الوقت - نشر موقع مركز كارنيغي للشرق الأوسط مقالا بقلم الباحث "ريتشارد سوكولسكي" تحت عنوان "أزمة قطر: هل سيتمكن تيلرسون من حلها؟" مقال يتحدث عن التحديات التي تواجه تيلرسون في زيارته للمنطقة في محاولة للتوسط لحل الأزمة الخليجية القائمة بين السعودية وحلفائها في مواجهة قطر.
يقول سوكولسكي إن جميع الأطراف هم حلفاء لأمريكا، وهذه الدول في حال تنافس للامساك بقيادة المنطقة، وحظوظ تيلرسون قليلة من أجل الوصول إلى اتفاق مؤقت بين قطر وهذه الدول التي أصدرت لائحة بـ13 مطلبا من أجل إعادة العلاقات مع قطر، هذه اللائحة تتضمن وقف دعم جماعة الإخوان، إيقاف الجزيرة عن العمل، خفض مستوى العلاقات مع إيران، وإنهاء الوجود العسكري التركي على الأراضي القطرية.
هذه الشروط تضع تيلرسون في مواجهة لائحة مطالب صعبة وتقلل فرص تيلرسون في الوصول إلى حل، ويضيف الكاتب هناك 5 أسئلة على تيلرسون الإجابة عليها لمعرفة مقدار الأمل في تحقيق نتائج مرضية.
السؤال الأول: هل يدعم ترامب تيلرسون؟
يقول الكاتب: في حال كان الجواب منفياً فلا يجب على تيلرسون القيام بهذا السفر من الأصل، ويضيف ليس واضحا الجواب الحقيقي على هذا السؤال، فتيلرسون أراد القيام بوساطة حقيقية وعادلة منذ البداية أما ترامب فقد اتخذ بعض المواقف التي تؤكد تأثره وانحيازه إلى جانب السعودية وسلمان وابنه.
على الأقل كان يجب على ترامب أن يرسل مؤشرات للسعودية وقطر والإمارات تؤكد أنه يدعم توجه تيلرسون، وهذا الأمر لم يحصل، وفي حال شعرت السعودية أن ترامب لا يدعم وزير خارجيته فإنهم لن يتعاونوا في حل الأزمة.
السؤال الثاني: هل هذا هو الوقت المناسب؟
ليس من المؤكد أن طرفي النزاع يريدا الحل، فالكويت سعت أكثر من مرة ولم تنجح.
يقول سوكولسكي: المفاوضات بحاجة لظروف مؤاتية حتى تصل لنتيجة، وعندما يكون طرفا الأزمة لم يصلا لمرحلة الإحساس بضرورة الحل فلن يستعجلا عليه وحتى لو أسمعوا تيلرسون كلاما مبشرا. بل كل ما سيحصل هو أن تيلرسون سيطول بقاؤه في المنطقة ويعود خالي الوفاض في النهاية.
السؤال الثالث: هل يمتلك تيلرسون أوراق ضغط؟
على الأرجح ليس هناك الكثير. "بوب كروكر" رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس السنا أعلن أنه قبل حل الأزمة بين الأطراف الخليجية ليس مستعدا للخوض في بيع أسلحة للشركاء العرب في الخليج الفارسي.
كما أنه يبدو أن حكومة ترامب لا تريد الضغط على كلا الطرفين، فقاعدة العديد الأمريكية في قطر استراتيجية ومهمة جدا للعمليات العسكرية الأمريكية. ومن جهة أخرى يبدو أن ترامب مبهوت بالعلاقة مع السعودية ولا يريد تأزيمها. وهذا الأمر يضع تيلرسون أمام صعوبات ومفاوضات طويلة.
ولي العهد السعودي العجول أيضا لديه برامجه الخاصة للضغط على قطر، ولن يرضى بهذه السهولة بحل الأزمة. كل هذه الأمور تصعب على تيلرسون استخدام التهديد وسيكتفي بالترغيب.
السؤال الرابع: هل أمريكا جاهزة لتقبل مسؤولية هذا الاتفاق؟
أي تفاوض يفضي إلى اتفاق بحاجة إلى مرحلة طويلة من المراقبة والضغط. والدول الخليجية لديها باع طويل مع نقض الاتفاقات.
حصلت أزمة مشابهة عام 2014م مع قطر ويمكن القول إن كل الدول الخليجية سحبت سفراءها من الدوحة في حينها، ورغم الوساطات وحل الأزمة إلا أن الدول الخليجية لم تعد سفراءها إلا بعد 9 أشهر من الأزمة.
السؤال الخامس: هل يستطيع تيلرسون إيجاد اتفاق بين الطرفين؟
من الممكن أن يصل لاتفاق ناقص ومؤقت، فالمواجهة السعودية القطرية قديمة وتعكس حقيقتين.
الأولى، السعودية تريد أن تكون القوة المسيطرة في الخليج الفارسي ومجلس التعاون، وتريد التحكم بعلاقات قطر وسلبها حرية القرار ومنعها من إقامة علاقات جيدة مع إيران والإخوان المسلمين الذين تعتبرهم مصر والإمارات والسعودية من أهم الأخطار التي تهددها في المنطقة.
والحقيقة الثانية هي أن قطر حاسمة في موقفها لجهة الحفاظ على هويتها التي تتلازم مع الاستقلال وحرية إقامة العلاقات مع الأطراف في المنطقة.
نعم هناك بعض المطالب السعودية التي قد يستفيد منها تيلرسون في الضغط على قطر، كمراقبة أمريكا للحركة المالية القطرية منعا لدعم الإرهاب. ولكن حتى لو تمكن تيلرسون من إقرار اتفاق ينهي الأزمة الحالية فإن هذا الاتفاق لن يحل المشكلة. فمحمد بن سلمان يريد تحويل قطر لدولة مطيعة وحتى أنه ينوي تغيير النظام لو استطاع.
إذاً كلّف تيلرسون نفسه مهمة صعبة، إذا خرج تيلرسون خاسرا من هذه المهمة أو إذا ضغط بشكل كبير على السعودية فإن ترامب والإعلام الأمريكي لن يرحموه. وفي حال تمكن من إنجاز اتفاق ما فإنه سيكون حل الأزمة بشكل مؤقت وسيكون الاتفاق موضع نقض في أي لحظة.
يختم سوكولسكي مقاله محذرا تيلرسون بأنه قد يصل في النهاية لنتيجة ما قاله المؤرخ اللبناني "كمال الصليبي" بأن القوى الكبرى تضع نفسها في خطر عندما تتدخل للوساطة بين قبائلها الصغيرة.