوباني أيضاً عبر الحدود التركية، ورأى شهود بأعينهم المرتزقة وهم يدخلون من الحدود التركية إلى كوباني ".
تداعيات وأهداف
رغم نفي أردوغان للإتهامات الكردية بالوقوف وراء دعم تنظيم داعش الإرهابي في الهجوم الأخير على عين العرب، إلا أن تداعيات الهجوم أو بالأحرى التطورات السياسية بعد الهجوم والجهة المستفيدة منها أوحت بصحّة المزاعم الكردية التي أكدت إستنادها إلى الوثائق والصور.
فقد كشف وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بأن مجلس الأمن القومي التركي سيبحث في اجتماعه اليوم الاثنين، مسألة التدخل العسكري في سوريا، وذلك بعد يومين على تصريح الرئيس أردوغان بأن "أنقرة لن تسمح مطلقا بإنشاء دولة شمالي سوريا".
كلام جاويش أوغلو جاء ليؤكد ما نشرته صحيفة "ينى شفق" التركية عن مخطط عملية عسكرية للجيش التركي داخل الأراضى السورية، وأن الجيش التركي يعد مخططاته المتعلقة بإقامة منطقة حدودية آمنة شمالي سوريا بعمق 35 كم وطول 110 كم.
وتوضح الصحيفة بأن رئاسة أركان الجيش وجهاز الاستخبارات التركي سيتعاونان في وضع اللمسات الأخيرة على المخطط، الذي يتضمن دخول 18 ألف جندي من بوابتي مرشدبنار وقرقامش الحدوديتين إلى عمق ثلاثة وثلاثين كيلومتر حتى يوم الجمعة القادم .
يبدو أن الخطة التركية هدفت لإضعاف المناطق الكردية من ناحية، وإختلاق ذريعة "إنسانية" أمام المجتمع الدولي للتدخل العسكري في سوريا من ناحية أخرى، ولكن يرى البعض أنه من الصعب أن تدخل تركيا في سوريا عسكريا، والوقوف في وجه الأكراد بشكل مباشر وعلني بسبب الخريطة السياسية المعقدة للداخل التركي، فما هي الخطة المقبلة اذاً؟
تدرك تركيا أن تكلفة الدخول العسكري للأراضي السورية باهظة الثمن، ولا نستبعد أن تشن أنقرة هجوماً مباغتاً على الأراضي السورية لتعبيد الطريق أمام دخول الجماعات المسلحة إلى "مناطق آمنة"، ومن ثم تعود أدراجها لحضور "الوكيل".
الجماعات المسلحة والمدعومة تركيا وسعوديا وأمريكيا، ستقوم بمحاربة الدولة السورية من ناحية، وإستهداف الأكراد لمنعهم من تشكيل أي إقليم مستقل على الحدود التركية من ناحية أخرى، وبالتالي تنفيذ مخططات أردوغان تجاه أكراد سوريا.
ويأتي المشروع التركي الحالي، بعد خشية أردوغان من التطورات الحاصلة على الصعيد الكردي، بدءاً من مشروع التقسيم في العراق، مروراً بالإنتصارات التي تحققها قوات وحدات الحماية على حدودها، وصولاً إلى صعود الأحزاب السياسية الكردية في تركيا.
في الخلاصة، وعلى الرغم من مزاعم تركيا بأنها لا تدعم تنظيم داعش الإرهابي، إلا أن التطورات الميدانية الاخيرة في شمال سوريا وتداعياتها تكشف أنها لا زالت تواصل دعمها لهذه التنظيمات التي منيت بهزائم متعددة على يد وحدات حماية الشعب الكردية في المناطق القريبة من الحدود التركية.