الوقت- تمكن ثلاثة شبان فلسطينيين ومن خلال تنفيذهم عمليات استشهادية في باحات المسجد الأقصى وقتل شرطيين إسرائيليين من إعادة الاهتمام بقضية الأمة الأولى فلسطين والقدس.
بعد هذه العمليات ولأول مرة قام كيان العدو بإغلاق المنافذ المؤدية للمسجد لأيام في سابقة تاريخية لم يتجرأ عليها من قبل. ولكن ورضوخا عند حجم الاحتجاجات الشعبية تم نصب بوابات إلكترونية بداية الأمر ليتم جمعها بعد حوالي الأسبوعين تحت الضغط أيضا ولتعود أبواب الأقصى مشرّعة أمام عشاقه من الفلسطينيين. عشاق استشهد منهم 15 شخصا خلال المواجهات التي استمرت من 14 تموز يوليو حتى 28 منه وجُرح ما يزيد عن 1400 آخرين.
نتانياهو رغم الأزمات السياسية الداخلية التي تعيشها حكومته تمكن من تثبيت حكمه منذ العام 2009 إلى اليوم والبقاء على رأس الحكومة من خلال سياسة التطرف والتأزيم التي انتهجها مع الفلسطينيين. الأزمة الأخيرة كانت نقطة تحول بالنسبة لحكومة نتانياهو حيث أنتجت ستة مخرجات مهمة كانت غائبة في السابق وقد تحدثت عن بعضها الصحافة والإعلام الإسرائيلي نفسه.
1-استفاد نتانياهو من حادثة العمليات الاستشهادية ليشدد الجو الأمني الحاكم في الداخل الإسرائيلي، بهدف تثبيت سلطته التي تتعرض لضغوط داخلية كبيرة. طبعا هذه الاستفادة قد تتحول لتهديد جدي بالنسبة لنتانياهو في حال لم يتمكن من الاستمرار في إدارة الأزمة بالشكل الصحيح. طبعا هو يستفيد من الدعم الأمريكي الذي يتمتع به من قبل دونالد ترامب في سوق الأوضاع باتجاه التأزيم.
2- ظهور العلاقات الخفية الجديدة القديمة بين بعض الأنظمة العربية مع الكيان، وهذا ما أشارت إليه صحيفة هآرتس التي اعتبرت الحدث في مسجد الأقصى يؤكد المرحلة المتقدمة من عمق العلاقات التي وصلت إليها الاتصالات السرية بين إسرائيل وبعض الدول العربية والإسلامية. وهذه الدول طلبت بشكل واضح من أبواقها الإعلامية كي لا تغطي أحداث الأقصى بالشكل اللازم. وقد انعكس هذا الأمر بوضوح على كثير من الإعلام العربي.
3- أثبتت الأحداث الأخيرة عجز حكومة العدو أمام القوى الفلسطينية وحتى اليهودية المتطرفة. وبذلك فإن نظرية الدولتين التي ينظر لها البعد على قاعدة تقاسم القدس مع سيطرة إسرائيلية سقطت بالضربة القاضية ولم يعد بالإمكان التعويل عليها. هذا الأمر أشار إليه موقع الميناتور الذي اعتبر الأحداث الأخيرة خطيرة وتؤكد عدم قدرة "إسرائيل" على السيطرة على القدس الغربية في حال نقل العاصمة إليها.
4- أكدت الأحداث الأخيرة على أن القدس والمسجد الأقصى لا يزالان موضع توجه المسلمين من كافة أنحاء العالم، وهذا الأمر كان واضحا من أعداد المشاركين في تظاهرات الغضب نصرة للأقصى في كافة مدن العالم الإسلامي. مما يؤكد أن هذه القضية لا زالت حية ويمكن أن تكون محور الوحدة بين المسلمين.
5- سعت بعض الدول العربية لإيهام شعوبها والرأي العام العربي والإسلامي بأن مساعيها هي التي أنتجت الحل للأزمة، هذا الأمر غير صحيح جملة وتفصيلا. ففيما يخص الأردن أكدت الصحف الإسرائيلية أن صفقة حصلت بين الجانبين تقضي بإنهاء ملاحقة الحارس الإسرائيلي الذي قتل مواطنين أردنيين في محيط سفارة الكيان في عمان في مقابل جمع البوابات الإلكترونية من محيط الأقصى. طبعا الحقيقة أن حكومة نتانياهو كانت بحاجة لمخرج من المأزق الذي وقعت فيه فأمنت له عمان ذلك المخرج. هذا الأمر أكدته أيضا مصادر أردنية فحسب هذه المصادر هدف الأردن كان الاستفادة الإعلامية من هذه الخطوة وإطفاء نار الغضب الشعبي الأردني من حادثة مقتل المواطنين الأردنيين على أيدي حارس السفارة الإسرائيلية. طبعا دول أخرى ادعى وزراء خارجيتها أن جهود ملوكهم هي التي أثمرت إنهاء الأزمة ولكنه يبقى كلام إعلامي فارغ لا قيمة حقيقية له.
6- حالة الصحوة والتأهب الفلسطيني التي أنتجتها الأزمة الأخيرة جاءت منقطعة النظير وقد تكون أهم مخرجات ما حصل، وهذا أمر مطلوب خاصة أن حكومة العدو وبعد جمع كل البوابات الإلكترونية تقصد تركيب كاميرات متطورة عند مدخل الأقصى لضبط الحركة وتسجيل حركة الدخول والتردد إلى هناك. ولذلك لا بد من البقاء على يقظة اتجاه أي خطوة إسرائيلية تمهد لشيئ أكبر في المستقبل.
إنها شجاعة وصلابة الفسطينيين وحدها هي التي أخضعت الكيان الإسرائيلي وحكومة نتانياهو، ويبقى الأمل والرهان على استمرار هذه الحالة من الوعي والشجاعة التي ستحرر القدس وكل فلسطين من البحر إلى النهر.