الوقت- رون ديرمر سياسي ودبلوماسي إسرائيلي ولد في الولايات المتحدة، ويشغل حاليا منصب وزير الشؤون الاستراتيجية في الحكومة الصهيونية، وشغل منصب سفير "إسرائيل" لدى الولايات المتحدة من عام 2013 إلى عام 2021، وقد عينه نتنياهو بالفعل مستشارًا سياسيًا كبيرًا له.
ولد ديرمر ونشأ في ميامي بيتش، فلوريدا، الولايات المتحدة، وهاجرت عائلة والدته إلى الولايات المتحدة بعد وقت قصير من قيام الكيان الصهيوني، وكان والده، جاي ديرمر، محاميًا مولودًا في نيويورك وانتخب عمدة لمدينة ميامي بيتش في عام 1967 من قبل الحزب الديمقراطي، وكان عمدة هذه المدينة لفترتين، وبعد ذلك، خدم ديفيد، شقيق ديرمر، أيضًا ثلاث فترات في نفس المنصب، وهو أيضًا من الحزب الديمقراطي.
أكمل رون ديرمر دراسته الجامعية في الاقتصاد والإدارة في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا بمرتبة الشرف، وحصل على درجة البكالوريوس الأخرى في الفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة أكسفورد بإنجلترا، وأثناء دراسته في أكسفورد، شغل منصب رئيس جمعية لاشيم، التي يرأسها حاخام يهودي، وهي منظمة طلابية لتعزيز الثقافة اليهودية في الحرم الجامعي ولقد هاجر إلى "إسرائيل" في عام 1997.
سياسي غامض ورجل المهام الخاصة
ديرمر هو سياسي صهيوني يلعب دورًا مؤثرًا ومهمًا، لكنه لا يظهر علنًا، ويُعرف بأنه شخص غامض، وعلى الرغم من لعبه دورًا في قضايا مهمة مثل العلاقات الخارجية والاتفاقيات الإبراهيمية والقضايا الاقتصادية والإصلاحات القضائية، إلا أنه لا يهتم كثيرًا بإجراء المقابلات الإعلامية، والمثير في هذا الشخص أنه على الرغم من أنه يلعب دور مسؤول صهيوني رفيع المستوى، إلا أنه لا يتقن اللغة العبرية بشكل كامل، وحسب مصادر اللغة العبرية فإنه يستخدم اللغة الإنجليزية في محادثاته.
وهو الأكثر تأثيراً وربما الوحيد المؤثر في خطط بنيامين نتنياهو في مجال القضايا المتعلقة بالتطورات الإقليمية والعلاقات مع أمريكا، رون ديرمر هو سياسي محدد في الظل، وعلى الرغم من تأثيره الذي لا يمكن إنكاره في سياسات نتنياهو وبرامجه، بما في ذلك ما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، فإن أجزاء من أنشطته لا تزال مخفية ولا تتوافر معلومات مفصلة، لكن المصادر العبرية، وخاصة منذ تعيينه سفيرا للكيان الصهيوني في أمريكا، أدركت بشكل أو بآخر مكانته الخاصة في نظر نتنياهو والدور المهم والمؤثر لهذا الشخص في السياسات الخارجية.
وفي تقرير عن ديرمر، أشارت يديعوت أحرونوت إلى أمرين مهمين عنه وهما أنه: "الرجل الذي يدير علاقات [الكيان الصهيوني] مع الولايات المتحدة الأمريكية، والشخص الذي من المفترض أن يدفع اتفاق التطبيع مع السعودية"، ويرتبط بعلاقة وثيقة مع رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، ويعتبره نتنياهو شخصا موثوقا ومقربا منه، وعن مستوى الثقة بنتنياهو، يقول موقع أخبار 13 التابع للكيان الصهيوني: "نتنياهو لا يشرب الماء من دونه ويعتبره من لحمه ودمه (في إشارة إلى مستوى الثقة العالي جدا)"، وتذكر صحيفة هآرتس ديرمر في عنوان تقريرها: الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وإيران: رون ديرمر سيكون رجل المهام الخاصة.
