الوقت- شهدت منصات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الأخيرة تفاعلاً لافتًا مع منشور باللغة الإنجليزية على حساب Khamenei.ir المتخصص بنقل مواقف وخطابات القائد الأعلى في إيران سماحة السيد علي الخامنئي، حيث تجاوزت نسبة المشاهدة حتى الآن أكثر من ستة ملايين مشاهدة، وفق ما أظهرته معدلات التفاعل المتصاعدة على منصة X (تويتر سابقًا)، المنشور تضمّن جزءًا من خطاب المرشد خلال لقائه مع آلاف النساء والفتيات الإيرانيات يوم الأربعاء، والذي ركّز فيه على مكانة المرأة، دورها في الأسرة، وضرورة حفظ كرامتها وحقوقها في المجتمع.
خطاب عن المرأة.. وانتشار استثنائي بالإنجليزية
النص الذي انتشر على نطاق واسع يقول فيه القائد الأعلى في إيران سماحة السيد علي الخامنئي: "المرأة مديرة البيت وليست موظفة لدى الزوج ليحاسبها: لماذا لم تفعلي كذا؟ ولماذا لم تنظّفي؟ المرأة كالزهرة، يجب العناية بها وصونها؛ وستمنحكم من عبيرها وجمالها وخصائصها".
هذه العبارات التي تأتي ضمن رؤية ثقافية-اجتماعية لطبيعة العلاقة الأسرية، أثارت نقاشًا واسعًا بين المستخدمين الناطقين بالإنجليزية، بين من اعتبرها دعوة لاحترام المرأة وحماية خصوصيتها، ومن أعاد نشرها بوصفها رؤية مغايرة للنموذج الغربي في التعامل مع المرأة والأسرة.
وحسب بيانات التفاعل فقد وصلت المشاهدة إلى 6.8 مليون مرة خلال ساعات فقط، ما يعكس حجم الاهتمام المتزايد بخطابات القيادة الإيرانية عندما يتم تقديمها بلغة قادرة على الوصول إلى الجمهور العالمي مباشرة.
وفي المنشور ذاته، شدد سماحة السيد علي الخامنئي خلال اللقاء على ضرورة صون كرامة المرأة وحفظ أمنها واحترامها، منتقدًا ما وصفه بـ«المنطق الرأسمالي الذي يقوّض مكانة المرأة ويحطّ من قيمتها»، مستدلًا بقول النبي (ص): "المرأة ريحانة وليست بقهرمانة". الحديث تفاعل معه آلاف المستخدمين بين إعجاب ومقارنات فكرية وثقافية مع واقع المرأة في المجتمعات الغربية.
تصريحات أخرى حصدت ملايين المشاهدات سابقًا
لا يعد هذا الانتشار الأول من نوعه لمنشورات حساب القائد الأعلى بالإنكليزية، إذ سبق أن حصدت مقاطع وتصريحات تتعلق بالعدالة الاجتماعية، القضية الفلسطينية، وانتقاد السياسات الأمريكية والغربية تفاعلاً عالميًا واسعًا، وخصوصًا خلال الحرب على غزة، إذ انتشرت تصريحات تنتقد ازدواجية معايير الغرب تجاه حقوق الإنسان وتصف دعم الاحتلال الإسرائيلي بأنه «خطيئة تاريخية»، وحصدت ملايين المشاهدات وتعليقات من نشطاء وصحفيين وأكاديميين من مختلف الدول.
وفي اللقاء ذاته مع النساء، أعاد الحساب نشر فقرة أخرى لاقت اهتمامًا بارزًا وبلغت مشاهداتها نحو 3.6 ملايين مشاهدة، قال فيها: "في كثير من الدول الغربية تتقاضى النساء أجورًا أقل من الرجال في العمل نفسه… هذه ظلم صريح."
ثم أكّد على ضرورة تحقيق العدالة عبر مساواة الأجور، توفير التأمين للنساء العاملات وللنساء المعيلات لأسرهن، وضمان حقوق الأمومة والإجازات الخاصة، معتبرًا أن الاهتمام بحقوق المرأة جزء من التكليف الاجتماعي والديني للدولة والمجتمع.
البعد الدولي لخطابات قائد الثورة عبر منصات التواصل
يرى مراقبون أن نشر محتوى الخطابات مباشرة باللغة الإنجليزية أسهم في وصول الرسائل السياسية والاجتماعية الإيرانية إلى جمهور أوسع، وخصوصًا في ظل تفاعل واضح من مستخدمين في الولايات المتحدة وأوروبا ودول آسيوية، وقد أخذت النقاشات منحى مقارنة بين رؤية الجمهورية الإسلامية لدور المرأة، وبين نماذج أخرى تنتشر في الغرب، ما فتح بابًا لنقاش ثقافي يتجاوز الجغرافيا.
كما لاقى محتوى الخطاب سابقًا انتشارًا واسعًا حين تحدث القائد الأعلى حول ضرورة مقاومة الهيمنة الغربية ورفض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، إضافة إلى خطاباته المرتبطة بالهوية الإسلامية والاقتصاد المقاوم، وكلها عبارات تكررت في تحليلات وتقارير إعلامية ودوائر بحثية تتناول دور إيران في تشكيل خطاب موازٍ للغرب داخل الفضاء الرقمي.
تجاوز تفاعل المستخدمين الغرب مع خطاب القائد الأعلى الجانب الإعلامي ليعكس تحوّلًا في طبيعة انتشار الخطاب الإيراني عالميًا، إنه حضور يتأكد يومًا بعد يوم عبر الأرقام والتفاعل المباشر، ويطرح تساؤلات حول التأثير الذي يمكن أن تمارسه هذه الرسائل في النقاش العالمي حول المرأة، العدالة، والهوية الثقافية.
مع تصاعد النقاشات حول قضايا المرأة وحقوقها عبر العالم، يبدو أن رسائل طهران حين تصل بوضوح ودون وسيط إلى الجمهور الدولي قادرة على فتح حوار جديد، وربما إعادة تقديم رواية مختلفة عن الصورة النمطية المتداولة في الإعلام الغربي.
