الوقت- على وقع المستجدّات القائمة في محافظة كركوك، وفي ظل تسارع الأحداث والخطوات على الأرض، أجرى موقع الوقت الإخباري مقابلة مع رئيس مؤسسة الإنقاذ التركمانية في العراق، الدكتور علي البياتي، للوقوف عند آخر التطورات ومعرفة أبعاد وتبعات الاحداث الجارية، إليكم ما جاء فيها:
الوقت: منذ الصباح انتشرت أخبار متضاربة حول الأوضاع في مدينة كركوك، فما هي آخر التطوّرات في كركوك؟
الدكتور البياتي: السلام عليكم، وشكراً لموقع الوقت. قبل يومين بدأت بعض التوتّرات الأمنيّة في قضاء طوزخوماتو الذي يبعد 180 كلم شمال العاصمة بغداد. كان هناك هجوم لعناصر كرديّة خارجة عن القانون على بعض مقرّات الحشد والحسينيات ومنازل المواطنين في غرب المدينة، وقد أسفر الهجوم عن سقوط شهداء وخطف مواطن واصابة عضو البرلمان ثم هدأت الأوضاع. يوم أمس، في ساعات اليل المتأخّرة بدأت العمليات في كروك بتوجّه فرق عسكرية تابعة للجيش العراقي والشرطة الاتحاديّة وبعض وحدات الحشد الشعبي، توجّهت من جنوب غرب كركوك إلى شمال المحافظة للسيطرة حسب توجيهات القائد العام للقوات المسلّحة على مطار كركوك العسكري وحقول نفطية هي باي حسن، بابا كركر والدبس.
طبعاًن كان هناك نوع من التنسيق مع بعض القوى العسكرية التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني، والذي سهّل العمل نوعاً ما، بترك مواقع هذه القوّات الموجودة للقوات العسكريّة العراقيّة، لذا لم نشهد في هذه المناطق مواجهات عسكريّة مكثّفة، وحسب المعلومات التي توفّرت لدينا انه سقط في صباح هذا اليوم شهداء معظمهم من المدنيين، وعشرة جرحى في محافظة كركوك. أما في مدينة طوزخورماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين كان هناك قصف مكثّف من المدفعيّة الثقيلة التي كان يتحكّم بها عناصر خارجة عن القانون، من ضمنهم عناصر تابعة لحزب العمال الكردستاني، وكذلك ضرب المدينة بقذائف الهاون، وحسب المعلومات التي توفّرت لدينا صباح اليوم أن المدينة القديمة تعرّضت إلى ما يقارب مئتان وخمسون قذيفة هاون، بالإضافة إلى المدفعيّة الثقيلة التي ضربت المدينة منذ صباح اليوم. الأعداد الرسميّة التي توفّرت لدينا هو سقوط 6 شهداء بينهم طفل في الثامنة من عمره و 63 جريحاً في مدينة طوزخورماتو. قبل ساعة تقريباً، أكّدت أغلب مصادرنا أن المنطقة تم السيطرة عليها تماماً من قبل القوات العسكرية والأمنيّة الرسميّة العراقيّة، وتمّ طرد أغلب العصابات الخارجة عن القانون. وأمّا بالنسبة للطريق المؤدي من طوزخورماتو إلى كركوك هناك عمليات للسيطرة عليه وطرد أي عناصر خارجة عن القانون موجودة في هذه المناطق.
الوقت: ما هي المناطق التي نجح الجيش العراقي قي استعادة السيطرة عليها ونشر قواته فيها؟
الدكتور البياتي: المناطق التي قامت القوّت العراقيّة بالسيطرة عليها هي حقول النفط باي حسن، بابا كركر والدبس، ومنطقة كيوان التي تقع فيها شركة النفط العراقيّة، بالإضافة إلى مطار كركوك العسكري الذي يعدّ موقع استراتيجي مهم طبعاً، بالإضافة إلى دائرة الري في كركوك التي تقع شمال غرب المدينة، فقد تمّ تطويق المدينة بالكامل من قبل القوات العراقية. هناك أيضاً توجه لإعطاء الملف الأمني داخل المدينة إلى الشرطة المحليّة تدار من قبل وزارة الداخليّة العراقية. الخوف طبعاً من عمليات تخريب من العناصر الخارجة عن القانون، وبالذات من عناصر حزب العمال الكردستاني (pkk) الذين تكثّفت تحرّكاتهم داخل كركوك في الفترة الأخيرة حيث شهدت مدينة كركوك قبل يومين تظاهرات من قبل هذه العناصر، وكذلك رغبة بعض الأطراف السياسيّة في خلق فوضى داخل المدينة وتعريض حياة المدنيين إلى الخطر.