لكن في هذه الأثناء، تمكن موقع "يسرائيل هيوم" الإلكتروني مؤخرًا من الحصول على معلومات حول أنشطة ديرمر ونشرها على الملأ، وفي تقرير عن نوعية العلاقة بين نتنياهو وديرمر بناء على المعلومات التي حصل عليها، كتب الموقع الصهيوني "إسرائيل هوم": "أول دليل على التقارب بين ديرمر ونتنياهو هو كثرة اللقاءات بين الاثنين، بعيدا عن الحكومة"، وحسب المعلومات التي تم الحصول عليها، فقد تم تسجيل 150 لقاء ومكالمة هاتفية بين الاثنين خلال الأشهر العشرة الماضية، وهذا يعني الاجتماع يوميا تقريبا، وهو رقم أعلى بكثير مقارنة بوزراء الحكومة الآخرين، ويشكو وزراء الليكود من أن رئيس أركان نتنياهو يمنعهم في كثير من الأحيان من مقابلة رئيس الوزراء، لكن ديرمر لا يعاني من هذه المشكلة.
وإلى جانب سلسلة طويلة من المحادثات مع أعضاء مجلس الشيوخ والسفراء والقادة الدبلوماسيين، هناك معلومات عن عدة رحلات جوية توثق سفره واتصالاته مع الولايات المتحدة، وفقا لتقرير موقع "يسرائيل هيوم"، وتقول هذه الصحيفة الصهيونية في هذا الصدد: "دعونا نتذكر أن نتنياهو لم تتم دعوته إلى البيت الأبيض لفترة طويلة بسبب موضوع الإصلاحات القضائية، ولم يكن مبعوثه هناك سوى رون ديرمر، وإن أول رحلة مسجلة في المعلومات التي تم الحصول عليها هي من يناير 2023، عندما طار ديرمر سرا في الـ 22 من يناير إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وحسب هذه المنشورات فإن الهدف من هذه الرحلة هو الدفع قدماً بلقاء رئيس الوزراء في أبو ظبي مع بداية حكومة نتنياهو الجديدة، وفي الأيام التي تلت تلك الرحلة، ظل جدول عمل ديرمر سرا، وكانت الملاحظات المتعلقة بمهمة ديرمر تقول: "الأمن القومي".
ومن رحلاته المسجلة الأخرى كانت في أوائل شهر مارس، عندما ذهب ديرمر إلى واشنطن مع هونغبي لمناقشة قضية البرنامج النووي الإيراني، وفي بداية شهر مايو تم تسجيل الرحلة رقم ey594 دون ذكر أي تفاصيل أخرى، يُظهر الفحص السريع أن هذه هي رحلة طيران إلى الإمارات العربية المتحدة.
وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، سافر ديرمر مرة أخرى إلى واشنطن مع رئيس مجلس الأمن الداخلي، حيث ورد أن الجانبين ناقشا تعزيز التطبيع مع المملكة العربية السعودية، وهناك رحلة أخرى مماثلة إلى الولايات المتحدة في أوائل أغسطس، حيث ناقش ديرمر المملكة العربية السعودية والتحالف الدفاعي الإقليمي مع وزير الخارجية الأمريكي بلينكن وكبير مستشاري بايدن جيك سوليفان".
الملقب بـ "رجل نتنياهو في واشنطن"
ويكتب موقع معاريف عن منصبه في إدارة العلاقات بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة: "آخر شخص مسموح له بالتدخل والتصرف في مجال العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة هو رون ديرمر، وهذا ليس مجرد تقييم تخميني، بل هو استنتاج ضروري ولا مفر منه لمن يدرك أسلوب الإدارة والأهداف التي حاول تحقيقها خلال فترة عمله سفيراً لإسرائيل في واشنطن بين 2013-2021".
والنقطة المهمة التي يشير إليها هذا الموقع الصهيوني هي مكانته كصهيوني في أمريكا، وتكتب معاريف في هذا الصدد: في ذلك الوقت كان لقبه الشائع والشعبي هو "رجل نتنياهو في واشنطن"، وتجدر الإشارة إلى أنه حسب موقع "واينت" كان من المفترض أن تكون مدة إقامته في الولايات المتحدة ثلاث سنوات، لكن بسبب دونالد ترامب أثناء رئاسته تمت زيادة مدة عمله سفيرا إلى سبع سنوات وحتى نهاية رئاسة بايدن، لقد كان سفيراً وبقي الكيان الصهيوني في أمريكا.
وبصرف النظر عن أن ديرمر كان يعتبر الممثل الخاص لنتنياهو في البلاد عندما كان في الولايات المتحدة سفيرا للكيان الصهيوني، وذلك بسبب أصله الأمريكي ودعمه للحزب الجمهوري، فقد كانت تربطه علاقة خاصة مع دونالد ترامب، وقد سهّلت هذه القضية على الصهاينة التشاور والضغط مع الحكومة الأمريكية في ذلك الوقت فيما يتعلق بالخطط الإقليمية، بما في ذلك الخطط المناهضة لإيران.
