الوقت- تصادف اليوم ذكرى انطلاقة الثورة في البحرين، ثورة قام بها شعب محروم من أقل حقوقه التي يضمنها له القانون الدولي، ورغم القيام لم يسمع النظام أصوات المطالبين ومارس معهم كل أساليب القمع والتعسّف، إلا أن الثورة لا تزال مستمرة، رغم مرور سبع سنوات. للوقوف عند أوضاع الثورة البحرينية، ومعرفة ما آلت إليه الأمور بعد هذه المدة، أجرى موقع الوقت الإخباري مقابلة مع الناشط الحقوقي الدكتور إبراهيم الدمستاني، جاء في تفاصيلها:
الوقت: بعد 7 سنوات من انطلاق الثورة، هل تزال الأصوات مرتفعة في البحرين؟
الدكتور الدمستاني: "لا زالت الأصوات مرتفعة، والدليل على ذلك هو الحراك الذي دعى إليه إئتلاف 14 فبراير وأيضا استجابت لها بقية القوى، وأيضا من خلال ما تصرّح به المعارضة الرسمية سواءا المتمثلة بالجمعيات أو بخط الممانعة، الكل يتّجه نحو الإستمرار ومواصلة الحراك ودعوة الناس إلى الصبر والصمود حتى تحقيق المطالب المشروعة، التي دعت إليها مجاميع إئتلاف 14 فبراير أو التيارات الموجودة في الدوار. فالحراك لا زال مستمرا وهذا الحراك بناءا على عدم الثقة بالنظام بعد أن نكث العهود بالميثاق، وما يسمى بالمشروع الإصلاحي، بعد كل ذلك بات الناس على قناعة أن لا ثقة في العمل مع هذا النظام، ولذلك لا عودة إلى الوراء لأن في العودة ستكون الإنتهاكات أكبر."
وأردف قائلا: " سنواصل الطريق على أمل أن يستيقظ المجتمع الدولي، خصوصا تلك الدول التي تدعم هذا النظام، علّها تتوقف عن الدعم، خصوصا التي توفر الأسلحة وسبل المواجهة مع المدنيين العزل. هذه الدول لا بد أن تتوقف، وإن حراكنا الحقوقي أيضا على المستوى الدولي يتّجه في هذا الإتجاه، ويبقى المنحى السياسي متروكا للتيارات السياسية، لاتخاذ خطوات مماثلة، ولكننا الآن نريد أن نشعر الناس أن هناك حراكا مستمرا على المستوى الدولي، على مستوى المنظمات والبرلمانات أيضا، ففي الأول من أمس في بريطانيا، وأمس كان هناك في الكونغرس الأمريكي ندوة موجودة، وفي البرلمان الإيرلندي تم توجيه سؤال برلماني، واليوم حصلنا على جواب داعم ومساند للناس ولم يثق بتحسين الحالة الحقوقية في البحرين. الناس مستمرون في خطواتهم."
الوقت: الشعب مستمرّ بالسلمية والنظام يقمع، ما تبعات بقاء آل خليفة على هذا المنوال؟
الدكتور الدمستاني: "هذه الغطرسة والعنجهية في مواجهة الناس الأبرياء العزل بالسلاح ومواصلة هذا القمع ستكون له مردودات سلبية. عندنا قناعة أن الله سبحانه وتعالى لن يترك هؤلاء الجرحى والشهداء والضحايا بسبب مطالبتهم بحقوق مشروعة. تبعات هذا الأمر ستكون على المستوى الدولي، الذي نتمنى أن يكون له دور، وأيضا سوف يزيد من الغيظ والمواصلة، فالأجيال التي ولدت قبل سبع سنوات والتي عاشت في هذه الظروف، ماذا نتوقع منها بعد عشر سنوات، عندما يكون عمر الشاب 17 عاما أو 20 عاما وهويعيش في هذه الحالة من القمع، هل نتوقع أن تكون لديه محبة لهذا النظام! من الطبيعي سوف تكون تبعات ونتائج ذلك في المستقبل إيجابية وضد النظام لأن موضوع مواجهة الحراك السلمي بهذا السلاح سوف تكون له مردودات سلبية على النظام كما حدثت لكثير من الانظمة القمعية في العراق أو ليبيا أو بقية الدول التي استخدمت نفس الاسلوب."
