وتتضمن الوثائق المسرّبة بحسب موقع ويكيليكس أعدادا كبيرة من الإتصالات السرية مع سفارات السعودية حول العالم، وبعض التسريبات عبارة عن تقارير مصنفة "سري للغاية" من مؤسسات سعودية بينها وزارة الداخلية والاستخبارات العامة.
جوليان أسانج، ناشر ويكيليكس، قال إن برقيات السعودية تميط اللثام عن "نظام دكتاتوري" لم يحتفل فقط بقطع راس 100 شخص هذا العام، بل أيضا أصبح يشكل تهديدا لنفسه وجيرانه، على حد وصف أسانج.
ويقول موقع ويكيليكس بأن "الوثائق التي بدأ بنشرها تبين أيضا البيروقراطية والمركزية الشديدة التي كانت تدار بها المملكة العربية السعودية".
وأضاف بيان صحفي نشره الموقع أنه "بصرف النظر عن سجل المملكة الشائن في مجال حقوق الإنسان، لا تزال المملكة الحليف الأول للولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية المتحدة في الشرق الأوسط، ويعود ذلك إلى امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم".
وذكر "ويكيليكس" تحت عنوان "موقع ويكيليكس ينشر الوثائق السعودية" بأن السعودية أصبحت أكبر مستورد للاسلحة في العالم، متفوقة على الصين والهند وبلدان اوروبا الغربية مجتمعة، مشيرا إلى أن السعودية لعبت دورا رئيسيا في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" ومجلس التعاون.
السيطرة على الإعلام العربي
كشفت العديد من وثائق ويكليكس عن سعي السعودية لاستمالة وسائل إعلام عربية مصرية ولبنانية لخدمة سياساتها في المنطقة. وفي إحدى الوثائق المسربة، والصادرة عن وزارة الخارجية السعودية، وتعود لعام ٢٠١٢، اجتمعت لجنة من وزارات الخارجية، والمالية، والثقافة والإعلام، لمناقشة تعثر قناة "MTV" اللبنانية ودراسة دعمها ماليا. وخلص الاجتماع بحسب الوثيقة إلى الموافقة على دعم القناة بمبلغ خمسة ملايين دولار أمريكي على أن يكون الدعم "مصحوبا بخطة عمل تمكن القناة من خدمة قضايا المملكة، ومؤازرة قضاياها في مواجهة الإعلام المعادي للمملكة في لبنان وغيره".
وفي لبنان أيضا، كشفت صحيفة الأخبار أن نقيب الصحافة اللبنانية الحالي، عوني الكعكي، رئيس تحرير جريدة "الشرق" أرسل برقية للخارجية السعودية يطلب المال، لمواجهة "المشروع الإيراني في المنطقة لكون إيران تمد حزب الله اللبناني بمليار دولار سنويا".
وبحسب الصحيفة أيضا، فالإعلامية اللبنانية مي شدياق، "لم تتردد بالطلب من إحدى ممالك قمع الإعلام وجلد الصحافيين بتمويل... معهدها الإعلامي".
وزعمت الصحيفة أن السفير السعودي في بيروت تكفّل بإرسال نبذة تعرّف عن مي "بدأها، بانتمائها الديني، منتقلاً إلى محاولة اغتيالها وخبراتها الإعلامية ومتوقفا عند إطلاقها مواقف سياسية ضد سوريا والمعارضة اللبنانية من خلال برنامجها التلفزيوني، وقربها سياسيا من تحالف ١٤ آذار الذي تدعمه المملكة".
وعلى الجانب المصري، أشارت وثيقة مسربة أخرى، موجهة من وزارة الخارجية السعودية إلى السفير السعودي في مصر، إلى طلب الخارجية استمالة القناة إلى جانب السعودية.
وجاء في الوثيقة التي جاءت ردا على برقية للسفير السعودي تحدث فيها عن استضافة قناة "أون تي في" للمعارض السعودي المعروف سعد الفقيه، وعن طلب مالك القناة "نجيب ساويرس" استضافة السفير السعودي.
تقرير إيران الإعلامي
خصصت السفارة السعودية في إيران قراءة يومية لما يأتي في الإعلام الإيراني عن السعودية ومصر، ومن هذه القراءات ما جاء أن السعودية تقف إلى جانب الرئيس حسني مبارك خلال ثورة يناير لعدم إسقاط حليف قوي في وجه إيران، وفي تقرير آخر قال مدير مركز دراسات يافا إن واشنطن والرياض تسعيان للاستحواذ على ثورة مصر عبر “الوهابية”.
جعجع مفلس
ونشرت ويكليكس برقية ايضًا أرسلها السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري إلى وزارة خارجية بلاده يوم 23/4/1433 هجري (17/3/2012 ميلادي)، كتب السفير أنه استقبل «السيد إيلي أبو عاصي، موفداً من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية، وتحدث عن صعوبة الأوضاع المالية التي يعيشها حزبهم وصلت إلى حد باتوا فيه عاجزين عن تأمين رواتب العاملين في الحزب، وتكاد تصل بهم الأمور إلى العجز عن الوفاء بتكاليف حماية رئيس الحزب سمير جعجع، ولاسيما في ظروف المواجهة التي يعيشونها من جراء مواقف بعض الزعامات المسيحية، كالجنرال ميشال عون والبطريريك الماروني، المتعاطفة مع النظام السوري.
وتابعت ويكليكس «أشار إلى أنه وصل بهم الأمر إلى حد أن سمير جعجع جاهز للسفر إلى المملكة لعرض وضعهم المالي المتدهور على القيادة في المملكة».
وبعد هذا التقديم، يبدأ العسيري بالتحدّث عن محاسن القوات اللبنانية، كونها «بقيادة سمير جعجع القوة الحقيقية التي يعول عليها لردع حزب الله ومَن وراءه في لبنان»، ثم يوصي العسيري رؤساءه «بتقديم مساعدة مالية» لجعجع، «تفي بمتطلباته، ولاسيما في ضوء مواقف جعجع الموالية للمملكة والمدافعة عن توجهاتها».
ويختم العسيري تقريره عن لقاء أبي عاصي بالقول: «إن جعجع هو الاقرب إلى المملكة بين الزعامات المسيحية وله موقف ثابت ضد النظام السوري، وفوق ذلك فهو يبدي استعداده للقيام بما تطلبه منه المملكة».
في الخلاصة، توضح وثائق ويكيليكس أن السلطات السعودية قائمة بقوة الحديد والنار والمال. وأنها سلطة تريد كمّ الأفواه حيث أمكن، لا تقف عند حدود جغرافية ولا عند خصوصيات دول أو شعوب، ولا تهتم لثقافات أو تنوع.