كان رون ديرمر سفيرا للكيان الصهيوني في الولايات المتحدة الأمريكية لمدة 7 سنوات ونصف، وخلال إقامته في الولايات المتحدة كسفير للكيان الصهيوني، وخاصة خلال رئاسة ترامب، جرت عدة أحداث مهمة في مجال القضايا الإقليمية، وهي نقل عاصمة الكيان الصهيوني إلى القدس المحتلة، والاعتراف بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان، واتفاقيات السلام الإبراهيمية، وانسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة، واغتيال الجنرال قاسم سليماني، وجميعها تعتبر مشاريع مشتركة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في غرب آسيا.
وكتب موقع إسرائيل هيوم بوضوح عن إنجازات الكيان الصهيوني خلال فترة وجوده في أمريكا كسفير: "كان وجوده طويل الأمد في واشنطن كسفير لإسرائيل مليئًا بالإنجازات التاريخية، حيث تم اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، واعتراف أمريكا بسيادة إسرائيل على الجولان، وتعريف المستوطنات كمسألة قانونية، والدفع بصفقة القرن، والتوقيع على اتفاقيات أبراهام، والانسحاب من الاتفاق النووي الأمريكي مع إيران، والإفراج عن جوناثان بولارد، واتفاقية المساعدة الأمنية مع إدارة أوباما، والاتفاق على شراء ملايين اللقاحات من شركة فايزر - وهذه ليست سوى بعض النقاط البارزة التي لعب فيها ديرمر دورًا حاسمًا".
رون ديرمر، على الرغم من العلاقة التي كانت تربطه بالسياسيين الأمريكيين، الديمقراطيين والجمهوريين، باعتباره سفيرا للكيان الصهيوني، إلا أن نوعية علاقته مع ترامب ورجال الدولة في حكومته كانت على مستوى خاص جدا، وهذا الموضوع جعل له جسراً أصبح صلة مهمة وآمنة وخاصة بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في زمن ترامب، ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار رون ديرمر بمثابة الصندوق الأسود للعديد من الأحداث والتطورات التي تشهدها المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية.
شيء آخر مهم يجب ذكره عن ديرمر هو وجهة نظره وإطاره الفكري، حيث يصف آرييل كاهنا، المحلل والصحفي الصهيوني البارز، في التقرير الذي كتبه عنه وجهة نظره على النحو التالي: مثل نتنياهو، يتمتع رون ديرمر بنظرة عالمية محافظة ومتحفظة.
رون ديرمر، الرابط والمنسق بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لاغتيال الحاج قاسم
وبتلخيص كل النقاط المذكورة أعلاه، يتضح لماذا نطلق على ديرمر اسم الصندوق الأسود للمخططات المشتركة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني في المنطقة، ويمكن القول إن جزءاً كبيراً من أهم التطورات التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة، وخاصة فيما يتعلق بإيران، حدث في عهده، وقد لعب رون ديرمر دورًا مهمًا في البرامج المشتركة المناهضة لإيران للكيان الصهيوني والولايات المتحدة، بما في ذلك الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة واغتيال الجنرال سليماني.
بعد مرور عامين على عملية اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، اعترف "تامير هيمان"، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية للكيان الصهيوني، بأن تل أبيب "لعبت دورًا" في هذه العملية التي نفذت قبل عامين بقيادة الولايات المتحدة، وذكر اغتيال سردار سليماني كإحدى "عمليتي الاغتيال المهمتين والكبيرتين" خلال فترة توليه هذا المنصب، وكتبت صحيفة جيروزاليم بوست أن هذه هي المرة الأولى التي يؤكد فيها مسؤول كبير في الكيان الصهيوني دور "إسرائيل" في هذه العملية.
منذ أن كان رون ديرمر، الملقب بـ "رجل نتنياهو في واشنطن"، حاضرا في الولايات المتحدة كسفير ومقرب من بنيامين نتنياهو أحدث اتصالا خاصا بين الولايات المتحدة والصهاينة أثناء التنسيق والتخطيط لعملية اغتيال قاسم سليماني بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وحسب مصادر باللغة العبرية، فهو مسؤول عن تنسيق كل القضايا والبرامج المتعلقة بالعلاقات والخطط المشتركة مع الولايات المتحدة من قبل نتنياهو، ويمكن فهمه من مسألة من يقوم بالتنسيق بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وقد لعب دورًا في الإعداد لخطة اغتيال الحاج قاسم سليماني.