الوقت: هل هناك معلومات عم الجهة التي استقدمت قوات حزب العمال الكردستاني إلى داخل مدينة كركوك؟
الدكتور البياتي: بصراحة، وجود قوات العمال الكردستاني ليس حديثاً، اعتقد منذ العام 2011 حسب الاتفاقيّة التي وقّعت أنذاك بين الحكومة التركيّة حزب العمال الكردستاني بترك الأراضي التركيّة، توجّه الآلاف من هذه العناصر إلى داخل العراق. بعد حصول التوتّرات في هذه المناطق وبالذات في منطقة سنجار وسقوط مدينة سنجار تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، ومطالبة الأيزيديين بإغاثة أي جهة، توجّه عناصر العمال الكردستاني بحجة إغاثة الأيزيديين وسيطروا على جبل سنجار، وفي نفس التوقيت توجّه الألاف من عناصر هذه المنظمة إلى مدينة طوزخورماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين، وبالتأكيد هناك تنسيق جرى من خلال الحزب الديمقراطي الكردستاني وبعض أطراف الاتحاد الوطني الكردستاني، لأنّه ليس من السهل أن تدخل منظمة إرهابيّة، وفق التصنيف الدولي، إلى داخل المناطق السكنيّة إن لم يكن هناك تنسيق عال المستوى، وكانت هذه المنظمة الإرهابية موجود في أحداث طوزخورماتو في تشرين الثاني 2015 وأذار 2016، وقد أعلنت حينها عن تواجدها بشكل رسمي في هذه المناطق، وقبل أيّام أعلن نائب رئيس المنظّمة أنّه في حال تعرّضت البشمركة لأيّ إطلاق نار من الجانب العراقي، فسيقومون في تفجيرات في داخل العاصمة بغداد. هم لا ينكرون وجودهم، هم موجودون بشكل فعلي، والخوف الأكبر قيام هذه العناصر بأعمال تخريبية في هذه المناطق من خلال الفوضى.
الوقت: بعض وسائل الإعلام الكرديّة التابعة لمسعود برزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني تزعم وتدّعي وجود احتجاجات من قبل السكّان والمواطنين داخل مدينة كركوك تجاه عمليات القوات العراقيّة في هذه المحافظة، نظراً لأنكم من رموز القوميّة التركمانيّة في هذه المحافظة، ما هو موقف الأقليات تجاه العمليات العراقيّة داخل كركوك؟
الدكتور البياتي: بشكل عام، القوميّة التركمانية بالذات، تعرّض خلال الأربعة عشر سنة الماضيّة إلى عمليات قتل واستهداف من قبل الإرهابيين والمجاميع المتفرّقة بالسيارات المفخّخة، وكذلك عمليات الخطف والابتزاز والسرقة والاعتداء. فقط في مدينة طوزخورماتو سقط 4000 شهيد من مدنيي القوميّة التركمانيّة، بالإضافة إلى وجود ألاف الجرحى والأيتام والأرامل. لا يوجد بيت في هذه المدينة لا يوجد فيه شهيد أو جريح أو أرملة أويتيم. لذا، فشل الجانب الكردي في الملف الأمني الذي تمسّك به بشكل كبير، بل أكثر من ذلك كان هناك استهانة بأرواح المدنيين، لذلك حسب الدستور العراقي وحسب صلاحيات القائد العام للقوات المسلحّة والتفويض الذي أعطي للقائد العام للقوات الأمنيّة ببسط الأمن في هذه المناطق، اعتقد لا يوجد حلّ لتوفير الأمن والاستقرار في هذه المناطق إلا من خلال قوّة اتحادّية تدار من قبل المركز. نحن نعرف أن محافظ كركوك كان لحدّ الأمس لا يعترف بالبرلمان ولا بالحكومة، فكيف تُدار محافظة مهمّة مثل كركوك من قبل شخص يرى نفسه القائد الأعلى والرئيس الأعلى ولا يعترف بأي جهة تشرف عليه أو تراقب عمله. الاحتجاجات بلبلة إعلاميّة، أهل كركوك بتركمانهم وعربهم وكردهم كانوا بأمس الحاجة إلى وجود القوّات العراقيّة، اليوم نحتاج فقط إلى حوار هادئ من السياسيين لجميع الجهات من أجل دعم السلم الأهلي والتعايش السلمي والدعوة إلى الإطار الوطني الذي نصّ عليه الدستور العراقي وحلّ جميع الخلفات الموجودة حسب القانون والدستور العراقي، وتوزيع الثروات بإدارة المركز على الجميع.
الوقت: برأيكم، ما هي الأفاق المنظورة لمحافظة كركوك؟
الدكتور البياتي: كانت هناك مطالبات أو دعوات متفق عليها من أغلب الجهات بان تكون هناك خصوصيّة لهذه المحافظة. وحسب الدستور العراقي الذي نصّ بإمكانيّة تشكيل إقليم في أيّ بقعة بوجود توافق شعبي وسياسي، نعتقد ان أفضل حلّ لمحافظة كروك كي تستقر هو أن يكون هناك إقليماً خاصّاً له إدارة مشتركة من قبل الأطراف الموجودة في المحافظة، ويكون جزء من دولة العراق ويكون البرلمان العراقي هو المشرف على إدارة هذه المناطق بالشراكة والتنسيق مع الحكومة العراقيّة.