الوقت- بعد الاعتداءات الأخيرة للكيان الصهيوني على سوريا، حذّر الرئيس الأمريكي الحكومة الصهيونية في تغريدة ردًا على هذه الهجمات من عرقلة عملية الانتقال السياسي في سوريا، وقد أثار هذا الأمر موجة من ردود الفعل السلبية من الخبراء والمحللين الناطقين بالعبرية في الأراضي المحتلة، إذ يرون أن دونالد ترامب يتجاهل مصالح الكيان الصهيوني في سوريا، ويسعى لتنفيذ خطة تتعلق بالتطورات الإقليمية، تحمل عواقب وخيمة على الكيان.
في هذا الصدد، كتب إلداد شافيت، الخبير الصهيوني في الشؤون الإقليمية، تعليقًا على تحذير ترامب ردًا على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا: تغريدة الرئيس ترامب (1 ديسمبر)، التي دعا فيها "إسرائيل" إلى توخي الحذر في سوريا، وتوقع منها "عدم إثارة الفوضى"، ليست مجرد ملاحظة جانبية، بل تُمثل مواجهة مباشرة بين رؤيته للمنطقة واحتياجات "إسرائيل" الأمنية.
يرى ترامب أن النظام الجديد في دمشق - حتى لو كان قادته مدرجين على قائمة الإرهاب الأمريكية حتى وقت قريب - يُمثل ميزة، ما دام ينأى بنفسه عن التوجهات الإيرانية، وينضم إلى المحور الأمريكي السعودي، يُمكن تقديمه على أنه "قصة نجاح" في تغيير النظام وتحقيق الاستقرار الإقليمي، ومن هنا يأتي مطلب الولايات المتحدة غير المباشر من "إسرائيل"، عدم الإضرار بإعادة الإعمار السياسي في سوريا، وعدم تعقيد تجربته (تجربة ترامب) المستمرة.
كتب خبير صهيوني حول اختلاف وجهات النظر بين قادة الكيان والولايات المتحدة بشأن القضية السورية: "أما بالنسبة لـ"إسرائيل"، فسوريا حدودٌ حية، وليست مشروعًا خياليًا، لقد أصبحت حرية العمل فيها الركيزة الأساسية لاستراتيجية الأمن، عندما يوجه البيت الأبيض رسالة "من الأفضل عدم الإزعاج"، فهذا يعني الضغط لتقليل العمليات العسكرية، بينما من وجهة نظر "إسرائيل"، لا تزال التهديدات داخل سوريا بعيدة المنال، "إسرائيل" مُجبرة على التكيف مع تجربة جيوسياسية أمريكية نتائجها غير مؤكدة."
على نطاق أوسع، يرى ترامب غرب آسيا مساحةً للصفقات بين القادة الأقوياء، وليست مسرحًا للصراعات التاريخية، يُفضل هيكلًا إقليميًا أقل صلابةً وحرية، محور واشنطن-الرياض في المركز، ومن حوله "إسرائيل" ومصر والإمارات العربية المتحدة، وإلى حد ما تركيا وسوريا الجديدة.
تنتظم غزة أيضًا في هذا الهيكل؛ من خلال عملية إعادة الإعمار والآليات متعددة الأطراف التي تتوسط فيها السعودية ومصر وتركيا وقطر، هنا، من وجهة نظر ترامب، لعبت "إسرائيل" دورها، تقديم الدعم الكامل في الحرب، والمساعدة في صياغة اتفاق لإعادة الأسرى.
واختتم حديثه قائلاً:"الخطر الذي تواجهه "إسرائيل" الآن لا يكمن في قطع العلاقات مع واشنطن، بل في الانزلاق إلى علاقة "سيد بخادم"، علاقة يقتصر فيها دور "إسرائيل" على تأكيد "الصفقة الكبرى" وتعديل قواعد سلوكها بما يتناسب مع الاحتياجات الأمريكية." الدرس المستفاد من هذه التغريدة واضحٌ جليّ، يجب على "إسرائيل" وضع خطوط حمراء واضحة لنفسها وللولايات المتحدة، وعلى رأسها الحفاظ على حرية التصرف في مواجهة التهديدات كمبدأ وجودي غير قابل للتفاوض.