الوقت: كيف ترون مستقبل الثورة في ظل تعسّف آل خليفة؟ ما هي آفاقها برأيكم؟
الدكتور الدمستاني: "لحد الآن لا يوجد أفق واضح ، لا توجد معالم، وذلك لعدم وجود مشروع سياسي لدى النظام ولا حتى المعارضة، فحتى المعارضة لا تملك مشروعا جديّا."
وتابع: "نتعامل اليوم مع سلطة فاقدة للحكمة، وصلت إلى حالة الهستيريا والجنون بحيث تواجه النساء والأطفال بالقمع. بالتالي إن نظاما بهذا المستوى لا تستطيع أن تفسّر تصرّفاته وتحرّكاته وبالتالي نجد أن هناك دعوات أطلقها العلماء إلى مبادرة ومصالحة وإعادة ترميم، ولكن لم يكن هناك أي تجاوب من قبل النظام، هذه دعوات وتمنيات من قبل العلماء ولكن لا يوجد مشروع جدي متحرّك عليه دوليا، كما في قضية سوريا مثلا، حيث نجدها تناقش في الأمم المتحدة وجنيف، ما المانع أن تناقش قضية البحرين على مستوى الأمم المتحدة كشعب يطالب بحقوق مشروعة ولديه مطالب أقرّتها مواثيق الأمم المتحدة وهي تقرير المصير، لماذا لم يناقش، ولماذا لم يستخدم هذا الشعب أي من أساليب القمع والمواجهة سوى الحصى لمواجهة الشرطة باسلحتهم وعتادهم، لم نجد من يحرك ساكنا تجاه الموضوع، بالتالي لا يوجد أية ملامح إلى مشروع معين، لكن علينا أن نقوم بالتكليف وعدم الرضوخ لهذه الأنظمة الديكتاتورية، لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسّكم النار فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون. هذا هو النهج الذين يسير عليه أبناء الشعب."
وحول الصمت العربي والدولي قال الدكتور الدمستاني: "الصمت العربي والعالمي يؤكد وجود خلل في موازين العدالة، ويظهر أن المجتمع الدولي بما فيه الأمم المتحدة يكيل بمكيالين، نحن لا نتحدث عن الجانب الحقوقي، لأن هذا الجانب فعال بسبب التقارير والمظاهرات والنشاط الحقوقي، وبالتالي لا تستطيع هذه الدول في مجلس حقوق الإنسان أن تنكر وجود انتهاكات في البحرين، لكن عند الحديث عن المشروع السياسي وعن دعم هذه الأنظمة بالعتاد، نجد أن الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية في دعم مستمر ولا زالوا يوفرون العتاد رغم الإنتقادات. فهناك انتقادات وأسئلة وجهت في الكونغرس الأمريكي من قبل بعض السيناتورات المناصرين لقضية البحرين."
وأضاف: هذا الصمت يعبر عن حالة ازدواجية في المعايير، فحتى الجانب الإنساني قد انسلخوا منه في اليمن، فنجد ان اليمن وبهذه الأطفال وبهذا الكمّ الهائل من الإنتهاكات لم يحرّك جفنا للمجتمع الدولي وبالتالي لا يمكن التعويل على المجتمع الدولي، نحن اليوم نعول على من هم في الداخل.
وختم الدكتور الدمستاني: "لدينا أكثر من 4000 سجين، وهم أساس الحراك، بعد خروجهم عبر تسوية معيّنة، برأيك هل تعتقد بانهم سيقبلون بـأي حلول ترقيعية! إذا لم تكن تلامس الجذور التي هي أساس مطالب الشعب في العدالة والمساواة وحق انتخاب الحكومة ورئيس الوزراء، ورفض التمييز والطائفية والتغيير الديمغرافي والتجنيس السياسي، كل هذه ملفات لا زال النظام يصر عليها، فكيف سوف يقبلون بالإفراج عنهم فقط."