الوقت- تشهد العلاقات بين تركيا والكيان الصهيوني توترات متزايدة في ظل تسارع العمليات العسكرية للكيان في قبرص واليونان، ما يثير تساؤلات حول نيته تحويل قبرص إلى "حيفا جديدة" في قلب المتوسط، في إطار سعيه لاحتواء النفوذ التركي المتنامي في المنطقة.
في نظر الصهاينة، أصبحت أنقرة الآن إحدى القوى الفاعلة في دائرة نفوذ الكيان، والقادرة على تهديد مشروعه الإقليمي في شرق المتوسط، يُدرك الكيان الإسرائيلي أن سوريا لم تعد الساحة الوحيدة لمواجهة حكومة أردوغان وسياساتها، ولذلك قرر تعزيز تحالفه مع قبرص واليونان، مستثمرًا مليارات الدولارات في البنية التحتية الأمنية والاقتصادية في الجزء الجنوبي من الجزيرة، حيث اشترى الصهاينة آلاف العقارات وحوّلوها إلى ما يشبه قاعدة سكانية وأمنية متطورة.
في هذا السياق، نشر الكيان الإسرائيلي أنظمة دفاع جوي متطورة من طراز "باراك إم إكس" في قبرص، يصل مداها إلى 400 كيلومتر، هذه الأنظمة قادرة على اعتراض الطائرات المسيرة والطائرات المقاتلة وصواريخ كروز، ما يجعلها امتدادًا فعليًا لأنظمة الإنذار المبكر والاستخبارات التابعة للكيان في شرق البحر الأبيض المتوسط.
في الوقت نفسه، اتسع التعاون الأمني بين الكيان الإسرائيلي واليونان ليشمل أبعادًا استراتيجية بهدف تطويق تركيا من الشرق والغرب، في شمال قبرص، وجّه فوز مرشح المعارضة في الانتخابات الرئاسية، بعد هزيمة المرشح المدعوم من حزب العدالة والتنمية، ضربةً غير متوقعة لأنقرة، وسط اتهامات بالتدخل الإسرائيلي غير المباشر في الانتخابات لمصلحة المعارضة، أعادت التطورات قضية قبرص إلى بؤرة الصراع، بعد أن تحولت الجزيرة من قضية داخلية تركية يونانية إلى ساحة لتدخل استراتيجي متعدد الأطراف.
جاء ذلك في وقت تزايدت فيه الخلافات الاقتصادية. أعربت أنقرة عن استيائها من تصريحات الرئيس القبرصي حول نية بلاده إشراك شركات قبرصية في مشاريع إعادة إعمار غزة، والتي تُقدر قيمتها بـ 70 مليار دولار، واعتبرت تركيا هذه الخطوة محاولة لإضعاف نفوذها في القضية الفلسطينية، في ظل الخلافات المستمرة حول موارد الغاز ومشاريع الربط الكهربائي في البحر الأبيض المتوسط.
يعتقد الخبراء أن ما يحدث اليوم ليس سوى فصل جديد في معادلة القوة في المنطقة بعد الحرب الأخيرة بين إيران والكيان الصهيوني، وإذا استمر هذا التوجه، فمن المتوقع أن نشهد توترات أشد بين أنقرة وتل أبيب في المستقبل القريب.
تجدر الإشارة إلى أن التوتر بين الكيان الصهيوني وتركيا بعد سقوط نظام بشار الأسد على يد المقاتلين الذين تدعمهم حكومة أردوغان، بالإضافة إلى الهجمات المتواصلة لجيش الكيان الصهيوني على مناطق متفرقة من سوريا وتدمير البنية التحتية العسكرية للبلاد، أدى إلى تصعيد كبير في التوتر بين تركيا و"إسرائيل"، لدرجة أن بعض المحللين لا يعتبرون المواجهة المباشرة والتوتر بين الجانبين أمرًا مستبعدًا.
